بسم الله الرحمن الرحيم

السلطة الفلسطينية تكشف حقيقة موقفها باعتدائها على الوقفة الرافضة لصفقة ترامب

﴿وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ﴾

قامت السلطة وأجهزتها الأمنية صباح يوم السبت 15/2/2020 بنصب الحواجز على مدخل مدينة جنين، واتخذت عدداً من الإجراءات لمنع الوقفة التي دعا إليها حزب التحرير للتصدي لصفقة ترامب الاستعمارية،...وما إن انطلقت الوقفة حتى بدا على عناصرها التوتر والتحفز لقمع الناس، في مشهد مخزٍ يُعبّر عن حقيقة هذه الأجهزة التي تربت على يد الجنرال الأمريكي دايتون، وارتفعت أصوات الناس بالتكبير، وصدعوا بالحق استنصاراً للأمة الإسلامية وجيوشها لتحرير الأرض المباركة، وعلا صوت الحق الرافض للحلول الاستسلامية والخيانية، فما هو الأمر الذي أغاظ السلطة وأجهزتها لتقوم بمهاجمة الناس بشكل همجي فتطلق قنابل الغاز والأعيرة النارية، وتضرب بالهراوات حملة راية رسول الله صلى الله عليه وسلم"لا إله إلا الله محمد رسول الله" وتعتدي على كبار السن وعلى شيخ جليل ناهز التسعين عاماً؟!

ونسأل محافظ جنين أكرم الرجوب، ومدير المخابرات محمد غنام، ومدير الوقائي حجازي الجعبري، ما الذي أغاظكم من الوقفة؟... هل أغاظكم ارتفاع صوت الناس بالتكبير؟! أم راية رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!، أم دعوة الأمة الإسلامية وجيوشها لتحرير الأرض المباركة، أم رفض الحلول الخيانية التي منحت كيان يهود 78% من الأرض المباركة؟!...قولوا ماذا أغاظكم؟!...هل أغاظكم احتشاد الناس ومناداتهم إخوتهم أبناء أمتهم لنصرة الإسلام وتحرير الأقصى؟!..هل أغاظكم الشيخ طاهر الذي ناهز التسعين عاماً الذي وقف أمام أوباشكم يُكبّر ويهتف بالمسلمين؟!  فوالله الذي لا إله إلا هو ما أغاظ هذا الخير إلا اليهود وأعداء الإسلام...فهل أنتم في صفهم؟!... أجيبوا هل أنتم في صف اليهود وأعداء الإسلام؟!

أيها الأهل في الأرض المباركة: إن حقيقة السلطة ووظيفتها الأساس قد عبر عنها رئيس السلطة بوضوح في القمة العربية الأخيرة فقال مخاطباً كيان يهود ""أنا الآن بقدر أحمي... بقدر أجيبلك معلومة عمرك ما كنت تحلم اتجيبها"! وأضاف "لدينا 83 بروتوكولاً واتفاقاً أمنياً ونحن على استعداد للتعاون مع أي دولة تحارب الإرهاب ونحن نسير على هذه السياسة ولن نتراجع عنها!"  وأكد على هذا في خطابه في مجلس الأمن وزاد عليه أنه على استعداد لتقديم خدمات أمنية جديدة تمتد لـ 183 دولة... إذن هذه حقيقة السلطة فهي ليست أكثر من ذراع أمني يخدم أعداء الإسلام.

إن السلطة وأجهزتها كاذبون في رفضهم صفقة ترامب، فمن تنازل عن 78% من أرض الإسراء والمعراج في اتفاقية أوسلو لا يضيره أن يتنازل عن 82% في صفقة ترامب، ولكن الخيانة المطلوبة لتنفيذ الصفقة أكبر من السلطة، وأمريكا ويهود يراهنون على تهيئة الأجواء لتنفيذ مشاريعهم الاستعمارية، فكيان يهود استثمر اتفاق أوسلو كغطاء لخلق واقع جديد في الضفة الغربية، وراهنوا على منظمة التحرير التي تخلت عن ميثاقها وقبلت الاعتراف بكيان يهود وتنازلت عن معظم فلسطين بعد أن كانت تقول باللاءات الثلاث لا اعتراف ولا صلح ولا تفاوض مع العدو الصهيوني.

