تعليق صحفي

المساعدات الأمريكية لأجهزة السلطة الأمنية...ثمن لحفظ أمن يهود!

في مطلع تشرين الأول وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على قانون قدمه الكونغرس الأمريكي تحت عنوان "تعديل قانون مكافحة الإرهاب"، وينص القانون على أن أي كيان دولي يتلقى أية مساعدة مالية من الولايات المتحدة، سوف يخضع لمطالبات المحكمة الأمريكية، وهذا يشمل السلطة الفلسطينية التي رُفع عليها العديد من القضايا في السنوات الأخيرة (على خلفية مقتل أشخاص يحملون الجنسية الأمريكية خلال عمليات في الانتفاضة الثانية)، ولكن المحكمة العليا قامت برد القضايا لأن النظام القضائي للدولة لا يملك سلطة فرض غرامات على السلطة الفلسطينية.

ومن المعلوم أن الولايات المتحدة استمرت بتقديم الدعم للأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية بعد أن أوقفت جميع أشكال المساعدات الأخرى ومنها المساعدات المقدمة للقطاع الصحي والمساعدات المقدمة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين.

فمثلاً قامت الإدارة الأمريكية بتحويل 61 مليون دولار إلى صندوق السلطة الفلسطينية خلال هذا العام، ولحساسية الأمر وأهميته فإن بند المساعدات الأمنية من ميزانيات الدعم الأمريكية للسلطة الفلسطينية هو الوحيد الذي يدفع مباشرة إلى صندوق السلطة الفلسطينية، ولكن مع اقتراب بداية عام 2019 والبدء بالعمل بحسب القانون الجديد والمعدل فإن هذه المساعدات للأجهزة الأمنية قد تصبح موضع تساؤل بحسب القانون، وكذلك يمكن رفع قضايا تعويض على السلطة قد تؤدي إلى وضعها في وضع مادي حرج.

وهذا يفسر ما ذكرته بعض الوكالات نقلاً عن وكالة الأنباء الأمريكية "إي بي" التي أوردت قبل يومين أن الإدارة الأمريكية طلبت من الجنرال أريك واندت، المنسق الأمني الأمريكي مع السلطة الفلسطينية، القيام باطلاع أعضاء الكونغرس على المخاطر والأضرار التي سيسببها القانون لقوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية.

ويتضح مما يحصل أن الولايات المتحدة تعمل على ايجاد مخرج لتفادي مخالفة القانون الذي قدمه الكونغرس وأقره ترامب، وتفادي إيقاف المساعدات الأمنية للسلطة الفلسطينية والإبقاء على هذا الشريان، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على مدى حرص الإدارة الأمريكية على استمرار المساعدات المقدمة إلى الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة، وعلى مدى أهمية هذه المساعدات للإدارة الأمريكية كونها تستخدم لحفظ أمن يهود من خلال التنسيق الأمني "المقدس" بحسب وصف رئيس السلطة، وكون هذه الأجهزة تقدم خدمات أمنية واستخباراتية للمستعمرين خارج فلسطين!.

قد تجفف أمريكا بعض المساعدات كما حصل خلال العام الجاري، وقد تحاول أوروبا تعويضها من باب التنافس الاستعماري، إلا أن الأمر الذي يتفق عليه الطرفان هو أهمية حفظ أمن كيان يهود -وهو ما يؤكده رؤساء تلك الدول في كل اجتماع مع قادة كيان يهود- ولذلك لا تجد هذه المساعدات محل خلاف حتى بين الدول الكبرى كونها تسهم في تحقيق هذا الهدف.

لقد بات واضحاً لأهل فلسطين أن السلطة ما هي إلا أداة لتصفية قضية فلسطين وحفظ أمن يهود، فإن قُدمت لها المساعدات فهو لهذا الهدف، وإن جففت فهي أيضاً لذات الهدف، ومقدار السلطة في ميزان الدول الكبرى مرهون بمقدار خدمتها لتلك الدول ومشاريعها ومخططاتها، وما الأجهزة الأمنية التابعة لها وقمعها لأهل فلسطين وخدمتها للمحتلين والمستعمرين إلا الجزء الأسوأ في هذه السلطة، وسيف مسلط على رقاب أهل فلسطين.

 آن لأهل القوة والمنعة وجيوش الأمة التحرك عاجلاً لتحرير فلسطين من المحتلين وتخليصها من أيدي العابثين والمتآمرين، لتعود الأرض المباركة لحياض المسلمين عزيزة منيعة يعلو مآذنها التكبير وترفرف فيها راية التوحيد.

3-12-2018