بسم الله الرحمن الرحيم

الانتخابات التشريعية الثالثة فصل جديد من فصول تصفية قضية فلسطين

اجتمعت الفصائل الفلسطينية في القاهرة وتوافقت على إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني، فهل ستكون هذه الانتخابات كسابقاتها فصلاً جديداً من فصول تصفية قضية فلسطين، وتمكين كيان يهود؟

إن الانتخابات التي يجري الإعداد لها لا يجوز النظر إليها بمعزل عن الظروف السياسية المحيطة بها، فلا يجوز فصلها عما يلي:

1.    مخططات الإدارة الأمريكية لتأمين مصالحها وحماية كيان يهود واستئناف المفاوضات الاستسلامية

2.    خطوات الدول العربية الخائنة لله ورسوله المتلاحقة نحو التطبيع مع كيان يهود.

3.    اتفاقية الدفاع التي وقعتها الأردن مع عدوة الله أمريكا، والتي بموجبها وضعت أمريكا يدها على أكثر من خمس عشرة قاعدة برية وبحرية وجوية، بالإضافة إلى ضمان حرية الحركة والتنقل للقوات الأمريكية في الأردن، فهذا الاحتلال الأمريكي للأردن جاء ضمن ترتيبات أمريكا للمنطقة من أجل الحفاظ على مصالحها وتأمين حماية ربيبتها "إسرائيل"

4.    سعي الدول الكبرى لترويض الفصائل الفلسطينية لتنضوي في منظمة التحرير الفلسطينية التي تنازلت عن معظم فلسطين، وتبنت المفاوضات والطرق السلمية أساساً لعلاقتها بكيان يهود.

5.     اجتماعات الفصائل وتوافقها وترتيبات الانتخابات التي تمت برعاية عدو الله ورسوله عميل أمريكا "السيسي"

هذا هو السياق الذي ستجري فيه الانتخابات الفلسطينية، ولذلك فإن قضية فلسطين الآن تقف عند فصل جديد من فصول تصفيتها ضمن رؤية الإدارة الأمريكية الجديدة، وهي لا تختلف كثيراً عن رؤية ترامب إلا في بعض التفاصيل، والتي تتلخص في جعل الوصاية على المسجد الأقصى وصاية مشتركة، وضم بعض المناطق في الضفة الغربية لكيان يهود، ونزع سلاح الفصائل في غزة طوعاً أو كرهاً، ويصاحب هذا عمليات تطبيع واسعة لتشكيل حلف "يهودي" خليجي يضم مصر والأردن، ولا يصح أن تغيب عن الأذهان الخيانة العظمى التي اقترفتها منظمة التحرير الفلسطينية بتنازلها عن معظم الأرض المباركة لكيان يهود، فتحت مظلة اتفاقية أوسلو والتنسيق الأمني والمفاوضات العقيمة انتشرت المستوطنات في الضفة الغربية بشكل سرطاني مهول حتى أضحت أمراً واقعاً أبدت السلطة الفلسطينية استعدادها للتفاوض عليه، وما تفاهمات أولمرت - عباس عنكم ببعيدة.

هذا هو الواقع السياسي الذي ستجري فيه الانتخابات الفلسطينية وهي مصممة لتكون نتائجها وفق ما يريد أعداء الإسلام بغض النظر عن الفائز فيها، فمفردات هذه الانتخابات سلطة فلسطينية تقدس التنسيق الأمني مع كيان يهود، ودول إقليمية عميلة لأعداء الإسلام ترعاها وتدير أمورها، وحركات وتنظيمات تعمل تحت مظلتها وتعتاش على ما تدفعه إليها من مال سياسي قذر، فالانتخابات الفلسطينية ما هي إلا وسيلة وأداة من أدوات أعداء الإسلام فإن وجدوها ستجري وفق ما يخدم مصالحهم وفروا الغطاء لتنفيذها، وإن وجدوها غير ذلك حالوا دون إجرائها، وإن جاءت نتائجها على غير ما يشتهون فلن يترددوا في قلب الطاولة على الجميع، فالانتخابات تحت مظلة الاحتلال لا يراد منها إلا خدمة الاحتلال ومصالح أعداء الإسلام فقط، قال تعالى: ﴿وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ﴾

يا أهلنا في الأرض المباركة: إننا لم نتناول الانتخابات من حيث كونها توكيلاً وتفويضاً، والتوكيل فيما حرمه الله معصية موجبة لغضب الله تعالى، أو من حيث أن المجالس التشريعية تنازع الله في التشريع والحاكمية وهذا من الشرك بالله والتحاكم إلى الطاغوت، أو من حيث الديمقراطية العفنة التي بان عوارها وفسادها عند رائدة الديمقراطية أمريكا، لم نتناول هذه الانتخابات من هذه الزوايا رغم أن كل واحدة منها تكفي لبيان حرمتها وحرمة المشاركة فيها، ولكننا ركزنا على إبراز الجانب السياسي فيها، ذلك الجانب المظلم قاتم السواد الذي يمكر به أعداء الإسلام بأمة الإسلام عامة وبأهل فلسطين خاصة، ليعلم القاصي والداني أن أدنى مشاركة في هذه الانتخابات هي جريمة عظيمة ومعصية موبقة لأنها مشاركة في عملية خيانية من كيد أعداء الله ورسوله.

