تعليق صحفي
هذا حال كل من رضي لنفسه أن يكون عميلا للاستعمار عدوا لأمته ولدينه
لم يصدر عن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أي بوادر تشير إلى سحبه الدعم عن ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، رغم تزايد الأدلة على تورطه في مقتل الصحفي جمال خاشقجي، وتصاعد المعارضة على سياسة الرئيس داخل الحزب الجمهوري. واستمر ترامب في التعبير عن الشك من تورط ولي العهد قبل صدور تقرير متوقع بشأن استنتاجات المخابرات المركزية حول وفاة الصحفي جمال خاشقجي، الذي يقال إن ولي العهد أصدر الأمر بقتله. ولم يعلق ترامب بشكل واضح عندما سئل في مقابلة "فوكس نيوز صنداي" حول احتمال أن ولي العهد قد كذب عليه عندما نفى تورطه في وفاة خاشقجي إذ قال: "لا أعرف، من يعرف، من يستطيع أن يعرف حقا، ولكن يمكنني أن أقول إن لديه الكثير من الأشخاص الذين قالوا إنه لم يكن يعلم بما حدث". (القدس العربي).
لا شك أن قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي احتلت حيزا كبيرا من الإعلام طوال المدة الماضية منذ اختفائه في الثاني من تشرين الأول/أكتوبر لا سيما في الإعلام الأوروبي والبريطاني والتابع له كقناة الجزيرة، على نحو كان واضحا منذ البداية بأن المقصود منه أو غايته الإطاحة بولي العهد السعودي، الحاكم الفعلي الحالي محمد بن سلمان، من الحكم. ورغم كل الإجراءات والتصريحات التي صدرت عن النظام السعودي والإدارة الأمريكية صاحبة المصالح والنفوذ في السعودية والعلاقة القوية مع ابن سلمان، باتجاه محاولة تضليل بوصلة الأوروبيين والإنجليز وحرفها عن ابن سلمان باتخاذ أكباش فداء أو إجراءات استرضاء أو إلهاء لعل أحدها يكون القمة الخليجية المرتقبة بالرياض بحضور قطر، إلا أنّه من غير الواضح لغاية الآن إلى أي مدى ستجدي تلك المحاولات في تهدئة الخصوم أو استعادة الهدوء.
ولكن قبل كل شيء لا بد من الإشارة إلى أنّ الإعلام الغربي وأدواته في الإعلام العربي آخر اهتماماته حقوق الإنسان أو نصرة المظلومين، وأن الجهود المبذولة في هذا السياق لا تعدو صراعا بين الدول الاستعمارية على النفوذ والمصالح في بلاد المسلمين، فالظلم الذي يتعرض له المسلمون رجالا وأطفالا ونساء وشيوخا في الشام واليمن وتونس وليبيا ولبنان وآسيا الوسطى وروسيا والهند والصين أكثر من أن يحصى ولكن لا نشهد اهتماما به أو حملات لفضح الممارسات الوحشية بحق المسلمين لنصرة المظلومين هناك وفضح الحكام المجرمين! فلو كان الإعلام حقا يكره الظلم ويحب نصرة المظلومين وفضح المجرمين والدكتاتوريين لما شاهدنا هذا التفاوت الشاسع في الاهتمام وتسليط الأضواء. فمن يكره الظلم، يكرهه بحق كل الناس، لا بحق أناس دون أناس!
والأمر الآخر الذي يستحق أن نلتفت إليه هو مصير ابن سلمان، الذي يكاد المراقبون يقطعون بتعلقه بقرار الإدارة الأمريكية، فأي حال وصل إليه ذلك الحاكم المجرم الأرعن؟! فقد كشفت قضية مقتل خاشقجي عن مدى عمالة ابن سلمان وارتباط بقائه بقرار الإدارة الأمريكية، والحقيقة أنّ هذا ليس حال ابن سلمان وحده، بل هو حال كل حكام المسلمين العملاء الذين جاؤوا إلى كرسي الحكم بجهود ونفوذ الغرب، وتسلطوا على رقاب المسلمين بالقوة والنار، والغرب متى ينتهي من أي واحد منهم يلقيه على قارعة الطريق أو في غيابات السجون دون أن يكترث به وبما قدمه من خدمات.
نعم، لو كان حكام المسلمين عربا وعجما يعقلون لأدركوا أن خلاصهم يكون بولائهم لأمتهم ودينهم، وأن العمالة والارتماء في أحضان الغرب المستعمر مصيرها الخزي في الدنيا والآخرة.
21/11/2018