التاريخ الهجري     04 من صـفر 1432                                                                               رقم الإصدار: 2/32 
  التاريخ الميلادي     2011/01/09م
 
بيان إعلامي
 
توجه صباح هذا اليوم الأحد، وفد من شباب حزب التحرير إلى السفارة السودانية في الأردن حاملا معه كتابا موجها إلى الرئيس السوداني عمر البشير، وقد استلمه مساعد السفير ووعد بتوصيله إلى الرئيس. وهذا هو الكتاب:
 
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب من حزب التحرير/ ولاية الأردن إلى الرئيس السوداني
سيادة الرئيس عمر حسن البشير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
يقول الله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْـئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْـئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ}.
 
سيادة الرئيس:
آن أوان الشد والجد،
وإنه يجب عليك أن تقف الموقف المشرف الذي يرضاه الله ورسوله وترفض الاستفتاء وتلغيه وتلغي كل ما يترتب عليه مهما كلف ذلك من ثمن.
 
سيادة الرئيس:
إنَّ الأم الحقيقية ترفض أن يشطر ابنها شطرين باسم حق تقرير المصير (الانفصال)، فعن طريق البخاري عن أبي هريرة‏:‏ أن الرسول صلى الله عليه وسلم قَالَ‏: ‏«...وَكَانَتْ امْرَأَتَانِ مَعَهُمَا ابْنَاهُمَا جَاءَ الذِّئْبُ فَذَهَبَ بِابْنِ إحْدَاهُمَا‏،‏ فَقَالَتْ صَاحِبَتُهَا‏،‏ إنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ،‏ وَقَالَتْ الْأُخْرَى‏:‏ إنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ‏,‏ فَتَحَاكَمَا إلَى دَاوُد عليه السلام‏،‏ فَقَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى،‏ فَخَرَجَتَا عَلَى سُلَيْمَانَ عليه السلام فَأَخْبَرَتَاهُ‏،‏ فَقَالَ‏:‏ ائْتُونِي بِالسِّكِّينِ أَشُقُّهُ بَيْنَهُمَا‏، فَقَالَتْ الصُّغْرَى‏:‏ لاَ تَفْعَلْ يَرْحَمُكَ اللَّهُ، هُوَ ابْنُهَا‏، فَقَضَى بِهِ لِلصُّغْرَى».
 
وما يسمى حق تقرير المصير (الانفصال) هو خدعة من الغرب، لتقسيم بلاد المسلمين، وهو حق للشعوب المستعمَرة، وليس لأبناء البلد الواحد، وإلا فلماذا لا يجرونه في بلادهم، وكثير منها مكوّن من شعوب متنوعة، وقوميات مختلفة، ولغات متعددة!؟
 
إنهم يتخذون من سوء الرعاية ذريعة لتقسيم السودان، والأصل أن تكون رعاية شؤون الناس وفق أحكام الإسلام، لأن العدالة لا يمكن أن تتحقق إلا بها، مع العلم أن سوء الرعاية في الشمال كما هي في الجنوب وفي الغرب كما هي في الشرق، ولا يجوز أن تكون ذريعة لشطر السودان، ومهما يكن من أمر فإن كل من يدعو للانفصال هو مجرم يجب قتاله، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم: «مَنْ أَتَاكُمْ وَأَمْرُكُمْ جَمِيعٌ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ يُرِيدُ أَنْ يَشُقَّ عَصَاكُمْ أَوْ يُفَرِّقَ جَمَاعَتَكُمْ فَاقْتُلُوهُ»، فهو أمر من الرسول صلى الله عليه وسلم بقتل كل من يدعو إلى تقسيم بلاد المسلمين إن لم يرجع عن غيّه.
 
وليكن مَثَلُكَ في ذلك أبا بكر رضي الله عنه عندما عقد أحد عشر لواء لإخماد الفتنة ومنع انهيار الدولة الإسلامية، وقد أرسل كتابا عاما للمرتدين وجهه مع رسل يتقدمون الجيوش، ليبرئ ذمته أمام الله قبل أن تراق الدماء، وقد جاء فيه:
 
(وقد بلغني رجوع من رجع منكم عن دينه جهالة بأمر اللّه وإجابة للشيطان، وقد قال اللّه سبحانه وتعالى: {إِنَّ ٱلشَّيْطَـٰنَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَٱتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَـٰبِ ٱلسَّعِير}، وإني قد بعثت إليكم فلاناً في جيشِ من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان، وأمرته ألا يقاتل أحداَ ولا يقتله حتى يدعوه إلى داعية اللّه، فمن استجاب له وأقرَّ وكفَّ وعمل صالحاً قـبل منه وأعانه عليه، ومن أبى أمَرْتُ أن يقاتله على ذلك، ثم لا يبقي على أحد منهم قدر عليه، وأن يحرقهم بالنار ويقتلهم كل قتلة...). وقد تقدمت الرسل بهذا الكتاب أمام الجيوش، فلما وصلت الجيوش نفذت كل ما جاء به في حزم ودقة، فمن أجابهم إلى الرجوع عن غيّه تركوه وفرحوا به وأعانوه.. ومن امتنع وأبى إلا أن يتمادى في ضلالاته قاتلوه، حتى إنه رضي الله عنه عندما طلب منه كبار الصحابة وعلى رأسهم عمر أن لا يقوم بحرب المرتدين وأن لا ينفذ جيش أسامة أجابهم بقوله: (والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه للرسول صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه)، وقال: (والله لا أحل عقدة عقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو أن الطير تخطفنا والسباع من حول المدينة، ولو أن الكلاب جرت بأرجل أمهات المؤمنين لأجهزن جيش أسامة، وآمر الحرس يكونون حول المدينة)، نعم بهذا أخمد الصديق الفتنة وعاد الوضع كما كان، ولو لم يستعمل هذا الحزم لانهارت الدولة.
 
وأنت يا سيادة الرئيس، يجب عليك أن تتخذ موقفا حازما تجاه هذه القضية المصيرية، مهما كلف ذلك من ثمن، ويجب عليك أن تستنفر كل من يقدر على حمل السلاح لمنع هذه الجريمة من الوقوع، لتبرئ ذمتك أمام الله قبل أن تراق الدماء، ويجب أن تطلب ممن يريد فصل جنوب السودان عن شماله أن يرجع إلى الحق، فإن أبوا فاستعن بالله وقاتلهم، فإن لم تفعل فإنك تتحمل المسؤولية أمام الله وأمام الأمة، وتذكَّر أنك ستقف أمام الله سبحانه في يوم لن ينفعك فيه مال ولا بنون ولا غرب ولا شرق ولا جاه ولا سلطان، وتذكر أنك مؤتمن على بلاد المسلمين التي لا يجوز التنازل عنها أو المساومة عليها مهما كانت الدوافع والملابسات، ويجب أن تُفدى هذه البلاد بالمهج والأرواح مهما كلف ذلك من تضحيات، والله سبحانه وتعالى يقول: {يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تَخُونُوا ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَـٰنَـٰتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ}.
 
3 صفر 1432هـ 
8/1/2011م
 
(انتهى الكتاب)
المكتب الإعلامي لحزب التحرير ولاية الأردن
للمزيد من التفاصيل