تعليق صحفي

الفساد يسربل السلطة من رأسها حتى أخمص قدميها

نشر موقع عربي 21 تقريرا مترجما عن موقع "ميدل إيست مونيتور" البريطاني بعنوان (محسوبية بالضفة...وظائف جاهزة لأقارب مسؤولي السلطة) تحدث فيه عن انعدام تكافؤ الفرص في العمل في فلسطين، حيث يعاني الشباب من نسب بطالة مرتفعة.

ويرصد التقرير تعيين أنس الهباش، نجل محمود الهباش قاضي القضاة ومستشار عباس للشؤون الدينية، وكيل نيابة فور تخرجه من الجامعة، وقد أغضب هذا التعيين الكثير من الفلسطينيين. وكذلك تعيين ابنتي الهباش شيماء وإسراء في مناصب عليا.

ويوثق هذا التحقيق تعيين 71 من أفراد عائلات مسؤولي السلطة الفلسطينية في مناصب إدارية ودبلوماسية مرموقة (23 منصبا دبلوماسيا و48 منصبا حكوميا) خلال العقد الماضي. ورسائل التعيين الواردة في هذا التقرير نُشرت إما في الجريدة الرسمية الفلسطينية "الوقائع" أو سُرّبت إلى وسائل الإعلام.

وذكر التقرير أن بشار فرج، نجل ماجد فرج، رئيس جهاز المخابرات العامة الفلسطيني، عُيّن في منصب المدعي العام على الرغم من فصله من قبل أكاديمية شرطة دبي لتجاوزه عدد الغيابات المسموح به أثناء مزاولته الأكاديمية الممولة بمنحة من دولة الإمارات العربية المتحدة. كما عُيّنت أمل فرج زوجة ماجد فرج نائبا لرئيس ديوان الرقابة المالية في الدولة سنة 2017. كما تم تعيين ابن شقيق حسين الشيخ عضو اللجنة المركزية لفتح، وائل الشيخ، نائبا لمدير عام وزارة الصحة. بالإضافة إلى ذلك، تم تعيين مها عواد، شقيقة وزير الصحة الأسبق جواد عواد، مديرة لوحدة صحة المرأة في الوزارة.

وذكر الموقع أن الأزمة المالية التي ضربت السلطة الفلسطينية جراء جائحة فيروس كورونا أدت إلى تجميد الرواتب في معظم القطاعات الحكومية. لكن هذا التقرير يُظهر أن أفراد عائلات المسؤولين الفلسطينيين المعينين في وظائف حكومية جديدة يشكلون 15 بالمئة من إجمالي التعيينات الموثقة في هذا التقرير على مدى السنوات العشر الماضية.

وحتى نهاية تشرين الأول/ أكتوبر 2020، أعلن مجلس شؤون الموظفين العام عن وجود 7 وظائف شاغرة فقط معظمها بعقود مؤقتة. وفي نفس السنة تم تعيين أو ترقية 11 فردا من أقارب مسؤولي السلطة الفلسطينية إلى مناصب حكومية ودبلوماسية مختلفة. للاطلاع على التقرير كاملا اضغط هنا

يفيض التقرير بذكر الفساد المستشري في أروقة السلطة ويُظهر مدى استئثار فئة قليلة مسترزقة بأموال الناس وبالوظائف الهامة لصالح ما بات يعرف بـ(عظام الرقبة)!

إن هذا السلوك الشائن والفاسد هو ما تبقى مما يسمى بالمشروع الوطني الذي بات مشروعا استثماريا يسعى فيه أزلام السلطة لتحصيل أقصى ما يمكنهم من أموال ومصالح وامتيازات وكل ذلك لقاء ما قدموه ويقدموه للكافر المستعمر من تنازل عن الأرض والعرض والمقدسات، وبعبارة أخرى هو ثمن خيانتهم.

إن هؤلاء ليسوا من جنس أهل فلسطين ولا يعيشون معاناتهم، ومن يشاهد قصورهم في رام الله وتصاريحVIP التي يمنحها لهم الاحتلال وسياراتهم الفارهة ومواكبهم وحرّاسهم، يدرك أنهم عندما يتحدثون عن معاناة الناس وما يكابدونه جراء الاحتلال، إنما يؤدون أدواراً تمثيلية.

إن السلطة قد أسست على باطل والفساد صفة أصيلة فيها، ولازمة من لوازم دورها الخياني الذي لا يؤديه إلا فاسد وخائن، فالذي تنازل عن ثلثي فلسطين، ورضي بالتنسيق الأمني واعتبره مقدساً، لا يمكن إلا أن يكون فاسدا، ولا يستبعد عنه أي خسيسة.

إن السلطة بخيانتها وفسادها السياسي والمالي باتت عبئا يثقل كاهل أهل فلسطين ومعيقاً أمام ثباتهم على هذه الأرض بل سيفا مسلطاً على رقابهم، ولعل حادثة اغتيال نزار بنات كشفت الغمة عن وجه هذه السلطة القبيح، وكشفت كيف أن أزلامها المستأثرين بالمصالح والامتيازات على استعداد تام لقتل كل من يفضح خيانتهم وتآمرهم.

إن أهل فلسطين قد اكتووا بلظى السلطة، وبات محتماً عليهم الوقوف بقوة في وجهها وتعرية سياساتها وعدم قبول مشاريعها، وإلا كانت النتيجة مزيداً من المعاناة والفقر والفساد بل وحتى القتل.

26-6-2021