مايكل أندرسون، يعمل كصحفي وهو متخصص في العلوم السياسية عاش في وسط آسيا لعدة سنوات، سوف تعرض قناة الجزيرة الانجليزية فيلماً له بعنوان: "خرافة" التطرف الديني في وسط آسيا، ابتداء من يوم الأربعاء الموافق 20/ 1 ولمدة أسبوع. يصور فيه القمع والدكتاتورية التي يتصرف بها الدكتاتوريون في وسط آسيا تجاه المسلمين وحزب التحرير الذي يصفونه بالراديكالي والمتطرف لدعوته إلى الخلافة. أجرت محطة "فرغانة أر يو" مقابلة معه حول فيلمه وسألته.
 
لماذا قررت أن تنتج هذا الفلم؟
 
لقد شاهدت ولعدة سنوات الدكتاتوريين في وسط آسيا وهم يلوّحون ويستخدمون "التهديد" بما يسمى "بالتطرف"، لإيقاع الظلم والأذى بأي شخص لا يتفق معهم. عن طريق وصمهم بالتطرف والإرهاب. وكيف أنّ الساسة الغربيين قد قبلوا بهذه الأسطورة التي روّجها أناس مثل الدكتاتور الأوزبكي إسلام كريموف. من أجل ذلك قررت أن أنتج الفيلم، وسميته بخرافة التطرف الديني في وسط آسيا.
 
سميت الفلم "بالخرافة" هل هذا يعني أنك لا تعتقد أن التطرف يشكل خطراً على وسط آسيا؟
 
إنّ المسألة ليست بهذه البساطة. في البداية لم يكن التطرف يشكل تهديداً، لكنه الآن يشكل تهديداً، وهذا بسبب أناس مثل السيد كريموف. ففي سنة 1990، عندما بدأ القادة في وسط آسيا يحذرون مما يسمى "بالتطرف" و "الأصولية"، كان التهديد ضئيلاً جداً.
 
وكما يعلم الجميع فإنّه منذ القدم وطبيعة الإسلام الموجود في وسط آسيا هو إسلام معتدل. لكن كريموف وآخرون استخدموا شبح "الإسلام المتطرف"، لإخافة السكان المحليين وإرضاخهم: مثل قوله أنا الوحيد الذي استطيع حمايتكم من هؤلاء الإسلاميين الإرهابيين الخطرين- لذلك بحجة الاستقرار وتحت غطاء استتباب الأمن - يجب وضع النظام الديمقراطي جانباً. وكأن لسان حاله يقول أنّ أي شخص يجرؤ على انتقادي فهو عميل أو متطرف وسوف أزجّ به في السجن وأعذبه.
 
لكن كيف هو الوضع هذه الأيام؟
في هذه الأيام وكنتيجة مباشرة لظلم النظام، وبسبب فشله على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي، فإنّ التهديد الآتي من التطرف أصبح في ازدياد. لقد تحولت أكذوبة التطرف التي كانت ترعب النظام من مجرّد أسطورة إلى حقيقة.
 
لقد كشف كثير من الخبراء المحللين أنّ منظمات مثل حزب التحرير تستقطب الكثير من الأعضاء طوال الوقت. والأكثر أهمية أنّ هناك الكثير من الناس المتعاطفين مع ما يطرحه حزب التحرير مع أنّهم ليسوا أعضاء فيه.
 
لكن –وهذا في غاية الأهمية – بالرغم من محاولة النظام في وسط آسيا تلفيق التّهم لحزب التحرير لا يوجد أحد استطاع أن يثبت فعليا أنّ حزب التحرير قد استخدم العنف.
 
في الفيلم، قال لي سفير "منظمة الأمن والتعاون في أوروبا "إلى بشكيك "اندرو تسوريير" : "يجب أن تحترم حقوق الناس في السجن – حتى لو كان هؤلاء الناس متهمين بالإرهاب – وإذا لم تفعل ذلك، فأنت تضاعف مشكلة التطرف وربما حتى الإرهاب". للأسف الشديد، فإنّ الإعلام المحلي لا يستطيع أن يتكلم عن هذا.
 
إذاً هل تعتقد أن تهديداً حقيقياً آتياً من التطرف موجود اليوم؟
نعم، التهديد موجود الآن، لكن من المهم معرفة جذوره من أجل السيطرة عليه. التطرف موجود بسبب سياسة الظلم من قبل النظام في الإقليم. لكن عندما نتكلم عن التطرف في وسط آسيا فإنه من الخطأ ومن السذاجة التركيز على التطرف الديني.
 
قمت بإجراء مقابلة مع "محمد سوليخ" قائد المعارضة الأوزبكية، قال لي بأنّه يخاف الآن من التطرف في أوزبكستان، ليس فقط بين الناس المتدينين. بل كان يحذر من رجال أعمال ومعلمين وعمّال، قد تم استقطابهم باتجاه الراديكالية.
 
