سيراً على خطى الدول الغربية الرأسمالية في نهب أموال الفقراء وصناديق تقاعدهم ومدخراتهم لصالح حيتان رأس المال وشركاتهم، على غرار برامج الإنقاذ التي تبنتها الإدارة الأمريكية ولم تكن سوى تحويل لأرصدة الفقراء والعامة لصالح كبرى الشركات الرأسمالية هناك، فقد أعلن وزير الإقتصاد في السلطة الفلسطينية  أن وزارته تبحث في إمكانية انشاء صندوق وطني لإنعاش الشركات المتعثرة، وإنشاء وحدة في الوزارة لمتابعة الشركات وأوضاعها وميزانياتها وتحليل هذه الميزانيات.
 
إن من نافلة القول أن السلطة الفلسطينية سلطة هزيلة لا اقتصاد لها، فهي مجرد أداة للتسول وأداة للمكس وجباية أموال الفقراء وسلبها، والعجز الذي يخيّم على ميزانيتها المزعومة مؤشر على ذلك، بل إن الواقع المعاش والحوادث التي شهدها أهل فلسطين والعالم أن انقطاع المعونات والأعطيات الغربية والتحويلات المالية (الإسرائيلية) للسلطة أدى إلى قطع رواتب الموظفين العموميين لديها يؤكد حقيقة هشاشة السلطة واقتصادها المزعوم، فعن أي صندوق إنعاش تتحدث السلطة؟!! ومن أين سيأتون بأمواله؟!! ومن هي الشركات التي ستستحق (أو تجني) تلك الأموال؟!!
 
إن السلطة لدى القائمين عليها - من جهة - هي مشروع استثماري يدر عليهم الأرباح وأموال السحت والإمتيازات التجارية من كبيرهم إلى صغيرهم، ولا أدل على ذلك من فضيحة صفقة الخلوي لصالح ابن عباس والتي كان ثمنها طلب السلطة تأخير التصويت على تقرير غولدستون، ومن قبلها فضيحة تزويد يهود بالأسمنت لبناء الجدار، وغيرها من ملفات الفساد التي أزكمت الأنوف، والمخفي أعظم،
 
 فالسلطة وفق معايير القائمين عليها وجدت لتربي أموالهم وثرواتهم وتزيدهم غنى فوق غناهم، وما دعاوى وشعارات الوطنية والقضية وغيرها سوى أكاذيب وخداع وشروط لاستكمال مهمتهم الدنيئة في التآمر على القضية وأهلها، فالسلطة لم تكن يوماً لتسهر على راحة أهل فلسطين وعلى تأمين الحياة الهنيئة لهم، بل وجدت لتجعل مستوى معيشتهم ينحدر من سيء إلى أسوأ ليكون ذلك ضغطاً عليهم ليقبلوا بمشاريع الإستسلام والهزيمة التي تحاول السلطة تسويقها باسم المفاوضات وعملية السلام.
 
إن السلطة تسعى جاهدة لجني أموال عامة الناس وتسخيرها لصالح كبار الرأسماليين والمتنفذين فيها، والذين يمالؤونها في مشاريعها السياسية الدنيئة، فمال هذا الصندوق لن يكون من الحسابات البنكية المكدسة لكبار رجال السلطة أو من ثرواتهم التي تلقوها من الكافر المستعمر جراء عمالتهم له، أو من أموال الاحتكارات التي يسيطرون عليها، بل سيكون مصدرها جيوب الناس الفقراء وستصرف لصالح كبرى الشركات التي يمتلكها المتنفذون الأغنياء.
 
إن السلطة الفلسطينية -كحال نظيراتها من الأنظمة التابعة للكافر المستعمر في العالم الإسلامي- هي سلطة جباية لا رعاية وسلطة إفقار لا غنى وسلطة تسلط وقهر لا سلطة عدل وإنصاف، ولا أدل على ذلك من الجباية المكثفة التي تمارسها السلطة بصورة متزايدة مؤخراً من التجار والناس وبشكل إجرامي على نمط قاطعي الطرق، فالضابطة الجمركية ومخالفات السير باتت كابوساً يلاحق الناس والتجار وتقض مضاجعهم وتسهم في تحويل حياة الناس إلى جحيم.
 
إن ما يعانيه عامة أهل فلسطين من ضنك العيش وسوئه ليس سوى ثمرة مرّة من شجرة خبيثة، وسيبقى طعم المرارة في أفواههم ما لم يلفظوا تلك الثمرة لفظ النواة، وستبقى ثمارهم مرّة ما لم يجتثوا أصل تلك الشجرة الخبيثة.
 
 يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله
8-1-2010