أسلحة الدمار الشامل في ظل الحكام الجبريين نقمة على الأمة وأداة للإضرار بها

علاء أبو صالح-عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في فلسطين

تنشغل الدول الكبرى هذه الأيام في مفاوضات معلنة لبحث آلية تسليم النظام السوري للأسلحة الكيميائية التي يمتلكها، والتي استخدمها بأوامر أمريكية ضد أهل الشام في الغوطتين وغيرها، وإزاء هذه الواقع المزري لا بد لنا من وقفة سريعة على واقع أسلحة الدمار الشامل في ظل الحكام الجبريين الذين يربضون على صدر الأمة منذ عقود.

إن الدول المستقلة ذات الشأن تتبارى في امتلاك الأسلحة التقليدية بشكل عام وأسلحة الدمار الشامل بشكل خاص، وتبذل الدول الأموال الباهظة في هذا السباق، حتى أن تسابقها في امتلاك الأسلحة المتطورة قد جر إلى انهيار دول وإفلاسها كما حصل مع الاتحاد السوفيتي الذي تسبب دخوله في حرب النجوم في انهياره.

وتحرص الدول المستقلة على امتلاك أسلحة الدمار الشامل كقوة ردع أمام قوى الطغيان والشر العالمي التي تجرأت على دول أخرى لا تمتلكها فاستخدمتها بأسلوب بشع تندى له جبين البشرية. كأمريكا، التي استخدمت القنابل النووية في اليابان، والأسلحة الحارقة "النابالم" في فيتنام، واليورانيوم المنضب في العراق، وكإيطاليا التي استخدمت الأسلحة الكيميائية ضد ليبيا، وكيان يهود الذي استخدم الفسفور الأبيض واليورانيوم المنضب ضد أهل غزة.

أما في بلاد المسلمين، وفي ظل الحكام الجبريين، فالواقع مختلف وأسباب امتلاك الأسلحة مختلف عن بقية الدول وكذلك أوجه استخدامها.

ففي بلاد المسلمين، استخدمت مصطلحات المقاومة والممانعة للعدو اليهودي على وجه الخصوص وضد الإمبريالية الغربية بشكل عام كمبررات فقط لجمع الأموال من الناس ومن قوت عيالهم وصرف الميزانيات الباهظة في سبيل امتلاك هذه الأنظمة لتلك الأسلحة، وكان مصير تلك الأسلحة إما استخدامها ضد الشعوب التي بذلت ما تملك لأجل حيازتها، كما فعل نظام صدام حسين وكما فعل المجرم الأسد مؤخراً بقصف الغوطتين، أو التخلي عنها عند أول مفترق طرق مع الغرب، كما فعل البائد القذافي بتخليه عن أسلحة ليبيا وتسليمها لهم، وكما يقتفي أثره هذه الأيام الأسد الذي وافق على تسليم الأسلحة الكيميائية للغرب لتدميرها.

واللافت في هذه الأنظمة–العربية منها والأعجمية- التي امتلكت أسلحة الدمار الشامل أنها لم تستخدمها قط ضد أعدائها، فلا باكستان استخدمت سلاحها ضد الهند التي تحتل كشمير، ولا سوريا استخدمت سلاحها ضد يهود الذين يحتلون الجولان وعموم فلسطين، ولا العراق ولا ليبيا ولا ايران لتحرير فلسطين التي بقوا يتغنون بتحريرها وبأنهم يعدّون الجيوش "جيش القدس وغيره" لتحريرها. بل كانت أوجه استخدامها كلها أوجه تلحق الضرر بالأمة؛

فهي إما استخدمتها ضد شعوبها كما أسلفنا، أو امتلكت هذه الأسلحة دون استخدامها بل لتكون "بعبعاً" للآخرين وفق ما تقتضيه المصالح الغربية الاستعمارية، كواقع السلاح النووي الايراني الذي تستخدمه أمريكا فزاعة لدول الخليج لإبقاء قواتها هناك أو حتى للدول الأوروبية للإبقاء على حلف الأطلسي الذي تحاول أوروبا التفلت منه، وإمّا لتوفير غطاء للغرب لإدخال قواته في بلاد المسلمين كشكل من أشكال الاستعمار تحت غطاء نزع أسلحة الدمار الشامل كما يوفر الآن النظام السوري لأمريكا هذه الغطاء لتدخل عبر قوات دولية لتعيث في الشام الفساد سعياً لإجهاض ثورتها ومنع الثوار المخلصين الرافضين للنفوذ الغربي الاستعماري من اسقاط النظام وكنس النفوذ الاستعماري من سوريا.

إن أسلحة الدمار الشامل يجب أن تمتلكها الأمة وأن تكون لحمايتها من كل من يحاول أن يدنو من حياضها أو يفكر في الاعتداء عليها، لكن الحكام الجبريين قد جعلوا من هذه الأسلحة نقمة على شعوبهم وأداة لإذلالها وإخضاعها للغرب، فكانت هذه الأسلحة في ظل هؤلاء الحكام أداة للاستعمار لا ضده، وما ذلك إلا لأن هؤلاء الحكام أجراء له يؤدون الحكم كمهمة أوكلها لهم أسيادهم في واشنطن ولندن وباريس.

وإزاء هذا الواقع كان حريّاً بالأمة أن تسرع في اقتلاع هؤلاء الطواغيت كافة لتستعيد مكانتها وهيبتها وكرامتها فتنصر بالرعب مسيرة شهر، ويعود المسلمون أعزاء أقوياء يفاخرون الدنيا بإسلامهم ولا يجرؤ على الدنو من حياضهم أو حرماتهم عدو غاشم.

14-9-2013