جدد كيان يهود المجرم غاراته الجوية القاتلة على قطاع غزة، وقد أظهر وحشية غير مسبوقة لكل ما ارتكب من جرائم على مدى 18 شهراً، حيث أغار بمائة وعشرين طائرة حربية فجر الثلاثاء، وألقى صواريخ مدمرة وقنابل من العيار الثقيل على العزل النائمين أو القائمين في صلاتهم أو أولئك الذين يبحثون عن كسرة خبز لسحورهم في خيامهم المقطعة، ما أسفر عن استشهاد 420 شخصاً وما يزيد عن 500 جريح جلهم من الأطفال والنساء.

وقد سبق هذه الجريمة الوحشية حصار وحشي وقطع للغذاء والدواء وانقطاع الماء والكهرباء ومنع لكل أسباب الحياة البسيطة، دون مراعاة لحرمة شهر رمضان الفضيل.

وفي الساعة نفسها أغارت الطائرات الحربية بأكثر من خمسين غارة على مدينة درعا السورية، ما أسفر عن مقتل ثلاثة من المدنيين.

كيان يهود ينفذ بهذه الوحشية تهديد المجرم الأكبر دونالد ترامب الذي توعد بفتح أبواب الجحيم على غزة إذا لم يطلق سراح الأسرى الذين اعتقلهم المجاهدون في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023م في عملية طوفان الأقصى.

ليس غريباً أن يرتكب يهود جرائم الإبادة بقسوة شهد الله عليهم بها حيث قال سبحانه وتعالى: ﴿ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَٰلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً، وليس غريباً أن ينكثوا المعاهدات التي توافقوا عليها لتبادل الأسرى مع حماس والتزام الطرفين بوقف إطلاق النار، فهم كما وصفهم الله جل شأنه في قوله: ﴿أَوَكُلَّمَا عَاهَدُواْ عَهْداً نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ، وليس غريبا أن يخدع يهود أطراف المعاهدة الضامنين لتنفيذ الاتفاقية ويضرب بضمانهم عرض الحائط، فهم كما وصفهم الصحابي الجليل عبد الله بن سلام رضي الله عنه "إن يهود قوم بهت"، وليس غريباً أن يكذب زعماء يهود بكل صلافة ووقاحة لتبرير عدوانهم الوحشي المبيت فهم كما وصفهم الله سبحانه وتعالى: ﴿سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ﴾...

كل ما سبق وزيادة من الصفات القبيحة يذكرنا بها الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم ويحذرنا منهم ونحن نتلوه صباح مساء، ولا تكاد خطبة من خطب الأئمة في المساجد تخلو من ذكر سحت يهود وكذبهم وخيانتهم للعهود، وما زال كلام الله يقرع أسماع المسلمين محذراً منهم منذ أن جاءهم موسى عليه السلام بالبينات ولكنهم اتخذوا العجل إلهاً من بعده، ورغم ذلك كله ورغم أن جرائمهم لم تعد تخفى بل إنهم يفاخرون بها ويتشدقون ببطشهم وجبروتهم بعنجهية ويجاهرون بارتكابهم الجرائم ضد الأطفال والنساء والشيوخ؛ نجد حكاماً وساسة نظنهم من أبناء جلدتنا يحمونهم ويسندونهم ويدعمونهم ويثقون بعهودهم ويوقعون معهم الاتفاقيات، ويذلون أنفسهم لهم حيث ينقضون عهدهم في كل مرة، وهذا هو المستهجن حقاً. وقد بلغ الذل والهوان من حكام الأمة اليوم مبلغا لا يوصف ولا مثيل له في التاريخ، وأصبح جلياً أنهم قد خذلوا الأمة وخانوا الله ورسوله وصار استبدالهم أمراً حتمياً لا مناص منه.

آن للأمة أن تدرك أن خلاصها من كيد يهود وبطشهم لا يكون بالمعاهدات معهم ولا بالاتفاقيات، ولا يكون باستنكار عدوانهم ولا الشجب الذي يمارسه حكامها المتآمرون، ولا يكون بالرجوع لما يسمى محكمة العدل ولا هيئة الأمم ولا المجالس الدولية فكل هؤلاء متواطئون مع عدوها متآمرون عليها.

إن لنا في رسول الله ﷺ أسوة وفي سيرته تشريعاً، وإننا على يقين أن القاصي والداني من المسلمين قد درس أو سمع عن خيانة يهود له ﷺ وكيف تعامل ﷺ معهم، وقد فصل الله ذلك وخلده فيما جاء في سورة الأحزاب قول الله تعالى: ﴿وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً * وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَأُوهَا وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً، وما جاء في سورة الحشر: ﴿سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ * وَلَوْلَا أَن كَتَبَ اللهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاء لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَمَن يُشَاقِّ اللهَ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ * مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ﴾.

لقد أصبح واضحاً وضوح الشمس أن لا سبيل للخلاص منهم ومن كيد من يتآمر معهم ويعاونهم ويساندهم إلا بما أمر الله وأثبت في كتابه، ولا يكون ذلك إلا بتوحيد الأمة في كيان واحد يبايع فيه الخليفة على كتاب الله سبحانه وسنة رسوله ﷺ ويعلن الجهاد في سبيل الله لتحرير الأمة ودحر عدوها. وقد آن لأبناء الأمة من أهل القوة والمنعة أن يجعلوا هذه القضية مسألة حياة أو موت، وأن لا يخشوا في الله لومة لائم.

إننا نعجب من المخلصين من الجنود والضباط الذين يقرأون هذه الآيات من كتاب الله ولا تحرك فيهم النخوة والحمية للدفاع عن المستضعفين وحماية بيضة الإسلام وحرمات المسلمين المستباحة من الأعداء شرقاً وغرباً! بل إن أعداءنا لا يزالون يفاخرون باضطهاد المسلمين وإذلالهم ونهب ثرواتهم ويتباهون بذلك فهم لا يرون أمامهم رجالاً ولا حماة!! ولكم في صبر أهل غزة وثباتهم مثال يحتذى، حيث لا يعطون الدنية في دينهم ولا يقبلون بالحلول المهينة ويرفضون تهجيرهم ويستقبلون الموت بصدور عارية بيقين المؤمن بأن الشهيد حي عند الله يرزق، فما بالكم لا ترعوون؟!

﴿وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ

المكتب الإعلامي المركزي

لحزب التحرير

20/03/2025