شباب حزب التحرير في الخليل يلقون كلمة في مسجد عبد الحي شاهين في ذكرى هدم الخلافة
التفاصيل
ألقى أحد شباب حزب التحرير بعد صلاة يوم الجمعة 24/6/2011 كلمة ضمن فعاليات الذكرى التسعين لهدم دولة الخلافة، في مسجد عبد الحي شاهين.
حيث ألقى أحد الشباب كلمة ذكّر المسلمين فيها بجريمة هدم دولة الخلافة في الثامن والعشرين من شهر رجب لسنة 1342 هـ،، وبين كيف أن الأمة دخلت مرحلة الحكم الجبري بعد هدم دولة الخلافة. فأصبحت تحكم بأنظمة لا تحترمُ عقيدةَ الأمةِ ولا تُعَبرُ عن تاريخِها وحضارتِها، فعم الفسادُ والقهرُ والاستبدادُ، وأصبحت تُسامُ سوءَ العذابِ على أيدي حكامٍ ظلمةٍ، اكتظت سجونُهم بأبناءِ الأمةِ المخلصين، وعلمائِها العاملين، وعانى الناسُ شدةَ القهرِ وضراوةَ الظلمِ وضنكَ الأوضاعِ السياسيةِ طِوالَ العقودِ التسعةِ الماضية.
ثم انتقلت الأمة من خلال الثورات المباركة التي تجتاح بلاد المسلمين لتدخل عملية المخاض للتخلص من أنظمة الحكم الجبري. وبين أن انتصار الثورات الحقيقي يكون بحصول تغيير جذري يتوج بنظامِ الإسلام، نظامِ الخلافة تحقيقا لبشرى رسولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، حيث قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: ((... ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيّاً، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ، ثُمَّ سَكَتَ". هذا وقد علت أصوات التكبير والهتاف بأن الخلافة وعد الله أثناء وبعد إلقاء الكلمة. والحمد لله رب العالمين.
وفيما يلي نص الكلمة التي أُلقيت:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين.
قبل تسعين سنة وفي مثل هذه الأيام في الثامن والعشرين من شهر رجب لسنة 1342 هـ، وقعت أكبرُ جريمةٍ في حقِ المسلمين، حيثُ تمكنت الدولُ الغربيةُ بقيادةِ بريطانيا من إلغاء دولة الخلافة الإسلامية.
أيها المسلمون
لقد كان هذا الحدثُ الجسيمُ منعطفاً خطيراً في حياةِ الأمةِ الإسلامية،
وبسقوطِها سقطت آخرُ دولةِ خلافةٍ للمسلمين، ولم يَتَبَقَّ للأمةِ الإسلاميةِ منذ ذلك التاريخِ دولةٌ حقيقيةٌ تمثلُهم، ولم يعودوا يَحْيَوْن حياةً إسلاميةً.
وبسقوطِها سقط ظِلُّ دارِ الإسلامِ من على الأرض، الذي كان يُظلُّ كلَّ المسلمين في مشارقِ الأرضِ ومغاربِها، فالدولُ التي أُقيمت على أنقاضِ دولةِ الخلافةِ لم تَكُنْ أكثرَ من كياناتٍ زائفةٍ لا تمثلُ الأمةَ بحالٍ من الأحوال؛ لأن الاستعمارَ هو الذي فرضَها على شعوبِ الأمةِ الإسلامية، ولذلك كان الاستعمارُ أَوْلى بأن تُمَثلُه هذه الكياناتُ بَدَلاً من أن تُمَثلَ شعوبَها، فهي قائمةٌ على أساسِ النظامِ الرأسماليِ الذي يَفصلُ الدينَ عن الحياة، ويعطي الإنسانَ حقَّ وَضْعِ الأحكامِ والقوانين.
والمسلمون منذ سقوطِ الخلافةِ لم يذوقوا طعمَ الانتصارِ والعزةِ والكرامةِ ولو لِمَرةٍ واحدة، فهم لم يكسبوا معركةً قط، ولم يفوزوا بحربٍ أبداً، فحروبُهم بعد عهدِ الخلافةِ لم تُنتجْ سوى الهزائمَ والنكساتِ.
