التاريخ الهجري   17 من محرم 1433

التاريخ الميلادي   2011/12/12م

رقم الإصدار:ح.ت.ل 55/32

القصص يحاضر في بيال:

ثورة الأمة وأزمات الغرب، احتضار إمبراطورية وانبعاث حضارة

ألقى رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير- ولاية لبنان محاضرة في معرض الكتاب العربي في بيال - بيروت يوم الأحد 11 كانون الأول 2011، تحت عنوان: "ثورةُ الأمةِ وأزماتُ الغربِ، احتضارُ إمبراطوريةٍ وانبعاثُ حضارة".

أجرى المحاضر قراءة فكرية وتاريخية وسياسية لواقع الاحتجاجات في الغرب وحقيقة الثورة في المنطقة العربية. فرأى أن ما يجمع هذه وتلك هو الألم الذي استفز الناس لتنتفض على الظلم وامتهان كرامة الإنسان. تلك الكرامة التي انتُهكت في العالم العربي بفعل أنظمة قمعية تعاملت من شعوبها على أنهم عبيد يجب أن يكونوا في خدمة الطغمة الحاكمة، فضلاً عن تطبيق دساتير وقوانين فاسدة مستوردة لا تمت إلى هوية الأمة بصلة، وانتُهكت في الغرب بفعل نظام رأسمالي مجنون ومتوحش ركز معظم الثروة في أيدي بعض حيتان المال الذين لا يزيدون على اثنين بالمائة من الناس، فضلاً عن طغيان القيمة المادية وهدر سائر القيم من إنسانية وخلقية وروحية بفعل ثقافة اختزلت معاني الحياة والسعادة في النفعية المادية ونيل أكبر قدر من المتع الجسدية.

وقال إن الثورة التي تقوم بدافع الألم إن لم تكن مزودة بثقافة ومشروع حضاري يشكل بديلاً من الواقع الظالم، يكون مآلها إلى الفشل أو الاحتواء أو الإجهاض وربما إلى المآسي والنكبات. وهنا يكمن الفرق الأساسي بين الثورات الواعدة في المنطقة العربية من العالم الإسلامي وبين الاحتجاجات ضد الرأسمالية في الغرب. فما يسجل على احتجاجات الغرب أنها بعد سقوط الأيديولوجيا الشيوعية تنطلق غير مزودة بثقافة بديلة ومشروع حضاري من شأنه أن يحل محل حضارة الغرب الرأسمالية، وبالتالي هي حركة مسدودة الأفق ويائسة إلى حد كبير. ولو كان لمجتمعات الغرب مشروع سياسي بديل لكان من شأنه أن يظهر في برامج انتخابية، فلطالما اعتمد الغربيون الانتخابات طريقاً لتحقيق إراداتهم السياسية. وبالتالي فإن هذه المظاهرات تحمل دلالتين أساسيتين، أولاهما: الكفر بالاقتصاد الرأسمالي، وثانيتهما: انكشاف عورة الديمقراطية الغربية ولعبتها الانتخابية التي بات الغربيون مقتنعين أنها خدعة يُستدرج بها الناخبون فقط لإعطاء الشرعية لطبقة متحكمة برقاب الناس سلفاً وقبل ظهور النتائج، وهي طبقة البارونات وحيتان المال.

أما الثورة في المنطقة العربية، فإنها وإن بدت في انطلاقتها كحركة الذبيح يتلوى من الألم، إلا أنها في حقيقتها عودة الحياة إلى جسد كان قد اعتراه الموت، فبدأ يعبر عن إرادته وينشط جهازه العصبي. وأهم من ذلك كله أنه بعد أن استعاد ثقته بقدرته على تقرير مصيره واستعادة زمام أموره يلتفت إلى مخزونه الثقافي والحضاري، ليجد بين يديه مشروعاً سياسياً متكاملاً ينبثق من عقيدته الإسلامية ويتوافق مع نظرته إلى الحياة، هو المشروع السياسي الإسلامي، بكل ما تحويه الكلمة من معانيها الفكرية والدستورية والتشريعية. من هنا امتازت الثورة في المنطقة العربية بمستقبلها الواعد وآفاقها المرتسمة في أذهان المستنيرين من أبناء هذه الأمة، لا بين دفات الكتب فقط.

المكتب الإعلامي لحزب التحرير

ولاية لبنان

للمزيد من التفاصيل