التاريخ الهجري     06 من صـفر 1433                                                                      رقم الإصدار:  11/24 

     التاريخ الميلادي     2011/12/31م

الدستور القادم لا يجب إلّا أن يكون دستورا إسلاميا حقّا

حديث الأوساط السياسية في مصر هذه الأيام هو الدستور القادم، فالأحزاب والقوى الليبرالية، وكذلك المجلس العسكري لا يريدون -ولا شك في ذلك- دستورا إسلاميا يعبر عن مشاعر الغالبية العظمى من أهل مصر، الذين يتشوقون لحكم الإسلام من خلال دولة الخلافة الإسلامية، فتراهم يحاولون بشتى الطرق فرض رؤيتهم للدستور القادم بداية من محاولة  المجلس العسكري جعل "وثيقة السلمي" -التي تكرس الدولة المدنية العلمانية الديمقراطية- ملزمة، فلما فشل قام بالبحث عن خطة بديلة، فكان المجلس الاستشاري الذي حاول أن يجعله موازيا لمجلس الشعب، مشاركا له في وضع الدستور ففشل في ذلك، فكان لا بد من استعماله في وضع قواعد اختيار الأعضاء غير البرلمانيين في الجمعية التأسيسية للدستور حتى لا ينفرد فصيل معين "الإسلاميون" بوضع الدستور، كما صرح بذلك محمد الخولي المتحدث الرسمي للمجلس الاستشاري في 12/28. وعلى الجانب الآخر أكد د.عماد عبد الغفور رئيس حزب النور على بدء الحزب في تشكيل لجنة قانونية لإعداد دستور جديد تم الاستعانة في وضعه بكل الدساتير و"التجارب القديمة" لاختيار الأفضل منها. كما أكد الدكتور يسري حماد المتحدث باسم الحزب لجريدة المصري اليوم في 12/27 أن مشروع الدستور الذي سيضعه الحزب لن يتبنى النظام الرئاسي لأنه ليس الأنسب للبلاد، وأنه سيسعى لتطبيق الشريعة الإسلامية "بالتدريج" حتى لا يحدث خلل في نظام الدولة.

ونحن نقول لهؤلاء: إنّ توجّه الناس للإسلام هو توجه فطري، دلّ على ذلك نتائج المرحلة الأولى والثانية من انتخابات مجلس الشعب، وأن الغرب يخشى بشكل واضح من عودة الإسلام الحقيقي إلى واقع الحياة في الدولة والمجتمع، ومهما حاول أذنابه حرف الناس عن هذا التوجه فلن يفلحوا مهما بذلوا من أموال لما يسمى بمنظمات المجتمع المدني، قال تعالى ( إنّ الّذينَ كَفَروا يُنْفِقونَ أموالَهُمْ لِيَصُدّواعنْ سبيلِ اللهِ، فَسَيُنْفِقونَها ثُمَ تَكونُ عَليهِم حَسْرَة ثُمَّ يُغلَبون ).

ونقول لأصحاب المشروع الإسلامي في مصر: إن اعتباركم أن المادة الثانية من الدستور كافية لجعل هذا الدستور إسلاميا، هو اعتبار خاطئ، ذلك أن تلك المادة تقول "مبادئ" الشريعة، ولم تقل أحكام الإسلام، والمقصود هنا مبادئ العدل والمساواة وغيرها من الكلمات العامة التي لا تسمن ولا تغني من جوع، كما أن قولهم "المصدر الرئيسي للتشريع" لا ينفي الاستعانة بمصادر أخرى غير الإسلام. ولنا أن نسألكم: هل تطبيق الشريعة سيحدث خللا في نظام الدولة؟ وكيف يمكن أن يطبق الإسلام بالتدريج؟ إنكم إن أردتم فعلا دستورا إسلاميا فيجب أن تكون المادة الأولى فيه بهذا النص الآتي "العقيدة الإسلامية هي أساس الدولة، بحيث لا يتأتى وجود شيء في كيانها أو جهازها أو محاسبتها أو كل ما يتعلق بها، إلا بجعل العقيدة الإسلامية أساساً له. وهي في الوقت نفسه أساس الدستور والقوانين الشرعية بحيث لا يسمح بوجود شيء مما له علاقة بأي منهما إلا إذا كان منبثقاً عن العقيدة الإسلامية". ونؤكد عليكم ألّا تهدروا فرصة ذهبية لتمكين الإسلام من الحكم وبناء الدولة الحقة التي يريدها منا رب العالمين.

ونقول للمجلس العسكري: يجب عليكم أن تنحازوا لخيار الأمة التي لا ترضى بديلا عن الحكم بالإسلام الذي لا يمكن أن يتم إلا من خلال دولة الخلافة الراشدة، وعد ربنا وبشرى نبينا صلى الله عليه وسلم، التي تعيد الأمة إلى سابق عهدها "خير أمة أخرجت للناس"، وتجعل من نفسها الدولة الأولى في العالم. وإننا في حزب التحرير ندعوكم للعمل معنا من أجل إعلانها خلافة على منهاج النبوة، ونضع بين أيديكم الدستور الذي أعده الحزب ليوضع موضع التطبيق في هذه الدولة.

ونقول للأقباط في مصر: إنهم أو غيرهم من غير المسلمين هم رعية الدولة الإسلامية كسائر الرعية، لهم حق الرعوية وحق الحماية وحق ضمان العيش وحق المعاملة بالحسنى وحق الرفق واللين، ولهم أن يشتركوا في جيش المسلمين ويقاتلوا معهم، ولكن ليس عليهم واجب القتال، ولهم ما للمسلمين من الإنصاف وعليهم ما عليهم من الانتصاف، وينظر إليهم أمام القاضي وعند رعاية الشئون وحين تطبيق المعاملات والعقوبات كما ينظر للمسلمين دون أي تمييز، فواجب العدل لهم كما هو واجب للمسلمين. والدستور الإسلامي هو فقط الذي سيحفظ لكم حقوقكم تلك، ويحقق لكم الأمن والأمان.

قال تعالى( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤمنونَ حَتّى يُحَكَّموكَ فيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدوا في أَنفُسِهِمْ حَرَجَاً مِمّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّموا تَسْليما )

المكتب الإعلامي لحزب التحرير

ولاية مصر

للمزيد من التفاصيل