أيها المسلمون
بسقوطِ دولةِ الخلافةِ دخل المسلمون مرحلةَ الحكمِ الجبريِ الذي أخبر به رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، فسادت أنظمةٌ لا تحترمُ عقيدةَ الأمةِ ولا تُعَبرُ عن تاريخِها وحضارتِها، فعم الفسادُ والقهرُ والاستبدادُ، وأصبحت تُسامُ سوءَ العذابِ على أيدي حكامٍ ظلمةٍ، اكتظت سجونُهم بأبناءِ الأمةِ المخلصين، وعلمائِها العاملين، أصبح المسلمون يُقتلون بأيدي بلطجية وشبيحة الأنظمة أكثرَ مما يُقتلون في الحروب، وعانى الناسُ شدةَ القهرِ وضراوةَ الظلمِ وضنكَ الأوضاعِ السياسيةِ طِوالَ العقودِ التسعةِ الماضية.
وها هي الشعوبُ في البلادِ الإسلاميةِ تنتفضُ للتخلصِ من هذه الأنظمة. سقطت أنظمةٌ والأخرى مرشحةٌ للسقوط. وهذا يُبشرُ بأُفولِ مرحلةِ الحكمِ الجبريِ التي تنتهي بالتمكينِ للمؤمنين الذين كانوا يُستضعفون. قال تعالى: ((وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ فِي ٱلأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ ٱلْوَارِثِينَ)).
إن الانتصارَ الحقيقيَ لهذه الثوراتِ المباركةِ هو أن يحصلَ تغييرٌ جذريٌ، والتغييرُ الجذريُ ليس تغييراً في الأشخاصِ والوجوه، أو تغييراً في السياساتِ، مع إبقاءِ النظامِ الرأسماليِ الديمقراطي، بل التغييرُ الجذريُ يعني أن تُنبذ الأنظمةُ الرأسماليةُ الديمقراطية، والإتيانُ بنظامِ الإسلام، نظامِ الخلافةِ، النظامِ الذي يجعلُ القرآنَ والسنةَ هما المصدرَ الوحيدَ للتشريع، إن التغييرَ الحقيقيَ هو الانتقالُ من الهيمنةِ الغربيةِ السياسيةِ والاقتصاديةِ ومن الأنظمةِ العلمانيةِ إلى حياةٍ إسلاميةٍ في ظلِّ أنظمةِ الإسلام، وإن أيَّ نظامٍ غير نظامِ الإسلام سينتهي إلى ما انتهت إليه الأنظمةُ المتهاوية. فلم يعد ينطلي على الأمةِ مكرُ الأنظمةِ وخداعُ الرويبضات.
إن الانتصارَ الحقيقيَ لهذه الثورات هو أن تُتَوجَ بإعلانِ خلافةٍ على منهاجِ النبوةِ تحقيقاً لبشرى رسولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، حيث بَيَّنَ أن بعد الحكمِ الجبريِ تكونُ خلافةٌ على منهاجِ النبوة، فقد بَيَّنَ أن المرحلةَ الأولى في الحكمِ هي النبوة، ثم خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ ثم مُلْكٌ عَاضٌ ثم مُلْكٌ جَبْرِيّ، وكلُّ ذلك مَرَّ بالأمةِ ثم قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: ((... ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيّاً، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ، ثُمَّ سَكَتَ". (رواه الإمام أحمد بسند صحيح).
أيها المسلمون
إن الثامنَ والعشرين من رجبٍ لهذا العامِ يُبشرُ بِدُنوِ قيامِ الخلافةِ بإذن الله سبحانه وتعالى، فسارعوا إلى العمل لإقامتِها على منهاجِ النبوة، مُتبعين طريقةَ رسولِ الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وإننا، في حزبِ التحرير، نؤمنُ بوعدِ الله سبحانه، ونصدقُ بشرى رسولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، ونعملُ مع الأمةِ الإسلاميةِ ومن خلالِها؛ لإعادةِ الخلافةِ من جديد، ونحن مطمئنون بتحقيقِ ذلك سائلين الله سبحانه أن يكرمَنا بإقامةِ الخلافة، وأن نكونَ جندَها، نرفعُ رايتَها بخيرٍ وعلى خير، وننتقلُ بها من نصرٍ إلى نصر، وما ذلك على الله بعزيز.