تعليق صحفي: منذ متى تُقدم التعازي إلى المتسبب في الفاجعة أيها المتآمرون؟!
التفاصيل
تعليق صحفي
منذ متى تُقدم التعازي إلى المتسبب في الفاجعة أيها المتآمرون؟!
أعرب العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني عن "حزنه وألمه وغضبه"، بعد مقتل 20 شخصا وإصابة عشرات آخرين، جرفتهم السيول في منطقة البحر الميت، مساء الخميس. وقال الملك عبد الله في حسابه الرسمي على موقع "تويتر"، الجمعة: "حزني وألمي شديد وكبير، ولا يوازيه إلا غضبي على كل من قصّر في اتخاذ الإجراءات التي كان من الممكن أن تمنع وقوع هذه الحادثة الأليمة". هذا وتلقى الملك عبد الله التعازي من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والشيخ محمد بن راشد، نائب رئيس دولة الإمارات والعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز ورئيس السلطة عباس والحكومة الفلسطينية.
رحم الله الفاروق عمر رضي الله عنه حين قال: "لو عثرت بغلة في العراق لسألني الله تعالى عنها: لِمَ لم تمهد لها الطريق يا عمر"، فسطر بذلك نهج التعامل مع مصالح الرعية، وخوفه من أي تقصير قد يضر بالرعية أو يفسد حالها، لا كحكام المسلمين اليوم يذرفون الدموع ويمررون الخطابات والشعارات الفارغة للاستهلاك الشعبي بعد فوات الأوان ودون أن يمارسوا أو يتخذوا إجراءات حقيقية لرعاية المصالح، مرة بحوادث قطار مميتة أو تصادم حافلات قاتل، ومرة بالغرق وانجراف الناس والبيوت في السيول، ومرة بزلزال مدمر، وفي كل مرة يتحدثون عن ضرورة اتخاذ إجراءات لضمان عدم تكرار الفاجعة ومحاسبة المسئولين!!
ففي دول الغرب ورغم فساد حال حكامهم إلا أنّ العوامل الطبيعية تعصف بالبلاد عندهم في اعصارات أو براكين أو زلازل أو موجات برد وأمطار مخيفة، ولا تخلف إلا بضعا من بضع ما تخلفه عوامل طبيعية بسيطة تحدث في بلاد المسلمين، حتى يكاد المرء يقول في نفسه لو أصاب بلادنا ما أصاب أمريكا أو اليابان أو أوروبا لما أبقت أحدا حيا، لأنّ المرء يرى كيف تتحول الشوارع في بلاد المسلمين إلى سيول والبيوت إلى خراب وتتعطل البلاد والمصالح عندما يضرب بلادنا منخفض فجائي أو غير متوقع، في حين يصيب بلاد الغرب أضعاف أضعافه دون أن تتعطل لديهم الحياة ولا يكون الحديث إلا عن أحاد الخسائر أو الإصابات!! وذلك لأنهم التفتوا قليلا إلى مصالح شعوبهم لاعتبارات مصلحية.
أما حكام المسلمين فمنشغلون بتدعيم وبناء عروشهم وحمايتها دون أن ينشغلوا بشيء من مصالح الناس، ثم يسارع الحكام لتعزية الملك عبد الله على مصاب المسلمين في الأردن مع أنه هو المسؤول الأول والمجرم الأكبر في حق البلاد وتلك العوائل. ولكن تعازي الحكام للملك أمر متوقع فهم متآمرون معه ومثله في التقصير والإجرام بحقوق الرعية.
إنّ أية مصيبة تصيب المسلمين هي مسؤولية الحاكم قبل أي فرد آخر، وهو من يجب أن يُحاسب عليها، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الإمام راع وهو مسؤول عن رعيته"، وهذه الفاجعة ما كانت لتحدث لو مهد ملك الأردن الطريق والجسور ومصارف المياه واعتنى بالبنية التحية لمعاش الناس اعتنائه بقصوره وعرشه، ولكن أنى لحكام عملاء أن يرعوا مصالح الناس أو يسهروا على خدمتهم!!
عجل اللهم لنا بخليفة راشد ينشر العدل ويحسن الرعاية ويسهر على خدمة العباد.
26/10/2018