وأنا شخصياً أعتقد أنّ حدث انديجان في سنة 2005، وبعض المظاهرات الصغيرة وإطلاق النار في وسط آسيا على مدى الأعوام القليلة الماضية، يظهر أنّ الناس فعلاً يُدفعون أكثر فأكثر إلى التطرف. وعندما تنظر إلى ما يفعله النظام في وسط آسيا بالناس لا يمكن إلقاء اللوم عليهم.
 
مثلما قال الخبير الطاجيكي "برويز موللوجانوف" في الفيلم: "إنّ القادة في وسط آسيا لا يفهمون الإسلام. إنّهم يخافون من الإسلام. لا يمكنهم التفريق بين التطرف والاعتدال، من أجل ذلك فإنهم يقمعون الجميع. وإذا قمت بذلك، فانّك تكون قد ساهمت في تقوية التنظيمات الأصولية."
 
هل تعتقد أنّ الناس في الغرب مطّلعين على الوضع؟
كلا. قال لي "محيي الدين كبيري"، مسئول حزب النهضة الإسلامي في طاجاكستان، "إنّ الغرب يرى جانبين في وسط آسيا، جانب التطرف الديني وجانب النظام المتسلط. ومن أجل أن يحافظ الغرب على مصالحه وعلى الاستقرار في المنطقة فإنّه يدعم النظام المتسلط. إنّ الغرب ينسى الجانب الثالث وهو الناس العاديين".
 
بالنسبة للغرب – أعني القادة السياسيين في الغرب – فإنّ السيطرة على أفغانستان وعلى الطاقة أهمّ بكثير من حياة الناس في وسط آسيا.
 
ما هو أكثر شيء كان لافتاً لنظرك عندما كنت تصور فلمك في وسط آسيا؟
"الأبطال" في هذا الفيلم، صحيح أنّهم قلائل، لكنهم في منتهى الجرأة بسبب دفاعهم عن حقوق الناس، محامون وصحفيون يواصلون صمودهم أمام النظام الوحشي. غالباً ما يعرّضون حياتهم للأذى، مثل ما نرى الآن من أدلة فظيعة نشاهدها تقريبا كل أسبوع.
 
لسوء الحظ لا يوجد هناك دليل على وجود سياسيين معارضين موثوق بهم في أي من تلك البلاد. والشيء الآخر الذي كان لافتاً هو معاملة الناس والعائلات بوحشية من قبل النظام: هناك أناس أبرياء زجّوا في السجون لمدة عشرين عاماً، على جرائم الكل يعلم أنّهم لم يقترفوها، ومن غير الحصول على محاكمة عادلة، أو حتى من دون الحصول على محامي. كذلك معاملة الشرطة الوحشية، والتعذيب، والقائمة تطول........الخ. هذه هي حياة الآلاف من الناس الأبرياء في الإقليم. صحيح أن الوضع أسوأ في أوزبكستان، لكنه من الواضح الآن أنّ القادة الآخرين يسيرون على خطى أوزبكستان.
 
كيف ترى مستقبل وسط آسيا؟
أنا شديد القلق. لقد كانت سياسة الأنظمة فاشلة وخطيرة بشكل كامل. وإنّ المستفيد الوحيد الآن هم الحكام الحاليون المغتصبون للسلطة. إنّ زجّ آلاف الناس في السجون يعتبر هدرا حقيقياً لطاقات الناس، لقد أصبحت السجون أرض خصبة لتكاثر الجماعات الراديكالية، كما أظهر تقرير "لمنظمة الأزمات العالمية".
 
قال لي "ديليور جومابييف"، -ممثل حزب التحرير في قرغيزستان- هناك أعداد غفيرة داخل السجن من حزبنا، هناك جيش كامل من جماعتنا سوف يخرجون من السجن غير خائفين من أي شيء. قريبا جدا سوف يكون لنا دولة إسلامية، "الخلافة".
لكن عندما سألته فيما إذا كانوا سيستخدمون العنف لتحقيق ذلك الهدف، نظر إليّ بشكل مستقيم وقال: "لا إطلاقا، سوف نستخدم قوة القران فقط".
 
معظم الخبراء متفقون على أنّ الأنظمة في وسط آسيا تعيش حالياً في الوقت الضائع. كما قال لي السفير البريطاني السابق لأوزبكستان "كريغ موري" : "بدعم الغرب للنظام الوحشي، نكون قد أوجدنا قنبلة موقوتة من الغضب في وسط آسيا. وبسبب تأييد ومساعدة الغرب للأنظمة الديكتاتورية، فإنّ هذه القنبلة من الغضب سوف تتحول ضد الغرب".
انتهت الترجمة.
 
وتبقى "عقدة عدم فهم" العقيدة الإسلامية ماثلة عند كل من يحاول من غير المسلمين أن يفسر سلوك المسلمين، العقيدة الإسلامية التي لم يدرك الغرب تأثيرها على معتنقيها، فلا يجد ما يفسر به صحوة المسلمين أو تضحياتهم أو بطولاتهم إلا على أنها ردات فعل ليست أكثر.
24/1/2010