التاريخ الهجري     07 من ربيع الثاني 1432
التاريخ الميلادي     2011/03/12م
رقم الإصدار: 1432 هـ / 20 
بل طاعة أمر الله، وتطبيق الإسلام فقط تريد نساء هذه الأمة
لقد طالعتنا الأخبار بأن الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات طالبت "بالمساواة بين المرأة والرجل في الميراث والعديد من المسائل الأخرى". وفي اجتماع سابق قالت كل من المحامية أمل بالطيب والجامعية صباح محمودي "نحن هنا لنؤكد على الحقوق المكتسبة للمرأة ولتجنب أي عودة إلى الوراء، ولنقول إننا لسنا على استعداد للمساومة على حريتنا مع الإسلاميين". وقالت رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات سناء بن عاشور "نحن لا نخشى الإسلاميين لأننا نملك قدرة استثنائية تمكنت من إسقاط الاستبداد، ولن نقبل الخروج من استبداد لنقع في استبداد آخر".
نتيجة لكون المرأة تلعب دوراً مهماً وأساسياً في تربية الأجيال، عمل أعداء الإسلام على إبعادها عن أي شيء يمكن أن ينير بصيرتها، لما يضمنه لها الإسلام من عزة وكرامة وخير، فقد حاولوا ذلك لسنوات عديدة وبشتى الوسائل والقوانين، وجهدوا على إظهار الإسلام على أنه دين رجعي متخلف من العصور الوسطى! وصوَّروا المرأة تحت حكم الإسلام كأنها ستكون مكبوتة وممتهنة، وأن الرجل سيسيطر عليها ويقهرها ويخضعها لخدمته بشكل عبودي!
مع أن "الإنجازات" الديمقراطية الغربية للمرأة بشكل خاص والتي هبلوا علينا بها! لم تجلب للمرأة إلا كلَّ شر وشقاء وفساد!! فبعد أن كرم الله المرأة وأخرجها من ظلم الجاهلية واستعبادها إلى نور الإسلام وعدله وإنصافه، وأصبحت المرأة جوهرة حافظ عليها الإسلام وعلى مكانتها طيلة أربعة عشر قرناً، جاء الغرب ليعيدها للجاهلية وظلامها مرة أخرى، فجعلها سلعة لتحقيق الربح والمتعة!
إن الحرية التي ينادون بها فتحت الباب على مصراعيه للفساد وانتشار الرذيلة، وجعلت تقليد الغرب في اللباس والأفعال رمز التطور والرقي والعصرنة!! فأعلنوا بذلك حرباً شعواء على تعاليم الشريعة الإسلامية، ورفضوا ما جاء في القرآن الكريم، وجرَّموا طاعة الله ومدحوا عصيانه! فمنعوا تعدد الزوجات ورحبوا بالخليلات والعلاقات المحرمة! وصوَّروا الحجاب على أنه رمز للانغلاق والرجعية والتمييز ضد المرأة ومدحوا نقيضه من العري واللبس الفاضح فأفسدوا الذوق العام! وحاربوا الإنجاب بمؤتمرات لا عدَّ لها وسوّقوا لما فيه تفتيت المجتمعات والحد من تكثير سواد هذه الأمة! وغيرها وغيرها!
إن الإسلام وحده فقط! استطاع صون المرأة وإعلاء منزلتها وإنصافها وضمان حقوقها، فبين الإسلام أن المرأة أم وربة بيت وعرض يجب أن يصان، وكرّمها كأمّ فجعل الجنة تحت أقدامها وجعل رضاها من رضى الله، وجعل لها مكانة لا مثيل لها في التاريخ فقد ورد في صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَقُّ بِحُسْنِ صَحَابَتِي قَالَ ‏"‏ أُمُّكَ ‏"‏‏.‏ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ ‏"‏ أُمُّكَ ‏"‏‏.‏ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ ‏"‏ أُمُّكَ ‏"‏‏.‏ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ: ثُمَّ أَبُوكَ‏»‏‏، وفتح الإسلام الباب للمرأة لتبدع وتشارك في شتى مجالات الحياة؛ فكانت منهن العالمات المجتهدات أمثال أم المؤمنين عائشة رضوان الله عليها، وكذلك العالمة كريمة المروزية التي وصفها الحافظ الذهبي في سير أعلام النبلاء بالشيخة العالمة المسندة، أما في النحو واللغة العربية فقد ذكر العالم جلال الدين السيوطي أنه أخذ العلم في النحو عن "أم هانئ بنت الهوريني" التي لقّبها بالمسند، وأما في علوم الدنيا فقد أبدعت في الرياضيات، أساس التطور التكنولوجي (الكمبيوتر)، العالمة النابغة أمة الواحد ستيتة المحاملي البغدادية المتوفاة سنة 377 هـ، وأما في مجال الطب والتمريض فكانت أول ممرضة في التاريخ وفي الدولة الإسلامية رفيدة بنت كعب الأسلمية رضي الله عنها وذلك في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم فكان لها خيمة تدواي فيها الجرحى والمصابين، وليس كما يدعي الغرب الذي يقول بأن فلورانس نايتنجال التي ولدت في 1820م في إيطاليا هي أول ممرضة اشتهرت وأسست في هذا العلم!، أما في القضاء فكذلك شغلت المرأة مناصب مهمة أثناء مسيرة دولة الخلافة وقد اشتهرت في ذلك الشفاء التي كانت قاضية حسبة في خلافة عمر بن الخطاب رضوان الله عليه، وأما في الجيش والعسكرية فقد ضربت نسيبة أم عمارة مثالاً قل نظيره في تاريخ المرأة حتى قال فيها النبي صلى الله عليه وآله وسلم «من يطيق ما تطيقين يا أم عمارة»...
هذا غيض من فيض، فتاريخ الإسلام قد اشتهرت فيه الآلاف من السياسيات والعالمات والطبيبات والممرضات والعسكريات والبطلات والمجاهدات والصابرات العفيفات...
إننا نتوجه للمثقفات الواعيات فنقول إن الإسلام وتاريخه يثبت أنه لم يتم استبداد المرأة فيه، بل إن المرأة لم تعش يوماً أبيض منصفاً ضُمنت فيه حقوقها وفُتحت لها الدنيا تمشي في مناكبها كما عاشته في ظل دولة الخلافة، بل لم ولن يحصل ذلك إلا في دولة الخلافة.
إن الحل الجذري لكل المشاكل التي تواجهها المرأة المسلمة لا يكون إلا بإقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة. دولة الإسلام القوية العزيزة التي ستحررها من ربقة الاستعمار بكل أشكاله وصوره، فتعيد للمرأة كرامتها وعزتها ودورها الحقيقي، ولن تنال المرأة التونسية وغير التونسية حقوقها كاملة إلا في دولة الإسلام التي تحكم بشرع الله تعالى وحده.
وأخيراً نقول بصوت عالٍ:
بل طاعة أمر الله وتطبيق الإسلام فقط تريد نساء هذه الأمة
الدكتورة نسرين نواز
عضو المكتب الإعلامي المركزي
لحزب التحرير
للمزيد من التفاصيل