التاريخ الهجري     07 من صـفر 1432
التاريخ الميلادي     2011/01/11م
رقم الإصدار:           
 
الحل الجذري للمشاكل المعيشية في الجزائر لا يكون من خلال التنفيس المؤقت
 
 اندلعت يوم الأربعاء الماضي احتجاجات غاضبة في الجزائر على إثر قيام الحكومة بزيادة حادة في أسعار السلع الاستهلاكية الأساسية، ثم ما لبثت أن اتسعت الاحتجاجات لتشمل عشرين ولاية، حيث أدّت الصدامات بين المتظاهرين وقوى الأمن إلى سقوط خمسة قتلى ومئات الجرحى، واعتقال ما يقارب ألف متظاهر. وبدورها سارعت الحكومة الجزائرية إلى الإعلان عن "إجراءات عاجلة" لخفض الأسعار، محاوِلةً امتصاص غضب الناس واحتواء الاضطرابات، كما اجتهد النظام الجزائري في إحياء "هيئة مكافحة الفساد"، التي أنشأها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عام 2006م، فباشرت الهيئة عملها منذ يومين! وصرّح رئيسها أنه "سيضرب بيد من حديد الفساد والمفسدين!"
 
لقد حبى الله الجزائر بثروات هائلة، لا سيما النفط والغاز الطبيعي، لكن النظام الجزائري، بحكوماته المتعاقبة، لم يَدَع باباً للهدر والإفساد إلا دَخَله، التزاماً بإملاءات صندوق النقد الدولي. فمنذ تسعينيات القرن الماضي والنظام الجزائري يطبق ما يُسمى زوراً بـ "الإصلاح الاقتصادي"، فسنّ قوانين الإعفاءات الضريبية والتسهيلات المالية للمستثمر الأجنبي، وأثقل في المقابل كاهل الناس بتبني نظام ضريبة القيمة المضافة، كما باشر النظام خصخصة المرافق والمؤسسات العامة، ورفع الدعم عن معظم السلع الاستهلاكية الأساسية، ورفع القيود الجمركية لتسهيل استيراد السلع الأجنبية، وأطلق أيدي المفسدين من أزلام النظام ومواليه من النفعيين فعاثوا في البلاد ثراءً فاحشاً وفساداً، حتى إن منظمة الشفافية الدولية وضعت الجزائر في المركز الخامس بعد المائة للدول الأكثر فساداً في العالم لعام 2010م، فكانت -بعد ليبيا وموريتانيا- من أفسد الدول العربية!
 
وكانت الجزائر قد أعلنت أن ميزانها التجاري قد حقق خلال الـ11 شهرا الأخيرة فائضا بلغ 14.83 مليار دولار أميركي مقابل 4.68 مليار دولار في المدة نفسها من العام الماضي.
 
إن ما يجري في الجزائر يكشف عن السقوط المخزي للنظام القائم على الفلسفة العلمانية التي لا تقيم وزنا لحاجات الناس وكرامتهم، وتجعل حفنة من المتحكمين برقاب البلاد والعباد يستأثرون بالثروة الهائلة، غير عابئين بما يرزح تحت أثقاله عموم الناس.
 
إن الحل الجذري للمشاكل المعيشية في الجزائر لا يتأتى من خلال تنفيس مؤقت؛ بقيام الحكومة بترقيع يؤجل الانفجار الحتمي، بل يكون بإقامة النظام الشرعي الذي يفرض على الحاكم السهر على تأمين حاجات الناس وتأمين فرص العمل لهم وليس دفعهم إلى الهجرة. فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيته. والدولة في الإسلام دولة رعاية لا دولة جباية، وقد جاء في الحديث الشريف: «لا يدخل الجنة صاحب مكس».
 
إن حزب التحرير يتوجه إلى أهلنا وإخوتنا في الجزائر أن لا يجعلوا همهم التنفيس عن غضبهم بتكسير المحلات التجارية والمراكز الحكومية؛ فهذه لا تخرج عن كونها ملكية خاصة لأصحابها الشرعيين أو ملكا للأمة. إن الحل الحقيقي يكون بمطالبة أهل الحل والعقد بإزالة النظام العلماني الفاسد ومعه الطبقة السياسية المنتفعة، ومبايعة الخليفة الذي يسهر على التوزيع العادل للثروة بحسب أحكام الشرع، وعلى التنمية الاقتصادية الذاتية التي تحرر البلاد والعباد من قبضة الدول الغربية وأدواتها كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
 
عثمان بخاش
مدير المكتب الإعلامي المركزي
لحزب التحرير
 
للمزيد من التفاصيل