إن رفض السلطة لصفقة ترامب هو رفض شكلي وليس حقيقياً فتفاهمات "بيلن وعباس" و"أولمرت وعباس" لا تختلف كثيرا ًعن صفقة ترامب إلا في بعض التفاصيل، والذي يؤكد أن معارضة السلطة شكلية وليست حقيقية هو تأكيدها على تمسكها بمحاربة الإرهاب "أي محاربة الإسلام"، وتمسكها بالقرارات الدولية والاتفاقيات التي وقعتها مع كيان يهود، والتي تنازلت بموجبها عن معظم فلسطين، وتمسكها بالمبادرة العربية الخيانية، وتمسكها بخيار المفاوضات، فهي متمسكة بكل ما يحافظ على كيان يهود ويعطيه الشرعية في الأرض المباركة فلسطين، ولذلك سيبقى كيان يهود مطمئناً سائراً في تنفيذ مشاريعه مادامت السلطة متمسكة بدورها الأمني ومناشدة المجتمع الدولي ومجلس الأمن والأمم المتحدة، لأنها مناشدة كصرخة في واد لا تغيث ملهوفاً ولا تنقذ غريقاً.

إن الجرائم التي اقترفتها السلطة بحقكم وحق قضيتكم لم تتوقف يوماً، فهي لم تقف عند جريمة التنازل عن أرضكم لعدوكم بل أذاقت الناس نار تنسيقها الأمني "المقدس" مع الاحتلال، ولم تترك باباً لإفساد أبنائنا وتدمير قيم الإسلام في نفوسهم إلا طرقته، وقد رأيتم هذا واضحاً في مناهج التعليم والبرامج الإفسادية العديدة، ورأيتم سعيها لتغيير قانون الأحوال الشخصية ليتوافق مع اتفاقية سيداو الإجرامية، وأغرقت الناس بالقروض والديون نتيجة سياستها الاقتصادية القائمة على إبقاء الناس مرهونين للبنوك...واستشرى الفساد في مؤسساتها حتى أضحت السلطة مرتعاً للفاسدين...وليس متوقعاً أن تتوقف عن جرائمها فقادتها أُشربوا في قلوبهم التبعية لأعداء الإسلام.  

 يا أهلنا في الأرض المباركة:

إن ما يكيده أعداؤكم لكم عظيم جدّ عظيم، وما يُدبر لكم أعظم جرماً مما حصل عام 48 وعام 67، فكيان يهود يسعى لجعل فلسطين أرضاً خالصة له، وهذه الجريمة لا يمكن وقفها من خلال مجلس الأمن والأمم المتحدة أو اللجنة الرباعية...إلخ، ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾، وقد خبرتم القرارات الدولية فهي لإلهاء الشعوب وإسكاتها!، ثم لا يُنفّذ منها إلّا ما كان في صالح أعداء الإسلام... أمّا مواقف قادة السلطة وحكام العالم الإسلامي، فهي مواقف مخزيةٌ متخاذلةٌ، فهم قد خانوا قضيتكم منذ أمد بعيد، فلا تنتظروا منهم خيراً.

إن الحل الجذري لقضية فلسطين هو إعادتها إلى أصلها؛ إلى بعدها الحقيقي، ألا هو الإسلام وأمة الإسلام، فهذا هو الطريق الصحيح والشرعي لعزتكم وهو ما يعمل أعداؤكم ليل نهار لصرفكم عنه، فالذي يقذف الرعب في قلوب أعدائكم هو استنصار الأمة الإسلامية وجيوشها لإقامة الخلافة والجهاد في سبيل الله لتطهير الأرض المباركة من رجس الغاصبين...فأمريكا ويهود يقض مضجعهم الإسلام وعودة الخلافة، وحقيقة يهود وعداوتهم لنا وللإسلام في كتاب الله واضحة قال تعالى: ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا﴾ وقال سبحانه ﴿أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا﴾

 والله تكفل لنا بإظهار دينه، ورسولُه صلى الله عليه وسلم بشرنا بخلافة على منهاج النبوة ولن يخلف الله وعده، فثقوا بالله مولاكم وناصركم ... وثقوا بأمتكم خير أمة أخرجت للناس، والزموا قول الله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ .. ﴿وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ﴾ الزموا قول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾

23 جمادى الآخرة 1441ه                                                                       حزب التحرير

الموافق 17/2/2020م                                                                     الأرض المباركة فلسطين