بسم الله الرحمن الرحيم
النظام الأردني والسلطة الفلسطينية يوفران الغطاء للهيئات الكنسية الخارجية
في تسريبها أراضي فلسطين لليهود في حين إن تسريب شبرٍ منها للاحتلال خيانةٌ عظمى
في جريمة جديدة، تناقلت وسائل الإعلام خبر إبرام صفقة بيع أراضٍ تابعة للكنيسة الأرثوذكسية (اليونانية) في مدينة القدس تقدر مساحتها بنحو 500 دونم ونقل ملكيتها لليهود، وتأتي هذه الجريمة في ظل ما كشفه عضو المجلس الأرثوذكسي أليف صباغ عن وجود اتفاق فلسطيني أردني مع "بطريرك المدينة المقدسة كيريوس ثيوفيلوس الثالث"، بعدم التدخل في أي صفقة يُجريها داخل كيان يهود بما في ذلك المناطق التي يسيطر عليها، أي القدس، وأضاف صباغ "يفترض أن تعمل البطريركية بموجب قانون البطريركية ... ولكن هذا البطريرك يعمل كما يحلو له بغطاء سياسي فلسطيني وأردني وأنا مسؤول عن كلامي هذا" (موقع العربي الجديد، 30/6/2017)، وقد تحرك عدد من النواب في الأردن للتصدي لهذه الجريمة واعتبارها "خيانة عظمى"، لا سيما أنّ هذه الجريمة ليست الأولى من نوعها بل تُضاف إلى تاريخ هذه الكنيسة الأسود في تسريب العقارات والأراضي لليهود؛ منها تمليك يهود ألف دونم في قيسارية، وتسريب عقارات في ساحة عمر بن الخطاب في القدس، وتسريب أراض بين بيت لحم والقدس لصالح مستوطنة "أبو غنيم"، وتلك التسريبات كشف عنها العديد من شخصيات الطائفة الأرثوذكسية العرب الرافضين لها.
إن هذه الجريمة في التعامل مع أرض فلسطين كسلعة رخيصة من قبل هيئات كنسية خارجية تقف من ورائها دول استعمارية تسخّرها في تمكين يهود من الأرض وتهويد القدس، تضيف حلقة جديدة في سجل الجرائم المتكررة التي ارتكبتها هذه الهيئات الكنسية الخارجية في فلسطين، ومنها بيع عقارات "بيت البركة" في العروب قضاء الخليل للمستوطنين اليهود من قبل الكنيسة المشيخية (في أمريكا)، بالإضافة إلى جرائم الإرسالية الروسية (المسكوب) ذات السجل الأسود في تسريب ملكيات العقارات لليهود، والتي باعت عقاراتها في القدس وغيرها لليهود مقابل برتقال.
وهذا التآمر على فلسطين والقدس يتم بصمت مخزٍ من النظام الأردني والسلطة الفلسطينية، بل وبتوفير غطاء سياسي رسمي للبطريرك اليوناني، وهو ما يفضح دموع التماسيح التي يذرفها الساسة الرسميون أسفاً على تهويد القدس، بينما يصمتون أمام تسريب ملكية العقارات والأراضي المقدسة لليهود المحتلين ويعقدون الاتفاقيات التي تسهل ذلك، وهو يؤكد - في الوقت ذاته - على خطورة قرار السلطة الفلسطينية تمليك أراض من وقف الصحابي تميم بن أوس الداري في الخليل للروس المسكوب، والذي يعتبر الخطوة الأولى نحو تحويل ملكياتها لليهود، وتأسيس مستوطنة يهودية في وسط الخليل وذلك كباقي عقارات الكنيسة (التابعة للمسكوب) التي تم تسريبها لليهود.
فالسلطة الفلسطينية تذرف دموع التماسيح على تهويد القدس وتكتفي بعبارات باهتة من الشجب أو الاستنكار، كالتي صدرت عن مجلس وزراء السلطة لذر الرماد في العيون، إذ لو كانت السلطة صادقة لقامت باتخاذ إجراءات حقيقية لمنع هذه الصفقات وإبطالها والأخذ على يد المتآمرين، ولكن الذي يحدث هو العكس فنراها تشاركهم وتوفر لهم الغطاء الذي يعزز مواقفهم.
إنّ ما تقوم به الهيئات الكنسية الخارجية بدعم ومباركة من الدول الاستعمارية من تآمر مع يهود على فلسطين وأهلها، لهو جريمة ما كانت لتمر لولا مواقف الأنظمة العربية العميلة ومواقف السلطة المخزية وجهودها الحثيثة في التفريط بالبلاد لصالح يهود، فهي السباقة إلى التفريط بـ80% من أرض فلسطين ليهود بذريعة السلام الموهوم، وهي المحاربة لكل من يتصدى لجرائمها في التفريط بفلسطين، وهي من تحتضن المجرمين المفرطين بالأرض المقدسة، مثلما رحبت بزيارة ثيوفيلوس الثالث لمدينة بيت لحم وأعلنت أنها مسئولة عن حمايته، بل واعتقلت من احتج على زيارته من أبناء الطائفة الأرثوذكسية الرافضين لجرائمه.
فيا أهل فلسطين، قفوا في وجه السلطة والمتآمرين، فإنكم مسئولون عن هذه الأرض المباركة في الدنيا والآخرة، ولا تسمحوا لشرذمة من المرتزقة أن يفرطوا بهذه الأرض المباركة لأعداء الله وأعدائكم.
ويا نصارى فلسطين، ندعوكم لموقف حازم وقوي وعلني ضد المتآمرين والخائنين، فبهذا تصونون أنفسكم وتحفظونها من عار خيانة الأرض المقدسة وبيعها لليهود الغاصبين.
وفي الختام نقول:
إن رحى الإسلام دائرة، وليظهرنَّ الله دينه وليذلنَّ الله المجرمين والخائنين... ومن أحب أن يدرك نفسه قبل فوات الأوان فليعتصم بحبل الله المتين، وليتبرأ من رهط الخائنين والمجرمين، وليعلم أنَّ هؤلاء لن يفلتوا من قبضة الأمة وسلطانها. ولا تكونوا كأولئك الذين يهزأون من عودة الخلافة على منهاج النبوة أو يرونها خيالا... فهؤلاء شأنهم كقوم نوح الذين استهزأوا بنوح عليه السلام ورسالته ولم يستفيقوا إلا والطوفان قد أغرقهم... وإن طوفان الإسلام سيغرق عما قريب كل الطغاة ويغسل الأرض من رجسهم ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجورا.
﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ* يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ﴾
14 شوال 1438هـ حزب التحرير
الموافق 8/7/2017م الأرض المباركة فلسطين