بسم الله الرحمن الرحيم

رئيس الوزراء في كل مرة يرعد ولكن لا يمطر ولو نقطة ماء

عندما أسقطت سوريا طائرة تركية حربية من نوع إف-4 في المياه الدولية بصورة متعمدة توجهت الأنظار نحو تركيا تنتظر ردة فعلها، فقام وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو بالإدلاء بأول تصريح حول ذلك بعد مضي 48 ساعة على الحادثة. فقال داود أوغلو في لقاء تلفزيوني شارحاً كيفية حصول هذه الحادثة أن جواب تركيا سيأتي من رئيس الوزراء إردوغان يوم الثلاثاء (26/6/2012) في اجتماع حزبي. ولهذا توقف الجميع بانتطار تصريح إردوغان ليعطي جواب تركيا في مواجهة الحملة السورية. فحصل المتوقع كما في كل مرة فولد الجبل فأرا.

ولم يتجاوز رئيس الوزراء في حديثه سوى الكلام، فلم يطرح أية خطوة عملية، واكتفى بقوله بأن تركيا ستطالب بحقها نتيجة هذا الهجوم في إطار الحقوق الدولية وأنها تحتفظ بحق الرد العسكري على سوريا. فالدولة التركية أرادت أن تخفي عجزها بأنها تلتزم بالاعتدال وبضبط النفس، وأن تغطي على ضعفها بتحويل المسألة إلى الناتو، وأن تخفي خوارها بكلمات حماسية!

فعندما يكون الموضوع حقوق المسلمين فإن إردوغان يرعد عندئذ، ولكن لا يمطر قطعا، ولا يتعدى الأمر سوى كلمات جوفاء تلهب المشاعر، وهو يتحالف مع المتآمرين على إخوتنا المسلمين الذين يتعرضون للظلم، حتى إنه يُظهر العجز في الدفاع عن أرواح مواطنيه. هذا هو حال دولة الجمهورية التركية. فمنذ أن ألغيت الخلافة وأقيمت دولة الجمهورية وحتى اليوم، ففي أي موضوع أظهرت هذه الدولة الجدية، وأية مشكلة استطاعت أن تحل؟

فلم يخطُ رئيس الوزراء أية خطوة عملية في الدفاع عن أهل غزة، ولم يأخذ حق مواطنيه الذين تعرضوا لهجوم يهودي في سفينة مرمرة وبقي يتوسل اعتذار يهود عن تلك الجريمة فلم يستطع أن يحصل عليه. وحافظت دولته في كافة المجالات على علاقاتها مع كيان يهود من دون أن تعلقها بل زادت حجم التجارة معها بنسبة 30%. وعندما هاجم كيان يهود لبنان عام 2006 فبدل أن يعمل على حماية المسلمين هناك استصدر قرارا من البرلمان حتى يرسل قوات عسكرية تركية تحت رقابة الأمم المتحدة لحماية أمن كيان يهود. واعتبر حق المسلمين المشروع في الشيشان في الدفاع عن أنفسهم أمام القتلة الروس إرهابا واعتبر المجاهدين إرهابيين، وبقي يتفرج على قتل عملاء روسيا لقادة الشيشان الذين لجأوا إلى تركيا، حتى إنه سلم بيديه بعض قادة الشيشان لروسيا. ولقد حافظ على علاقته بالصين وهي تقتل إخوتنا في تركستان الشرقية بصورة علنية، بل قوّى علاقاته التجارية معها في ظل ممارستها للإبادة الجماعية لإخوتنا هناك. وفي أفغانستان التي قتلت فيها قوات الاحتلال الأمريكية والأطلسية الآلاف من المسلمين فإنه يتحالف مع هذه القوات ويبقي على قواته تحت إمرتها ويظهر الدعم لحكومة كرزاي التي تتعاون مع الاحتلال وتعمل على تأييده. وتحت مسمى الشراكة الاستراتيجية مع أمريكا وباسم التحالف والصداقة معها وبذريعة "تحقيق المصالح الوطنية" فقد أصبح شريكا في المذابح والفظائع التي ارتكبتها أمريكا في العراق.

وفي مواجهة الشعب السوري الذي ثار بشعارات إسلامية ويطالب بمطالب إسلامية اتبع في البداية سياسة تليين الأسد، وبعد فترة اتبع سياسة إعطاء المهل للأسد وتبنى خطط الأمم المتحدة والجامعة العربية والناتو وخطة عنان، فأظهر أحيانا ردات فعل قوية ولكن بعد لقائه أوباما ومساعده بايدن ووزيرة خارجيته كلينتون تخلى عن إظهار مثل تلك ردات الفعل. فحكامنا يدفنون رؤوسهم بالتراب ويبيتون كالأموات ويتركون شعب سوريا المظلوم يقتل في الشوارع بصورة وحشية. وها هي كلمات رئيس الوزراء إردوغان في مجموعته الحزبية تدلل على صحة ذلك.

فما هو قطعي؛ هو أن الدولة المتسلطة على رقاب الشعب المسلم في تركيا هي دولة تابعة للدول الاستعمارية ومرتبطة بها وتسير في فلكها ولا تخرج عن إذنها وعن الإطار الذي حددته لها. ولكن لماذا نقف عند عدم تبنيها لقضايا المسلمين الذين يئنون تحت الاحتلال والذين يقتلون ويعذبون، لماذا نقف عند هذه، والدولة المتسلطة على رقاب الشعب المسلم في تركيا لا تتبنى قضايا مواطنيها الذين يقتلون بغير حق وتظهر العجز والخذلان أمام سقوط طائرتها وأمام نهب ثرواتها، فلا تدري ماذا تفعل، فلا بصيرة لها. فالشخصيات التاريخية التي تكلم عنها رئيس الوزراء اليوم كلها كانت شخصيات قيادية في دولة الخلافة التي كانت تبرز قوة الأمة الحقيقية وتحميها. فهل لا يقتضي مدح تلك الشخصيات التاريخية مدح دولة الخلافة التي أنبتت هذه الشخصيات والعمل لإقامة هذه الدولة من جديد؟ مع العلم أنه يوجد مادة من مواد دستور تركيا تنص على أنه لا يجوز مجرد الاقتراح في المجلس على إقامة الخلافة من جديد ومن يعمل لإقامتها من أبناء المسلمين المخلصين يرمى بهم في الزنازين المظلمة. وهذا يكفي لإظهار الوجه الحقيقي لهذه الدولة.

أليس منكم رجل رشيد

06 من شـعبان 1433

الموافق 2012/06/26م

حزب التحرير

ولاية تركيا

للمزيد من التفاصيل