تعليق صحفي

حظر الأسلحة النووية...معاهدات الذئاب مع الخراف

   في خبر أوردته وكالة معا ذكرت أن وزير خارجية السلطة شارك في "معاهدة حظر الأسلحة النووية، إلى جانب عدد من وزراء خارجية الدول الأعضاء في المعاهدة الدولية، بالإضافة إلى أمين عام الأمم المتحدة وممثلي المنظمات الأممية الحكومية وغير الحكومية، وممثلي ضحايا الأسلحة النووية ". كما ورد في سياق الخبر أن د. رياض المالكي عبر عن فخر دولة فلسطين بمشاركتها في صياغة المعاهدة التاريخية لحظر الأسلحة النووية، وبأنها من أوائل الدول التي صدقت عليها، وأنها انضمت إلى جميع الاتفاقيات التي تحظر أسلحة الدمار الشامل".

   في تأبيد للهيمنة والعدوان والتسلط وتأكيد للاستضعاف والاستخفاف من قبل الدول الكبرى، تقام معاهدة حظر الأسلحة النووية التي يفاخر وزير خارجية السلطة بالمشاركة فيها، وقد  أبرمت من قبل كذلك الاتفاقيات التي تُحرّم على الدول امتلاك أي سلاح نووي وذلك في  الوقت الذي لا تزال فيه الدول الكبرى تحتفظ بالترسانات الضخمة من الأسلحة النووية والآلاف من القذائف الاستراتيجية العابرة للقارات، بل ولا زالت تطور من تلك القدرات الصاروخية وغيرها من أنواع الأسلحة الرهيبة، بما يحقق متطلبات الردع في عالم الأقوياء وبما يحقق  لوازم الهيمنة على الدول والشعوب المستضعفة، وذلك لضمان استمرار خضوعها وبقائها ضعيفة، مما يمكن من السيطرة عليها ومص دمائها ونهب خيراتها، وفي منطق مقلوب بين ذئاب وخراف فإن الحجة في ذلك هي المحافظة على أمن "الإنسانية" وسلامة البشرية!مع أن المشاهد المحسوس هو أن من يملك السلاح النووي هي الدول التي كانت ولا زالت تمارس العدوان على الشعوب وتقتل البشر وتهلك الحرث والنسل وعلى رأسها أمريكا.

  إن حفظ الأمن لا يكون بالتخلي عن أسباب القوة، بل يكون بامتلاكها ليتحقق إرهاب العدو و ردعه، وإنه لا شيء يغري القوي المتسلط على العدوان كضعف الضعيف وخضوعه، بل إن المرة التي تم فيها استعمال القنابل النووية هي المرة التي لم تكن في وقتها الأسلحة النووية قد انتشرت، عندما امتلكتها وانفردت بها أمريكا التي تمثلت فيها وحشية الرأسمالية و خطرها على البشر، و لعله ما صار يردع أمريكا بمبدئها المتوحش من أن تكرر الأمر إلا لأن الدول الكبرى سارعت لامتلاك ذات الأسلحة وامتلكتها.

  وإن الأمة الإسلامية وهي الأمة التي اجتباها الله لحمل رسالة الإسلام للناس كافة، و نشر رسالة الرحمة للعالمين، فإن من مقتضيات ذلك التكليف أن تمتلك من أسباب القوة أعلاها ومن الأسلحة أقواها لتقوم بدورها في إنقاذ البشرية من ضلال الرأسمالية وظلماتها ومن ظلم الدول الكبرى وتسلطها وإجرامها، ومن ذلك امتلاك السلاح النووي لا لمجاراة الدول النووية في طغيانها بل لدفع إجرامها ورد عدوانها.

 وإن الأمة الإسلامية كذلك هي أحوج ما تكون لامتلاك أعظم الأسلحة الرادعة وذلك لحفظ أمن أبنائها الذين تسفك دماؤهم وتزهق أرواحهم على يد دول الإجرام النووية بالذات كما حصل في أفغانستان والعراق والشيشان وكشمير ومالي وكما هو في فلسطين وغيرها من بلاد المسلمين. لأجل هذا كله كان عليها أن تسعى لامتلاك كل ما يردع ويرهب من سلاح نووي ومن غيره، وهي قادرة على ذلك عندما يزول عنها حكم الخراف العملاء من الحكام، وستسعى الدولة الإسلامية القائمة قريبا بإذن الله لذلك . قال تعالى (وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ).

   أما بالنسبة "للسلطة الفلسطينية" فإنها بمشاركتها في تلك المعاهدة إنما تجلب السخرية لنفسها، ولا تستخف إلا بذاتها وهي تشارك في معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية مع أنها لا تملك من الطاقة إلا طاقتها في التنكيل باهل فلسطين، ولا تملك من الأسلحة إلا هروات وبنادق مما يلزم للقيام بذلك، تلك البنادق والعصي التي عجزت عن ردع قطعان من جبناء المستوطنين وهم يدمون وجوه الأطفال قبل أيام، ولعل دافعها –أي السلطة- في التوقيع ليس إلا بحثا عن موقع يدرجها في جدول بين أسماء الدول أو موقع على الخرائط  حتى لو كانت نقطة لا أكثر.

22-1-2021