اجتماع القاهرة الثلاثي... إقرار بالتبعية للأعداء وإصرار على التفريط!

بقلم: الدكتور مصعب أبو عرقوب*

    عن الراية

 عقد بالقاهرة يوم الخميس 31/5/2018 اجتماع تشاوري لوزراء خارجية مصر والأردن وأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، بمشاركة رؤساء أجهزة مخابرات الدول الثلاث، وذلك للتباحث بشأن آخر المستجدات على الساحة الفلسطينية.

تناول الاجتماع آخر التطورات الخاصة بقضيةفلسطين وأكد المجتمعون على حق الشعب الفلسطيني في أن يعيش في أمان وحرية، وأن يقيم دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران ١٩٦٧، وفقاً لمقررات الشرعية الدولية.

وأكد المشاركون في هذا الإطار على ضرورة احترام الوضع القائم تاريخياً في القدس باعتبارها مدينة محتلة تخضع لمفاوضات الحل النهائي للقضية الفلسطينية وفقاً لكافة مرجعيات عملية السلام المتوافق عليها دولياً.

يتحرك وزراء خارجية الأنظمة العميلة للغرب ومعهم منظمة التحرير الفلسطينية في قضية الأرض المباركة وفق ما تمليه عليهم خطط المستعمرين ضمن القرارات الدولية التي جعلت من وجود كيان يهود شرعيا، وأعطته الحق في جل الأرض المباركة، فلا يخرج أولئك الأقزام عن حدود الحظيرة الأمريكية التي وضعت القرارات الدولية سياجا لتحركات أدواتها العملاء في بلادنا، فالقرارات الدولية التي يتغنى بها المجتمعون في القاهرة أصبحت لهم مرجعية ودينا يحتكمون له في قضية الأرض المباركة.

الأرض المباركة وحسب تلك المرجعيات التي اتخذها الحكام العملاء دينا لهم تقسم بين أهلها ومحتليها قسمة ضيزى، وتعطي القدس وجل الأرض المباركة على طبق من ذهب لكيان يهود، ويركز المجتمعون في تصريحاتهم على ذكر شرقي القدس إمعانا في التنازل، وتبرئة لذمتهم أمام أسيادهم الغربيين، وحرصا على عدم إيجاد سوء فهم لتصريحاتهم فتفهم بالخطأ على أنها حرص على القدس!! فالتركيز على القدس الشرقية في صياغة بياناتهم الهزيلة يأتي خوفا من تجاوز سياج الحظيرة الأمريكية التي ارتضت الأنظمة العميلة أن تبقى حبيسة فيها.

حبيسة لتلك الأدوات الاستعمارية التي تضع القوانين وتصدر القرارات بناء على مصلحة المستعمرين وضمان نفوذهم وسيطرتهم على بلادنا، فالقرارات الدولية التي أصبحت طاغوتا تعبده تلك الأنظمة، تكرس التبعية وتضمن استمرار نفوذ المستعمرين الغربيين في بلادنا لينهبوا خيرات الأمة ويثبتوا كيان يهود خنجرا مسموما في خاصرتها، وقاعدة متقدمة في الحرب عليها، في محاولة لمنع نهضة الأمة واستعادة سلطانها بإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.

خلافة تخرج على كل القوانين والقرارات الدولية وتكسر القواعد الاستعمارية في التعامل مع قضايا الأمة وقضايا العالم بأسره الذي جعلت منه القوانين والقرارات الدولية الاستعمارية مزرعة كبيرة للمستعمرين استعبدت فيه الأمم والشعوب وشنت الحروب وسحقت البشر تحت غطاء من تلك القرارات الشيطانية التي أغرقت البشرية في بحر من الظلمات...

ظلمات طالت الأخضر واليابس... الحجر والشجر... تحت مظلة القرارات الدولية والشرعية الدولية المزعومة، فتحت مظلة تلك القرارات أقيم كيان يهود وقتل إخواننا في البوسنة وقسمت بلادهم واحتلت أفغانستان ودمرت وقتل الآلاف من أهلها، وبتلك القرارات الدولية حوصر العراق ومات آلاف الأطفال والنساء والشيوخ، فالشرعية الدولية التي يتمسك بها المجتمعون في القاهرة كانت رخصة قتل وتهجير لملايين المسلمين في الشام وغيرها من بلاد المسلمين تحت ذريعة مكافحة (الإرهاب).

(إرهاب) لا تراه تلك المرجعيات الدولية وقراراتها إلا في المسلمين فتنشئ الأحلاف الدولية لقتلهم وقصفهم في كل أصقاع الأرض، ولا ترى تلك المرجعيات الدولية بقراراتها الشيطانية أي إرهاب في قتل المسلمين في العالم وسحق حواضرهم تحت القصف وانتهاك أعراضهم وهضم حقوقهم، لا ترى تلك المرجعيات الدولية إبادة المسلمين الروهينجا في ميانمار، ولا موت الأطفال بالأسلحة الكيماوية أو البراميل المتفجرة، ولا تسمع بالمعتقلين في سجون طاغية مصر أو المشردين والقتلى نتيجة قصف النظام المصري لأهلنا في سيناء، ولا يمكن لتلك المرجعيات أن تتحرك لاعتقال وترويع المسلمين في روسيا أو التضييق عليهم في الصين أو الدول الإفريقية، ولم ولن تتحرك تلك المرجعيات الدولية وكيان يهود يقتل ويقصف ويدمر ويعتقل الأطفال ويهدم البيوت ويصادر الأرض يوميا... لم تجلب تلك القرارات الدولية إلا الخراب والدمار على أمة الإسلام.

الإسلام الذي حرم الاحتكام لغير الله وجعل من العقيدة الإسلامية مرجعية ثابتة لحل كل القضايا... تدير له الأنظمة العميلة للغرب ظهرها وتحتكم لتلك المرجعيات الظالمة الشيطانية وتجتمع في القاهرة لتؤكد التزامها بمرجعيات جلبت على الأمة الدمار والتبعية لتبقى وكما رسم لها أسيادها المستعمرون الغربيون في الحظيرة الاستعمارية ضمن سياج المرجعية الدولية.

مرجعية كاذبة خاطئة لا تعبر عن الأمة وتطلعاتها، فالمرجعية الحقيقية في قضية الأرض المباركة تسكن في قلوب وعقول الأمة الإسلامية، فالعقيدة الإسلامية وما انبثق عنها من أحكام شرعية جعلت من الأرض المباركة ملكا للأمة الإسلامية، وجعلت التحرك العسكري الطريقة الشرعية الوحيدة لاستعادة أولى القبلتين ومسرى الرسول عليه الصلاة والسلام، مرجعية شرعية جسدها الفاتحون والمحررون عبر تاريخ الأمة المشرق.

إشراق وتحرير في انتظار الأمة الإسلامية مجددا حين تخلع عبيد المستعمرين سكان الحظيرة الأمريكية والمسيجين في قراراتهم بسياجها ومرجعياتها الاستعمارية، فالتحرر والانطلاق نحو النصر والتمكين لا بد له من التخلص من هؤلاء الذين حبسوا جيوش الأمة ضمن سياج العمالة الأمريكية وجعلوا من القرارات الدولية دينا يعبد من دون الله.

آن لجيوش الأمة وكل القادرين على التغيير أن يخلعوا الحكام العملاء وينقلبوا عليهم ويحطموا سياج التبعية للمستعمرين ويقيموا الخلافة الراشدة على منهاج النبوة لتنطلق لتحرر الأرض المباركة وتحمل الإسلام دين رحمة ونور للبشرية.

*عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في الأرض المباركة فلسطين