دعا محمود عباس السلطة الفلسطينية الذليلة إلى إسقاط خيار الكفاح نهائياُ، فقد صرح لصحيفة لجارديان البريطانية بأنه : " لن تكون هناك أي عودة للنضال المسلح لأن ذلك سيدمر أراضينا وبلدنا " على حد زعمه.
 
وشدد على موقفه هذا مؤكدا على أنه : " لن يُسمح بأي عودة إلى المقاومة المسلحة ".
 
فاستخدامه لحرف لن يريد به لغة ترسيخ مفهوم إلغاء الجهاد والقتال ضد كيان يهود إلى الأبد والاستعاضة عن الجهاد والقتال هذا بمفهوم المفاوضات الدائمة ولو كانت عقيمة.
 
وقد أظهر عباس لهفته على العودة إلى طاولة المفاوضات ولو بتقديم أفدح الأثمان. ومن آخر عروضه الرخيصة للعدو اليهودي القبول بإجراء المفاوضات المباشرة معه مقابل تجميد الاستيطان لمدة ثلاثة أشهر فقط.
 
لكن مطلبه هذا استخف به رئيس وزراء دولة يهود ورفض مجرد الخوض في تجميد الاستيطان في مدينة القدس التي اعتبرها العاصمة الأبدية للدولة اليهودية.
 
ويبدو أن عباس سيلتزم بمبادرة المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل التي تدعو إلى عودة المفاوضات بين الفلسطينيين (والإسرائيليين) من دون أي اشتراط لتجميد الاستيطان.
 
وكشف عباس في مؤتمر صحفي عقده في العاصمة الألمانية برلين مع المستشارة أنجيلا ميركل وقال بأنه سيرد على ورقة ميتشل بعد استشارة الدول العربية.
 
وتدل كل المؤشرات على أن عباس سيلتزم بأوامر ميتشل التي أُطلق عليها ورقة " طُرق بدء المفاوضات ".
 
ومن أهم هذه الطرق التي وضعتها الإدارة الأمريكية أن يقوم الجانب الأمريكي بالتفاوض نيابة عن السلطة الفلسطينية مع الجانب ( الإسرائيلي) أي أن تكون المفاوضات غير مباشرة بين الطرفين ريثما يجدوا مبررات لعودة المفاوضات المباشرة بينهما يقنعون بها الرأي العام الساخط على السلطة ورجالها.
 
إن موقف رئيس السلطة المتخاذل من طريقة الكفاح المسلح والجهاد، وتصميمه على عدم العودة إليها وتمسكه الغريب بالمفاوضات التي ثبت للجميع عبثيتها إن هذا الموقف المريب يؤكد على أن عباس هذا ليس وارداً عنده تحرير الأرض ولا طرد المحتل منها، وجُلّ هدفه أن يعمل على تأمين مصالح أمريكا في المنطقة ومن أهمها الحفاظ على أمن يهود.
 
لكن ليعلم عباس وجميع من يؤازره من الخونة من حكام عرب ومسلمين أن مسألة إلغاء الجهاد والقتال ضد أشرس أعداء الأمة مسألة غير واردة في عقلية أبسط رجل مسلم، فالجهاد والقتال هو ذروة سنام الإسلام وأحد أهم ركائزه، ولا يستطيع أي إنسان وتحت أي ذريعة أن يُقدِم على إلغاء الجهاد تحت أي ظرف من الظروف وأما اعتباره بأن الكفاح المسلح يؤدي إلى (تدمير الأراضي والبلد) كما زعم فهذا هو الاستسلام بعينه، وتلك خطيئة لا يجوز لمسلم أن يرتكبها بل ولا يفعلها إلا خائن لدينه وأمته ووطنه.
 
على أنه قد سبق لحفنة من الحكام العرب والمسلمين الخونة أن فعلتها واجمعوا على نبذ الجهاد في مؤتمر داكار بالسنغال وذلك أكثر من عشرين عاماً. فماذا كان رد الأمة على خيانتهم القبيحة تلك؟
 
لقد كفرت بهم شعوبهم واحتقروهم وعاملوهم كعملاء مجرمين ونبذوهم نبذ النواة وسجّلهم التاريخ في صحائفه السوداء.
 
إن مثل هذه الخيانات الفظيعة التي تمكن الأعداء من رقاب المسلمين ستسرع ولا شك في إسقاط من ارتكبوها، وستعجّل بإذنه تعالى من ولادة دولة الإسلام التي ستعمل جاهدة على تجريد الجيوش الجرارة لجهاد الأعداء، ولتحرير الأوطان ولرد اعتبار الشعوب العربية والإسلامية التي استوطن فيها عملاء الاستعمار ردحاً طويلاً من الزمان، وذلك باقتلاعهم من عروشهم وتحطيم أنظمتهم وتطهير البلاد من رجسهم ودنسهم.