بسم الله الرحمن الرحيم

الأول من أيار يذكر بفساد الرأسمالية

بقلم: حمد طبيب

اليوم هو الأول من أيار 1/5/2012، وهذا اليوم يعتبر مناسبة عالمية ارتبطت بمناسبة تاريخية حصلت قبل حوالي مئة وخمسين عاما، وهذه المناسبة التاريخية تعتبر مؤشراً خطيراً على فساد النظام الرأسمالي الاقتصادي، لكن هذه الفكرة غُطيت بمناسبة سموها عيد العمال، وعالجوها معالجة خاطئة زادت الظلم الرأسمالي ولم تحل المشكلة.

وحتى نقف على الحقيقة التي غطتها هذه المناسبة العالمية، نعود إلى أسباب المشكلة التي حصلت في أمريكا آنذاك.

فقبل مئة وخمسين عاما حصلت مشكلة عمالية كان سببها الظلم الواقع على العمال في أمريكا، بسبب زيادة ساعات عملهم من قبل أرباب العمل، وفي نفس الوقت تخفيض الأجور، ولا يوجد طريقة لمعالجة هذه المشكلة في النظام الرأسمالي لأنه هو سبب المشكلة أصلا، حيث وضع هذا النظام قواعد الحرية الاقتصادية كأسس للنظام الاقتصادي وقوانينه وأفكاره (حرية الملكية، تنمية الملك، الانتفاع بالملك)، ووضع أيضا قاعدة أسماها بقاعدة الثمن على اعتبار أنه الحافز على الإنتاج والمنظم للتوزيع.

فماذا حصل بعد ذلك، الحريات أدت إلى الاحتكارات من قبل الرأسماليين الكبار، والاحتكارات أدت إلى التحكم بالعمال دون قدرة هؤلاء العمال على التظلّم لأية جهة، لأن الحرية سمحت لأرباب العمل بالتصرف في أملاكهم، والتحكم في ساعات العمل وفي أجرة العامل، دون وجود أي غطاء لهؤلاء العمال يسدّ الخلل الموجود عندهم، ودون وجود أي مجال لممارسة أعمال أخرى.

لذلك حصلت المظاهرات والإضرابات واستمرت مدة طويلة حتى تدخلت الدولة في نهاية المطاف بنظام ترقيعي سنة 1886م حدّدت فيه ساعات العمل، والحد الأدنى للأجور، وأنهى العمال إضرابهم ورجعوا إلى المصانع، ولكن الحقيقة هي أن المشكلة لم تحل، ولكن حصل التحايل للتغطية على عورات النظام الاقتصادي الرأسمالي.

فالمعالجة الصحيحة لمشكلة العمال لا تكون بتحديد ساعات العمل والأجور، ثم جعل ذلك مناسبة عالمية للأعياد.

إنما المعالجة الصحيحة تكون بالقضاء اولاً على التحكمات الاقتصادية وأسبابها في النظام الرأسمالي، لأن التحكمات هي التي جعلت الرأسماليين يسيطرون على الاقتصاد في البلدان الرأسمالية، ويكون ثانياً بالقضاء على الأحكام الخاطئة التي سمحت وسهلت للرأسماليين السيطرة على أموال الناس مثل النظام الربوي، ومثل الشركات الرأسمالية التي تتخذ المشاركة المالية أساسا لتأسيسها، وتكون ثالثاً برعاية شئون الناس في حاجاتهم؛ لأن الأساس الذي وضعه الرأسماليون وهو جهاز الثمن كميزان بين الإنتاج والتوزيع هو جهاز ونظام خاطئ لأنه يحكم على من لا يملك المال (الثمن) بالموت المحقق.

وبمعنى آخر إن إنصاف العمال لا يكون إلا بالقضاء نهائيا على النظام الرأسمالي الاقتصادي واستبداله بنظام يحقق العدالة للإنسانية؛ وهذا لا يوجد إلا في نظام واحد هو نظام الإسلام؛ وقد بدأت الشعوب في أوروبا وأمريكا تضع أصبعها على موطن الداء أخيرا، وهو النظام الرأسمالي الذي جعل الناس طبقتين، الطبقة الأولى منه تشكل 2% وتملك أكثر من 95% من الثروة، وطبقة أخرى تشكل 98% وتملك 5% من الثروة، لذلك جابت المسيرات كل أنحاء العالم في العام الماضي في أكثر من ألف مدينة، تطالب صراحة بإسقاط النظام الرأسمالي، وهذا الأمر سيتكرر في قابل الأيام لشدة ظلم هذا النظام مما سيؤدي إلى تهاويه.

إن العالم كله يتطلع إلى مخلص يخلصه من هذا العذاب وهذا الضنك الذي خلفه النظام الرأسمالي، ولكن يكون ذلك إلا بالنظام الإسلامي الذي يكفل للإنسان اشباع حاجاته الأساسية فرداً فرداً في صورة تحقق له كرامته المفقودة.

نسأل الله أن يجعل ذلك قريباً.

1-5-2012