تعليق صحفي

أمريكا تحرك خيوط اللعبة حول سوريا

عبر عملائها الإقليميين ومنافسيها الدوليين

 قال مسؤولون إيرانيون إن إيران قررت توحيد موقفها مع روسيا في الحملة الرامية إلى التوصل لاتفاق سياسي لإنهاء الحرب السورية، ما يعني أنها قد تخفف من اعتراضها على رحيل الرئيس بشار الأسد عن السلطة في إطار هذا الاتفاق (الجزيرة نت 19/12/2015).

إن الوعي السياسي في تناول هذه التصريحات السياسية يوجب وضعها في سياقها الصحيح، وهو أن إيران تدين بالولاء السياسي لأمريكا وهي تتحرك ضمن المبدأ الأمريكي القائم على إعطاء المهل لنظام بشار، مع الحفاظ عليه، حتى يتم انضاج البديل: الذي يغيّر الطرابيش ولا يغير نظام الحكم في سوريا ولا ولاءه لأمريكا.

وبالتالي فإن ما تقوم به إيران من تشاور وتنسيق مع روسيا لا يتم في حقيقته إلا ضمن ذلك الثابت السياسي، وإذا ما قررت أمريكا أن بوادر إنضاج البديل قد بدأت تؤتي أكلها بعد مؤتمر المعارضة السورية في الرياض، وبعد اجتماع فينا، فإنها توعز لعملائها في إيران أن يطّوروا مواقفهم حول بقاء الأسد: فلا قيمة لأي عميل عند أمريكا إلا بالقدر الذي يحقق مصالحها. وهي دولة رأسمالية-استعمارية، لا تعرف قيمة الوفاء لمن خدم مشاريعها ولا من دان لها بالعمالة مثل بشار ونظامه.

وفي الوقت الذي تفتح أمريكا لعميلها الإيراني تنسيق الجهود مع روسيا، تفتح المجال أيضا لعملائها الإقليميين الآخرين في السعودية ومصر وتركيا لتشكيل ما أسموه حلف عسكري إسلامي: ليكون أداة أمريكا في أيّ تحرك بري مستقبلي يفرض الوقائع على الأرض، ويمكّن الفصائل التي ارتمت في حضن مؤتمر رياض من الهيمنة على المشهد العسكري والسياسي في سوريا، وليكون الحلف (الإسلامي إسما والأمريكي حكما) لسانها المنافح عن رأسماليتها وعن حلولها، في مقابل اتهام المشروع الإسلامي السياسي (الخلافة على منهاج النبوة) بالإرهاب، وذلك ضمن ما أعلنه الحلف من حرب فكرية وإعلامية مع الحرب العسكرية.

لذلك فإن قبضة أمريكا على المواقف الدولية والإقليمية فيما يتعلق بمستقبل سوريا تزداد، وكأن العالم كله يصطف مع أمريكا في قمع الثوار وفي خطف منجزاتهم، ومن ثم في تمكين أمريكا من تكرار مشهد نصف الثورة المصرية، التي أعادت انتاج النظام بصورته الأكثر قمعية وتحديا للإسلام، ولثقافة الأمة.

19/12/2015