أيها الأهل في الأرض المقدسة: إن عدوة الله أمريكا تدرك أن الأمة الإسلامية توشك أن تنفك من العقال الذي يكبلها، وتدرك أن الإسلام الذي في صدور المسلمين يوشك أن يكون بركاناً ينفجر في عملائها ويلقي بحممه على مصالحها فيحرقها، وأكابر المجرمين في الدول الكبرى يدركون تمام الإدراك أن إقامة الخلافة مسألة وقت، ويبصرون جدية حزب التحرير في العمل لإقامتها، وهم يهيؤون أنفسهم استعداداً لمواجهتها، ويلاحقون حملة الدعوة في كل مكان، ويضعون من العقبات ما يظنون أنه يعرقل أو يحول دون اقامتها، فأعداء الله يريدون دمج كيان يهود السرطاني في العالم الإسلامي، ويعملون على إضعاف بلاد المسلمين وإبقاء المنطقة في حالة صراع حتى لا تقوم للمسلمين قائمة، فلا يريدون للشام أن تهدأ، ولا لليمن أن يستقر، ولا للعراق أن يطمئن، وهذا ما يعملون عليه في باكستان وأفغانستان وبنغلاديش، ويصاحب هذا بوادر تشكيل أحلاف متصارعة، حلف يكون كيان يهود بيضة القبان فيه يضم الخليج والأردن ومصر، وحلف شيعي يضم إيران ومن شايعها، وهذا هو دأب أعداء الإسلام ويظنون أنهم بجرائمهم تلك قادرون على سحق الأمة الإسلامية وإبقائها ذليلة تحت سلطانهم ووطأة عملائهم، ولكن هيهات هيهات لما يرومون فالخلافة على منهاج النبوة هي وعد الله سبحانه وبشرى رسوله صلى الله عليه وسلم ولن يخلف الله وعده.

وفي الختام: نؤكد على أن قضية فلسطين هي قضية الأمة الإسلامية وليست قضية وطنية أو قومية أو فصائلية، وأعداء الإسلام هم من يعملون على فصلها عن الإسلام والأمة الإسلامية، وطريق تحرير بيت المقدس هو طريق واحد ولا يوجد غيره هو استنصار الأمة الإسلامية وجيوشها لإقامة الخلافة وتحرير مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاستنصار الأمة الإسلامية وجيوشها للجهاد في سبيل الله هو الحل الوحيد لقضية فلسطين، وهو الحل الذي يرعب كيان يهود ويسقط العروش المهترئة، وهو الذي يحرك في الأمة مكامن عزتها، وكل من ينادي بالحلول الجزئية أو المرحلية من مفاوضات أو حدود 67 أو الاحتكام إلى القرارات الدولية والمبادرات الإقليمية هو خائن لله ورسوله ولا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً.

وإن ثقتنا بنصر الله تعالى من إيماننا بربنا، وثقتنا بأهل الأرض المباركة والأمة الإسلامية من ثقتنا بديننا، والخلافة على منهاج النبوة هي وعد الله سبحانه وبشرى رسوله صلى الله عليه وسلم ، وإن العالم كله يتوق إلى الإسلام لإنقاذه من طغامة الرأسمالية والحكام المجرمين، وليجمعنَّ الله أمة محمد على أوليائه، ولتدخلنَّ جيوش المسلمين بيت المقدس تهتف بهتاف رسول الله صلى الله عليه وسلمعندما دخل خيبر «اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ ﴿فَسَاءَ صَبَاحُ المُنْذَرِينَ﴾» رواه البخاري، وليظهرنَّ الله دينه حتى يبلغ ما بلغ الليل والنهار، أخرج الإمام أحمد بإسناد صحيح عن تميم الداري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَلَا يَتْرُكُ اللهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللهُ هَذَا الدِّينَ، بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ، عِزًّا يُعِزُّ اللهُ بِهِ الْإِسْلَامَ، وَذُلًّا يُذِلُّ اللهُ بِهِ الْكُفْرَ» فثقوا بالله القوي العزيز واعتصموا بحبل الله المتين وانبذوا جريمة الانتخابات والقائمين عليها، وحسبُ المخالفين قول الله تعالى: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا * إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ﴾.

 

10 شعبان 1442 ه                                                                               حزب التحرير

الموافق 23/3/2021م                                                                       الأرض المباركة فلسطين