تعليق صحفي

حقارة وعمالة النظام التركي أزكمت الأنوف فهل تتوقف ثقافة التقديس؟

تناولت وسائل الإعلام ردة الفعل التركية على العملية الفدائية التي قتل فيها جنود محتلين في القدس، ونشرت ترك برس الخبر تحت عنوان "إدانات تركية لعملية القدس وناشطون فلسطينيون: المقاومة ليست إرهابًا"، وجاء فيه أن رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم أدان العملية وقدم تعازيه "لضحايا هجمات القدس وبغداد". ونشرت شبكة فلسطين الإخبارية خبرا بعنوان "نائب رئيس الوزراء التركي يدين عملية القدس ويصفها بالحقيرة والارهابية".

يدرك كل مسلم واعٍ أن الجهاد من قبل جيوش الأمة الإسلامية في حرب عسكرية شاملة هو السبيل الموصل لتحرير القدس والمسجد الأقصى، وخلع الاحتلال الصهيوني من جذوره والقضاء على شروره، ومع ذلك يتفهم أن تكون عمليات المقاومة فتيلا لإشعال الأمة وجيوشها نحو واجب التحرير. إذ إن قتال اليهود المحتلين حكم شرعي راسخ لا يختلف عليه مسلم، ولا يمكن لعاقل مخلص أن يستنكر ذلك الحكم الشرعي أو أن يصفه بالحقير.

وإن هذه التصريحات من قبل النظام التركي المطبعّ مع اليهود  جديرة بأن تضع حدا للتمجيد والتبجيل -الذي قد يكون وصل لحد التقديس- المتواصل من قبل قادة وأنصار المقاومة لنظام أردوغان، المتخاذل والمتآمر على فلسطين. وهي تجدد التذكير بتصريحات أردوغان قبل أسابيع من أن "المسجد الأقصى هو مكان الصلاة للأديان الثلاثة"، والتي تحدّى فيها الثوابت العقدية والحقائق التاريخية لهذه الأمة الإسلامية، وللمبشرات الغيبية حول تحرير القدس وعودتها لحضن الخلافة الإسلامية بل عاصمة مستقبلية لها، وذلك في محاولة سياسية مبطنة لتمرير تخريب ثقافي خطير يستهدف عقول المسلمين، تحت شعار "الإسلام" الذي يتزين به النظام التركي زورا وبهتانا. فالله سبحانه قد ربط المسجد الأقصى بعقيدة المسلمين في قوله (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ)، فهل يمكن أن لنظام يتزين بالإسلام ويحصد الأصوات الانتخابية تحت شعاره ويحتمي من الانقلابيين بغضبته أن يعزّي بجنود يحتلون ذلك المكان المقدس؟ أو أن يعتبره مكانا لصلاة اليهود الباطلة؟

إن هذه المواقف الباطلة والمتحدية لعقول وقلوب المسلمين يجب أن تضع ألف علامة استفهام على الوساطة التركية لرفع الحصار عن غزة، فهي لن تكون بلا ثمن سياسي وثقافي وترويضي من قبل هذا النظام المرتمي في أحضان اليهود، والذي يعزي في مقتل جنوده بينما لا يرف له جفن عندما يقتل الأطفال والمسلمين في مدينة الباب في سوريا.

ومن هنا فإن الواجب على كل مسلم مخلص لفلسطين والقدس أن ينكر على النظام التركي هذه الجرأة الباطلة على مشروعية قتال اليهود من أجل تحرير أرض الإسراء والمعراج. وأن يتوقف عن تبرير تخاذله لفلسطين ولثورة الشام تحت ادعاءات هزيلة، لا تحترم عقول الناس.

ومن اللافت أن هذا الخبر أثار ردود فعل غاضبة في الأوساط الإسلامية وفي أوساط المقاومة بما يشير إلى صحوة من سكرة تقديس أردوغان ونظامه، ومواجهة للحقيقة. ومن ثم فيجب أن لا تمر هذه المواقف عبر ترقيع جديد أو زيارة دبلوماسية جديدة لتركيا، أو بوعود جديدة لميناء تركي في غزة، فإن الدولارات لا تبيح المحظورات والمواقف المبدئية ليست عرضة للمساومات والترقيعات. وهي ثورة كاشفة فاضحة لن تبقي عميلا إلا وفضحته، ولا متآمرا إلا وكشفته.

9/1/2017