بسم الله الرحمن الرحيم
عبد المجيد حبيبي لـ"العرب اليوم":
الإسلام هو الحل لتحقيق العدل والمساواة بين الناس ومازال يُحارب
 
تونس ـ نبيل زغدود
الأحد 08 أيار / مايو 2011
 
شهدت تونس بعد ثورة 14 كانون الثاني/ يناير حراكاً سياسياً لافتا ترجمه الارتفاع الصاروخي لعدد الأحزاب التي تحصّلت على التأشيرة القانونية، ولكن رغم هذا "التسونامي الحزبي" إلا أنّ بعض الأطراف السياسية ظلّت على هامش الأحداث ولم تحظ مطالبها بالقبول لأن تونس ترفض الترخيص للأحزاب التي "تستند في مبادئها أو أهدافها أو نشاطها أو برامجها على دين أو لغة أو عنصر أو جنس أو جهة". ومن بين المرفوضين استأثر حزب التحرير باهتمام كبير بعد الفيتو الذي لقيه، ولهذا السبب حاورت "العرب اليوم" عبد المجيد حبيبي الأمين العام لهذا الحزب الذي أثار جدلاً واسعاً بين شريحة كبيرة من التونسيين وبخاصّة على مستوى ما يطرحه من أفكار وهو ما ستكتشفونه تباعاً.
 
*بداية تقدّمتم بطلب ترخيص لدى وزارة الدّاخليّة وقد استندت في رفضها للمادّة رقم 3 من القانون الأساسي المتعلق بتنظيم الأحزاب. هل كنتم تتوقّعون الموقف؟ وما هو تعليقكم؟:
 
- إننا كنا نعتقد أن نظام بن علي خرج من الشباك وعاد من الباب و أصدرنا نشرات نحذر فيها شباب تونس وننبههم من محاولة الالتفاف على ثورتهم وضياع دماء إخوانهم الزكيّة دون نتائج حقيقية ملموسة ،ولذلك كنا نتوقع أن يصرّ النظام على موقفه السابق من الاستمرار في حظر حزبنا القائم على الإسلام : الإسلام الكامل والعادل ،إسلام دولة الرسول محمد عليه السلام ومن بعده خلفاؤه الراشدون الذين أوصلوا إلى بلادنا هذا الدين الحنيف وهذا المبدأ القويم الذي سيخلص بتطبيقه كاملاً كل البشرية من الشقاء الذي ترزح تحته الآن بسبب ظلم الرأسمالية العلمانية التي فرضتها علينا وعلى العالم عصابات جشع وإجرام لا تفكر إلا في مصلحتها وشهواتها ولو أدّى ذلك إلى دمار الاقتصاد العالمي وإلى ارتفاع مستوى الجريمة لما لا يقبله عقل بشر . فالاستمرار في حظر حزبنا بحجة أنه قائم على الدين أمر سعت إليه من قبل كل الدكتاتوريات في العالم ومنها الألمانية والفرنسية و الأميركية والبريطانية وغيرها ممن يروجون للحريات الفكرية وهذا الحظر لا يعيبنا ولا يضيرنا بل هو شيء أخبرنا به المصطفى عليه السلام عندما قال إننا سنعود غرباء وسيعود الإسلام الحق الكامل الذي لا يحابي ولا يتنازل، وإنّ هذا الحظر الظالم لن يغير من عزمنا على المضي قدماً في حمل الإسلام والدعوة إلى العمل به و تطبيقه في كل ميادين الحياة، والله سبحانه يقول (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً )،ونحن نرى أن أمتنا ،أمة الاسلام باتت واعية وتتلمس طريق نهضتها وقد عادت لها ثقتها بنفسها و بدينها وهاهي تلتف كل يوم أكثر فأكثر حول مشروع الإسلام العظيم سواء في بلدنا أم في البلاد الأخرى . ونحن نعمل في تونس منذ مطلع الثمانينات وتحت ظلم وقمع وجبروت الدكتاتورين السابقين ولم يفتّ في عضدنا قمعهم ولا سجنهم ولا تعطيلهم لمصالحنا وترويع أهلنا، ومضينا نعمل مخلصين لله ونحرض الأمّة على حكامها العملاء والخونة ونكشفهم لها وسنمضي اليوم على نفس النهج وبهمّة أعلى ونحن نرى قرب الفرج والنصر، ونطلب من المسلمين في بلدنا وفي كل مكان ن العودة إلى دينهم الرجعة الكاملة وقد قطعوا في ذلك أشواطاً ليقيموا دولة الحق والعدل ولا يقبلوا عنها بديلاً
*أثارت النّدوة الصحافيّة التي عقدتموها يوم الخميس 10آذار/ مارس 2011 الكثير من الأسئلة والاستفسارات في ذهنيّة المواطن التونسيّ، وبخاصّة أنّها المرّة الأولى التي تعرضون فيها برنامجكم السياسي للعلن. فبم تفسّرون هذا الموقف المتحفّظ من قبل المواطن؟
 
- الحقيقة أنّ الأكثرية في بلادنا مسلمون ، وقد شاركناهم في الإطاحة بالطاغية و شاركونا في بعض أعمالنا ،وعندما ظهرنا في الإعلام رأينا منهم إقبالاً وإنصاتاً وأظهر الكثير منهم تأييدهم لخطاب يستند إلى الإسلام، بل إنّهم ثاروا ضدّ من أظهر عداءه للإسلام ولا غرابة في ذلك فهم مسلمون ومتشوقون لإسلامهم ولمن يحمله لهم بكل وضوح وجرأة ،وهذا أمر نحسه بتواصلنا المباشر معهم يومياً ،ولكن وللأسف فإنّ الإعلام وكثير من وسائله لم تتحرر بعد من فكر النظام المخلوع ولا حتى من سيطرته ولذلك نراها تعمل مثلما عمل النظام السابق على طمس الحقائق . أما ما قد يحدث من استهجان فمردّه إلى ما عرضته بعض وسائل الإعلام عرضاً غير نزيه حيث لم تعرض قولنا وعلقت عليه بصورة تشوّهه، وعلى كلّ حال فمفاهيمنا في كل المسائل مسطورة في كتبنا، ونشراتنا معروضة على مواقعنا الالكترونية عبر العالم ،ومنذ سنين طويلة والكل يعرف ذلك ونحن مطمئنون لعلاقتنا معهم والحمد لله.
 
