تحت عنوان "قلق إسرائيلي من اقتراح أميركي لفرض حماية عسكرية على الضفة وغزة" نقلت الشرق الأوسط قلق مسئولين إسرائيليين من تفاقم الأزمة مع الإدارة الأمريكية التي بلغت "الخط الأحمر" حسب تعبيرهم فيما ذكرته الصحيفة، ونقلت الصحيفة كذلك ومن جلسات خاصة لأولئك المسئولين كانت الصحيفة حاضرة فيها إشاراتهم إلى تقرير كان قد رفعه الجنرال ديفيد بيترايوس، قائد القوات الأمريكية المرابطة في الشرق الأوسط، إلى الرئيس اوباما طالبا "أن يأمر بوضع قطاع غزة والضفة الغربية تحت حماية الجيش الأمريكي" وقال فيه إن إسرائيل تحولت من "كنز للولايات المتحدة إلى عبء" .
التعليق:
ما يجرى في الآونة الأخيرة يعطي صورة واضحة تماماً لمن لم تتضح لديه الأمور بعد عن طبيعة الدور الذي يقوم به رجالات "السلطة الفلسطينية"، الأمريكان يتكلمون في تقاريرهم عن وضع الضفة وغزة تحت حماية الجيش الأمريكي، أي بمعنى احتلال الضفة وغزة، وكأّنهما ينقصهما احتلال الجيش الذي يذبح إخوانهم في العراق وأفغانستان، وواضح كذلك من الطريقة التي يتكلمون فيها وكأنّهم يتكلمون مع أنفسهم عن شأن أمريكي بحت، بمعنى آخر يتكلمون وكأنّه لا وجود لما يسمونه هم أحيانا بـ"القيادة الشرعية للشعب الفلسطيني " . والصحيح أنّ هؤلاء فعلاً لا وجود لهم، فهم ممثلون فعلا ولكن ليس بمعنى موكلين من قبل الناس، وإنّما هم ممثلون بمعنى أنهم يمثلون على الناس دور القيادات تمثيلا لا حقيقة، فأمريكا تحرك المفاوضات وتحتضنها وتشرف عليها، والمفاوضات غير المباشرة بالنسبة لرجالات السلطة هي مفاوضات مباشرة بين أمريكا ويهود.
أمريكا صارت هي "الوكيل الحصري الرسمي" للشأن الفلسطيني الذي وكلته الأنظمة العربية وكذلك وكلته السلطة للمطالبة بـ"حقوق الشعب الفلسطيني" ، وها هو الكلام الآن بات علنياً وعلى لسان الأمريكان أنفسهم بأن تلك المفاوضات تتعلق بمصالح أمريكا والتي يطالها الضرر من بطء المفاوضات وتأخر تصفية القضية الفلسطينية، وصار الكلام عن أزمة بين أمريكا و" إسرائيل " من أجل ذلك، وليس من أجل رفع الظلم عن الشعب الفلسطيني كما يروج المضللون الأتباع، وها هم الأمريكان الآن يتكلمون عن وضع الضفة وغزة تحت وصاية الجيش الأمريكي .
إنّ السلطة ورجالاتها لم يعودوا طرفاً في شيء بل هم لم يكونوا كذلك يوما ماً، إلا تمثيلاً مسرحياً، فهم ليسو أكثر من غطاء، هم وما يسمونه بـ"الأنظمة المعتدلة"، لتتصرف أمريكا في القضية الفلسطينية وتسخرها لمصالحها وإحكام سيطرتها على المنطقة، ولذلك ليس مستغرباً حرص أمريكا على دعم هؤلاء ومحاولاتها إعطائهم الشرعية بالانتخابات.
ومع أنّ الكلام عن وضع الضفة وغزة تحت حماية الجيش الأمريكي ربما يكون حتى اللحظة مجرد كلام في تقارير، إلا أنّه ليس من المتوقع من هؤلاء سوى الترحيب والموافقة إذا صار النقاش فيه جدياً شأنهم شأن "كرزاي" أفغانستان و "مالكي" العراق.
 رجالات السلطة يكثرون الكلام خلال المناكفات الفصائلية عن ما يسمونه بالأجندات الإقليمية وغير الوطنية وانتقادها، ولكن الذي يظهر أنّ أجنداتهم "الوطنية" قد تماهت مع مشاريع أمريكا ومصالحها وصارت تشكل برنامجاً واحداً، وليس مستبعداً بالنسبة لهم أنّ يصبح وضع الضفة وغزة تحت حماية الجيش الأمريكي "مطلباً وطنياً" و "مصلحة فلسطينية عليا".
21/3/2010