تعليق صحفي

الأنظمة الحاكمة في بلاد المسلمين والسلطة تصر على الإغلاق التام للمساجد!

في الوقت الذي تعيد فيه الحياة تدريجيا للقطاعات الأخرى؟!

 

أعلن رئيس وزراء السلطة محمد اشتيه عن بعض التسهيلات الاقتصادية بعد مرور 45 يوما على بدء الأزمة بسبب فايروس كورونا، وقال اشتيه في بيان له حول إجراءات مواجهة فايروس كورونا "إنه استناداً لتوجيهات وزارة الصحة والحكومة ولجنة الطوارئ والأجهزة الأمنية وبمصادقة الرئيس، إننا على استعداد لاتخاذ إجراءات اقتصادية مدروسة مع الحفاظ على السلامة العامة وتشديد الإجراءات الصحية، بحيث يكون المبدأ العام هو التدرج في الإجراءات والتوازن بين الصحة والاقتصاد"، وأضاف "سوف نستمر في الإجراءات الطبية والوقائية بشكل مشدد مع إعادة تشغيل بعض الأعمال والمنشآت الاقتصادية والتخفيف عن المناطق الجغرافية".

وكذلك الحال في الكثير من بلاد المسلمين حيث يدور الحديث عن تخفيف الإجراءات المتخذة وإعادة الحياة إلى القطاع الاقتصادي والمالي، وتم وضع خطط وجداول زمنية لذلك، ولكن فيالوقتذاته جميع تلك الأنظمة ومعهم السلطة الفلسطينية تصرّ على إبقاء المساجد مغلقة وتتعامل معها تعاملها مع الشواطئ والحدائق وملاعب كرة القدم، تتعامل معها كأنها شيء ثانوي يمكن إغلاقه ولا حاجة لبذل أدنى جهد في محاولة تنظيمه! كما فعلت مع قطاعات أخرى، وهي بذلك تحاول القفز على حقيقة أن المساجد هي عصب الأمة وجزء مهم من عقيدتها وإسلامها ويحرم التهاون والتساهل في إغلاقها؟!

إن الإسلام ليس دينا كهنوتياً أو شأنا ثانويا في حياة معتنقيه، كما تحاول السلطة وبقية الأنظمة تصويره، بل هو محور حياة الأمة، وهو كذلك دين الرعاية وتنظيم شؤون الحياة كافة، ولو اتبع العالم سياسته، في التعامل مع الأوبئة ومنها جائحة كورونا، لما وصلوا إلى ما وصلوا إليه من أزمات وتخبط بسبب معالجاتهم الرأسمالية الفاشلة، وهذا الإسلام العظيم الذي نظم شؤون دولة وأمة على مدى ثلاثة عشر قرنا، بيّن أن الحكم الشرعي هو أنه لا يجوز إغلاق المساجد بالمطلق إلا أنه في المقابل بيّن للمسلمين كيفية الأخذ بالأسباب واتخاذ الإجراءات الصحية والوقائية التي تحول دون تفشي الأمراض في الحياة العامة وفي المساجد وأثناء إقامة العبادات، وكذلك الإسلام لم يشترط لإقامة الفروض في المساجد الازدحام والاكتظاظ بل إن الجماعة تقام باثنين والجمعة في بعض الآراء الفقهية الصحيحة تقام بثلاثة، ومع ذلك تصر تلك الأنظمة على إغلاقها وتعطيل الجمعة والجماعات بكل صورها وأشكالها، حتى في المدن والقرى التي لم تسجل إصابة واحدة فيها كما هو الحال في عدد من المدن في الضفة!

إن القضية فيما يتعلق بالمساجد ليست قضية عدم إمكانية تنظيم بل الأمر سهل ميسور، وليست نقص بالوسائل والأساليب بل هي موجودة ومتوفرة إذا ارادت الدول اتخاذها، بل القضية إهمال متعمد ومقصود لبيوت الله من قبل أنظمة وحكومات تحارب الإسلام وأحكامه ليل نهار ومنذ عقود وهي لم تكن في يوم من الأيام حريصة على الأحكام الشرعية أو على الشعائر والعبادات بل هي تحاربها، وهذه الأنظمة تستغل حالة الطوارئ لتمرير أجنداتها وسياساتها في كافة المجالات وعلى رأسها محاربة الإسلام والمسلمين.

غير أن هذه الأنظمة والحكومات لم تكن لتتجرأ على بيوت الله بهذا الشكل الفاضح لولا أنهم وجدوا علماء طوع بنانهم أخذوا يزينون لهم أعمالهم ويمدونهم بفتاوى تساعدهم على التستر بها وتضليل الرأي العام والتدليس على المسلمين الذين يغارون على دينهم ومساجدهم.

إن سوء الرعاية من قبل النظام الرأسمالي وعملائه للناس قد باتت واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، ولسان حال البشرية اليوم يقول ما البديل؟ وأمة الإسلام في ضنك وظلم، ولسان حالها هل من منقذ يخرجها مما هي فيه من سوء عيش ونقض لعرى دينها عروة عروة؟! وهذا كله يوجب على المسلمين أن يتفطنوا لسياسات الحكومات الماكرة وأن يقفوا لها بالمرصاد وأن يحاسبوها على كل كبيرة وصغيرة وأن لا يستكينوا، وأن يعتصموا بحبل الله ويتوكلوا عليه ويتحركوا بجد وإخلاص لإقامة دولة الخلافة التي تنقذ البشرية وترعى المسلمين وتحفظ لهم دماءهم وأموالهم ومساجدهم.

{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَىٰ فِي خَرَابِهَا ۚ أُولَٰئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ ۚ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}

23-4-2020