*يقول العديد من المتابعين للحركات الإسلاميّة إنّ هذه التّيّارات السياسيّة تُبطن ما لا تُعلن فما هي علاقتكم بالتّيّارات الإسلاميّة بتونس وبالنّهضة خصوصاً؟
 
- هذه شائعات يروج لها أوساط الحكّام وأسيادهم الغربيون لتنفير المسلمين من العمل في حركات سياسية إسلامية ،فنحن حزب يشهد له الجميع أنّه لم يغير ولم يبدل ولم يهادن ولم يتلون تحت أي ظرف فلم نطمع بمناصب عرضت علينا ،ولم نخش تعذيباً وقعنا تحت طائلته ،وكنّا إذا اشتدّ البلاء نتمثّل قول المصطفى عليه السلام (كونوا كأصحاب عيسى علقوا على الخشب ونشروا بالمناشير.) وقد انضم إلى حزبنا عشرات الآلاف ومن كل أقطار المعمورة ولم يجد أحد منهم شيئاً في الداخل غير الذي نعلنه ونقوله صباح مساء ، وفكرنا بل ومشروع دستور دولتنا التي نعمل مع الأمة لإقامتها هو معلن منذ وقت طويل ويستطيع أي شخص الدخول لمواقعنا على الشبكة ويطلع عليه . وأمّا علاقتنا مع أيّ مسلم في الدنيا وليس فقط في تونس هي علاقة الأخ مع أخيه ،نحبه في الله وننصح له ونسمع منه ونقول له ونحذره إن رأيناه يقع في منزلق ولا نخذله إن هب لعمل الخير ونحن نقول لكل المسلمين إن الاختلاف في الفروع وفي الأمور الظنية جائز ونقول فيه ما قاله علماؤنا الأكارم ،رأينا صواب يحتمل الخطأ ورأيكم خطأ يحتمل الصواب ..ولكنّنا نحذر الجميع دائماً من الوقوع في حبائل الأنظمة وحبائل الفكر الغربي الرأسمالي اللائكي وندعوهم إلى التمسك بدينهم وعدم المهادنة فيه، وإنّ عرضه بالأسلوب الحسن لا يعني التهاون ولا التنازل عن أي حكم شرعي مهما كان. .
 
*ما هي أبرز النقاط التي يرتكز عليها فكر الحزب ؟
 
- لقد اعتمد الحزب في تبنّيه للأفكار والأحكام الإسلامية على ما جاء به الوحي من الكتاب والسنة، وما أرشدا إليه من إجماع الصحابة والقياس، لأن هذه الأدلة الأربعة هي التي ثبتت حُجِيّتها بالدليل القطعي،ومن أبرز الأفكار المضَمّنة في كتبنا ونشراتنا أن التغيير الحقيقي يكون بالعمل السياسي وأن تطبيق الإسلام لا يكون إلا بدولة وأن الخلافة هي النموذج الذي يراه الحزب للحكم،وهو لا يؤمن بالأشكال الأخرى للحكم من ملكي أو جمهوري، وأن الحزب يعتمد طريقة الرسول في الوصول إلى الخلاف ،ولا يتبنى العنف طريقاً لإقامة الدولة ،ولا يجيز الاستعانة بالدول الأجنبية الكافرة ،ويوجب الوحدة بين الأقطار الإسلامية، وللحزب نظرة خاصة للنّهضة يفرق فيها بين الأشكال المادية من علم وعمران وصناعة يمكن أخذها والبناء عليها من أي جهة كانت وبين الحضارة وهي عندنا مجموع المفاهيم عن الحياة وهي موصولة بالعقيدة لا تنفك عنها من ذلك مفهوم السعادة وسلم القيم .... وللحزب نظرة في الاقتصاد وكيفيّة توزيع الثروات الهائلة في بلاد المسلمين على كل أبناء الدولة الإسلامية وحاملي التابعية، وقد سطر كل ذلك في كتبه والتي من أبرزها كتاب نظام الحكم في الإسلام وكتاب النظام الاقتصادي وكتاب مقدمة الدستور بجزئيه، وكتاب أجهزة الدولة في الحكم والإدارة ،وكتاب النظام الاجتماعي الذي حدد فيه نظرة الإسلام إلى المرأة وإلى العلاقة بينها وبين الرجل وكيف نظمها الإسلام العظيم، وله ثقة تامّة بقدرة الأمة الإسلامية وأبنائها على إنشاء حضارة عالمية جديدة قوية مبنية على الإسلام الخالص تعيد مجد الأمة وعزها في جميع المجالات الاقتصادية والعلمية والتكنولوجية والفكرية وتخلّص العالم أجمع من شرور النظام الرأسمالي.
 
     
05 من جمادي الثاني 1432
الموافق 2011/05/08م