"الممثل الشرعي والوحيد" نافذة لتمرير المخططات الاستعمارية

علاء أبو صالح

 

ما إن تم الإعلان عن تشكيل الائتلاف السوري الوطني لقوى الثورة والمعارضة حتى سارع رئيس وزراء قطر بطرح قرار اعتبار الائتلاف ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب السوري على الجامعة العربية تمهيدا لطرحه على الأمم المتحدة.

وجدير بنا في هذا السياق أن نستحضر تجربة منظمة التحرير الفلسطينية التي اعتبرتها الجامعة العربية ومن ثم الأمم المتحدة، ممثلا شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني، فكانت بهذه الصفة بوابة للتنازل عن الأرض المباركة ومقدساتها، وبات قادة المنظمة ووليدتها المسخ السلطة الفلسطينية يسيرون بقضية فلسطين إلى الهاوية، ويعبث هؤلاء بالبلاد ويقمعون العباد، وباتوا جنداً لحماية المحتل، وكل ذلك تحت ستار الممثل الشرعي والوحيد وهم أبعد ما يكون عن تمثيل أهل فلسطين وتطلعاتهم!.

ومثل هذا الواقع –مع اختلاف الأجندات والأهداف والحوادث- يراد بالائتلاف السوري أن يلعب دوراً مشابهاً، بعد أن عجزت الدول الاستعمارية عن تنفيذ أجنداتها إلى الآن، وأن يكون هذا الائتلاف عنوان الثورة –وهو في حقيقته أبعد ما يكون عن تمثيل المطالب الحقيقية للثوار- حتى يخطف الثورة ويحرف بوصلتها ويلتف على مطالب الثائرين بإقامة الخلافة وتطبيق الإسلام في عقر دار المؤمنين في الشام، ويقطع الطريق على الرافضين للهيمنة الغربية والمخططات الاستعمارية بحجة خروجهم عن الشرعية!.

غير أن التمثيل الحقيقي لأهل الشام، كما هو لأهل فلسطين وغيرهم من المسلمين، إنما هو لمن يجسد فكر أهلها ومشاعرهم المنبثقة من عقيدتهم وإسلامهم، ولا شرعية لدى المسلمين غير شرع ربهم، وكل ما سوى ذلك هو غصب لتمثيل الناس وغير شرعي، وإن أُخرج بعباءة انتخابات مصنوعة على عين بصيرة، وإن صبغته الجامعة العربية أو الأمم المتحدة بصبغة "الشرعية". فهذه الأمة لم تأتلف إلا بالإسلام، ولم تكن أمة إلا بالإسلام، ولم تتفرق ويطمع فيها المستعمر إلا بعد إبعادها عن دينها وإسلامها، فكل مدعٍ لتمثيلها وهو خارج شرعيتها هو مختطف ودخيل.

إن تمثيل المسلمين ليس صفة تحتكرها هيئة أو منظمة أو أحزاب أو أفراد، أو صفة تنحلها الجامعة العربية أو الأمم المتحدة لمن شاءت، بل هي تجسيد لمطالب الأمة الحقيقية وتجسيد لمبدئها بعقيدته ونظام الحياة المنبثق عنها، ومن جسّد تمثيل الناس يوما وفق الضوابط أعلاه ثم تخلى عن جزء يسير منها نزعت عنه. فمن طالب بالديمقراطية لا يمثل أهل الشام ولا المسلمين، ومن طالب بدولة مدنية علمانية لا يمثل أهل الشام، كما أن من رضي بالنفوذ الغربي –أمريكياً كان أم أوروبياً- في الشام لا يمثل أهلها ولا المسلمين، ومن ارتمى في أحضان الحكام الأتباع أصحاب الأجندات الغربية لا يمثل أهل الشام ولا المسلمين.

ومن ثم إن إقرار الحاجة لاعتراف الأمم المتحدة بتمثيل هيئة أو منظمة لشعب ما، هو اعتراف بهيمنة هذه الهيئة، المسيطَر عليها من الدول الكبرى والتي أزكمت رائحة نتنها الأنوف، والمسلمون لا يحتاجون لإقرار هذه المؤسسة الاستعمارية لشرعية من يمثلهم، بل إن من "شرّعت" الأمم المتحدة تمثيله لشعب ما هو محل تهمة إذ حاز على رضى الغرب ورضي بقواعد لعبته الديمقراطية الاستعمارية.

إن الثائرين في الشام، قد أعلنوها مدوّية منذ اللحظة الأولى "هي لله" فهل يمثلهم من جعلها لأمريكا وأوروبا؟! وقد أعلنوها مدوية "قائدنا للأبد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم" فهل يمثلهم من جعل أوباما أو كاميرون أو أذانبهم من الحكام الجبريين قادة لهم؟! وأعلنوها "الأمة تريد خلافة إسلامية" فهل يمثلهم من يطالب بالدولة المدنية العلمانية؟! لا وألف لا وإن ضلل الإعلام والحكام، فالشمس لا تغطى بغربال.

ثم عن أية شرعية يتحدثون؟!!، فالأمة قد ثارت على الأنظمة ونادت من أول ربيعها "الشعب يريد اسقاط النظام" بينما ممثلو الائتلاف السوري يريدون شرعية من أنظمة في طريقها للزوال...يريدون شرعية من جامعة الدول العربية!!، يريدون شرعية من الغرب وأدواته التي ثارت عليها الأمة...يريدون أن تعترف بهم الجامعة العربية التي اعتبرت من وقت قصير النظام السوري المجرم شرعيا وتحاورت معه، ويريدون اعترافا  بالثورة  من قامعي الثورات وساقطى الشرعية أمام شعوبهم!!

إن من يمثل أهل الشام الذين جسدوا مطالب الأمة بأسرها بمطالبهم الداعية لعودة الإسلام ودولته، فكانت ثورتهم بحق ثورة الأمة بأسرها، هم كل المخلصين الساعين لإقامة الخلافة ومن يريدون تطبيق شرع الله وإقامة العدل وقلع النفوذ الاستعماري من بلاد المسلمين، فلمثل هؤلاء لينقاد الناس وليعطوهم ثقتهم، ويمدوا لهم صفقة اليد عسى الله أن يكرمهم ويكرم المسلمين جميعاً بإقامة الخلافة، مهوى أفئدة المسلمين وتطلعهم وسبيل خلاصهم.

13-11-2012