صرح وزير العمل في حكومة حماس أحمد الكرد بأن "أموال المعونات التي تتجاوز مليار دولار هي أموال مسيسة في الأساس وتقف وراءها أجهزة مخابرات عالمية تبحث عن مكان لها في غزة، وتدخل مستترة تحت لافتات منظمات الإغاثة"، وذلك في حديث نشر على صحيفة الحقيقة الدولية.
واعتبر "أنّ ترك الساحة في هذا المجال للغرب ليس في مصلحة العرب".
*******
 
لم يجانب الكرد الصواب عندما قال بأنّ منظمات الإغاثة الدولية العاملة في غزة تقف وراءها أجهزة مخابرات عالمية تبحث عن مكان لها في غزة، فهذا ديدن القوى الغربية الاستعمارية التي تلج في بلاد المسلمين تحت شعارات كثيرة منها حقوق الإنسان وحقوق المعاقين وحرية المرأة والإغاثة الإنسانية، والتي تحاول تجنيد بعض أهلها ليكونوا خدما للغرب ومنفذين ومروجين لسياساته وآفاته الفكرية.
 
وقد أثبتت الوقائع المختلفة أنّ كثيرا من هذه المنظمات "الإنسانية" إنما هي مجرد ستار يخفي وراءه أعمال أجهزة المخابرات المختلفة في بلاد المسلمين، ويكفي الإشارة إلى عمل هذه المنظمات في كل من دارفور وجنوب السودان كمثال واضح على ماهيتها.
 
نعم لم يجانب الكرد الصواب في كل هذا، ولكن السؤال الذي يجب أن يُطرح قبل ذلك، أين هو دور سلطته حيال ما يجري أمامها وما تعلم به؟
فلو كان الكرد مجرد باحث أو محللا لقلنا قد قال وقال، ولكن من يعمل وزيرا لا يصح أن يتكلم بمنطق المتفرج الذي يصف الأحداث فقط دون أن يتدخل لمنع هذا الضرر.
 
أليس من حق أهل فلسطين أن يتساءلوا لماذا لا تمنع سلطة غزة هذه المنظمات المشبوهة من العمل والتي قال عنها الوزير "أن كل مخابرات العالم موجودة هنا وتعمل تحت ستار الإغاثة"؟!
أم أنّ هذا التصرف قد يثير غضب المجتمع الدولي الذي دأبت سلطته على محاولة استرضائه ومغازلته؟!
 
أليست سلطة غزة هي التي لا تنفك تناشد العالم الغربي أن يتضامن معها حتى استمرأت أن يتحول جل خطابها إلى خطاب الاستجداء والتضامن المادي والسياسي دون أن يكون لتحريك الجيوش أدنى ذكر في نداءاتها المتكررة؟!
 
أليست سلطة غزة هي من فتحت ذراعيها لكل من هب ودب من الغربيين ومنظماتهم المختلفة التي تأتي إلى غزة بحجة التضامن؟!
أليست سلطة غزة هي من استقبلت السفراء والوزراء والمبعوثين المحملين بالأجندات الغربية المختلفة وليس آخرها وفد سماسرة المفاوضات "الحكماء"، والتي تسعى إلى ضمان الاعتراف بشرعية كيان يهود من كافة الأطياف الفلسطينية، كما صرحت روبنسون بأن لا تسوية دون إشراك حماس؟!
 
أليست سلطة غزة هي التي سمحت لطوني بلير مجرم الحرب بأن يدخل غزة، وسمحت لكارتر مهندس السياسة الأمريكية واحتضنته ورفعت له الأعلام الأمريكية، بعد أن كان مصير العلم الأمريكي الحرق والدوس بنعال أطفال وشباب ونساء وشيوخ أهل فلسطين وخصوصا أهل غزة ؟!.
 
لقد تفاخرت سلطة حماس مرارا وتكرارا بحملاتها لكشف العملاء الأمنيين الذين يعملون لصالح يهود، فماذا ستفعل مع هؤلاء العملاء الفكريين والسياسيين؟ هل ستلاحقهم وتطردهم أم أنّ رضا المنظمات الأجنبية وخطب ودّ الدول التي تقف خلفها بات على سلم أولويات سلطة حماس مهما كان الثمن؟!
 
19-10-2010