بسم الله الرحمن الرحيم

جرائم القتل وترويع الآمنين إثم عظيم ومخطط خبيث

تتحمل السلطة الفلسطينية وكيان يهود مسؤوليته

 

الله الله في دمائكم وأعراضكم يا أهل الأرض المباركة، الله الله في أنفسكم وأبنائكم يا أهل الأرض المقدسة، حسبكم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم «لَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا، الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ، وَلَا يَحْقِرُهُ التَّقْوَى هَاهُنَا» وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ «بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ، دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ» رواه مسلم.عراضكم

يا أهل الأرض المباركة: إن تفاقم جرائم القتل وإطلاق النار على الممتلكات، أضحى نوعاً من الجريمة المنظمة، تديرها فئة تهدف إلى كسر أهل فلسطين وإغراقهم في مستنقع الفتنة، وما يجري في مناطق الضفة الغربية لا يختلف كثيراً عما يجري في القدس والبلدات العربية المحتلة عام 48، والقاصي والداني يدرك أن تجار المخدرات والسلاح وعصابات الإجرام يعملون تحت سمع وبصر أجهزة الشرطة في كيان يهود، وإذا ما وقعت جريمة إطلاق نار أو اعتداء على الممتلكات فإن الشرطة لا تتدخل إلا بعد فوات الأوان، ثم لا تقوم بأعمال جادة لاعتقال المجرمين، وما يحصل مع أهلنا في مناطق القدس والبلدات العربية يجري استنساخه في الضفة الغربية، فتجار المخدرات والسلاح وعصابات الإجرام تقوم بجرائمها تحت سمع وبصر الأجهزة الأمنية، وكأن الذي يجري هو شكل من أشكال التنسيق الأمني بين أجهزة السلطة وكيان يهود، فالأجهزة الأمنية لا تلاحق المجرمين بشكل جاد رغم معرفتها لأسمائهم وشخوصهم، وإذا ما وقعت جريمة إطلاق نار فإنها لا تتحرك إلا بعد فوات الأوان، وتجار المخدرات والسلاح إن تم اعتقالهم لسبب ما فإنهم لا يلبثون إلا قليلاً حتى يطلق سراحهم ليعيثوا فساداً وإفساداً بين الناس.

 

أيها الإخوة الأعزاء بالإسلام: إن التزامكم بدينكم وتكاتفكم وتماسككم يغيظ أعداءكم، وإن تصديكم لمحاولات تصفية قضية فلسطين ووقوفكم في وجه المشاريع التي تستهدف دينكم وأبناءكم لم يرق لأعدائكم، فسياسة عدوكم هي ضرب الإسلام الذي به عزتكم، وتدمير أسركم وأبنائكم قوام جماعتكم، ويستخدمون من أجل هذا كل الوسائل والأساليب حتى أضحت مشاريع القوانين ومناهج التعليم وسياسات الإعلام تسير جنباً إلى جنب مع تفشي الفساد وحماية كبار المجرمين، وكلها تهدف إلى ضرب الإسلام وكسر شوكة أهل الأرض المباركة؛ فأنتم تعلمون أن سياسات ومنهاج التعليم لم تعد قائمة على تنشئة أبنائكم على مفاهيم الإسلام وقيمه، والمعلّم ممنوع من تأديب طلابه، وإذا ما قام بشيء من هذا عوقب وأنذر، ففقد المُعلِّم هيبته وفقد التعليم مكانته. والإعلام محجوب عن المخلصين ودعاة الإسلام الربانيين بينما تفتح أبوابه للمنافقين والمضبوعين بالثقافة الغربية والعلمانيين، ويصاحب هذا عمل منظم من مؤسسات وجمعيات مموّلة من الغرب تجوب البلاد طولاً وعرضاً نشراً للفساد وتدميراً للقيم، ثم تأتي الجريمة المنظمة كعامل هدم مساعد للإجهاز على أهل فلسطين وإخضاعهم.

 

إن الذي يجري في البلاد هو عمل مقصود وليس حدثاً عرضياً، فإطلاق النار في الخليل وضواحي القدس أصبح شبه يومي فاستهدفت البيوت والمحلات التجارية واعتدي على الناس وممتلكاتهم، والسلطة وأجهزتها كأن الأمر لا يعنيها، وفي المقابل رأيتم حملات الأجهزة الأمنية في ملاحقة المجاهدين والمقاومين، إذ تعقبتهم من بيت إلى بيت والذي يُعتقل منهم يُعذب حتى يُسلِّم سلاحه، فالسلاح الذي يطلق النار على مستوطن يصادر ويلاحق صاحبه، أما السلاح الذي يستهدف الناس بشكل يومي فهذا يترك دون ملاحقة أو اعتقال، وهذا يؤكد حقيقة الدور الذي تقوم به السلطة كذراع أمني بيد كيان يهود.

 

لقد شاهدتم كيف حشدت السلطة أجهزتها لإغلاق المساجد وطرد المصلين والاعتداء عليهم ضرباً وتنكيلاً، وملاحقتها لمن يكتب عبارة على الفيسبوك ينتقد فيها السلطة أو يحاسبها على تقصيرها، والضابطة الجمركية "قطاع الطرق" تطارد الناس من شارع إلى شارع بالضرائب وجباية الأموال، أما المجرمون الذين يروعون الناس فيتركون، وإن تمت ملاحقتهم فيلاحقون ملاحقة غير جادة، هذه هي السلطة الفلسطينية التي تدعي أن عمل أجهزتها هو حماية الناس والمحافظة على السلم الأهلي!

إن من مسؤولية الدولة في الإسلام توفير الأسباب التي تمنع الناس من التنازع، وأعظمها غرس التقوى في قلوب الناس، وإن حصل تنازع في قضية سارع القضاء لإنهائها بالعدل والإنصاف، وشعار الدولة في الإسلام هو شعار الصدّيق رضي الله عنه "أَلَا وَإِنَّ الْقَوِيَّ عِنْدِي ضَعِيفٌ حَتَّى آخُذَ مِنْهُ الْحَقَّ، وَالضَّعِيفَ عِنْدِي قَوِيٌّ حَتَّى آخُذَ لَهُ الْحَقَّ"، فبهذا يكون الأمن والعدل بين الناس، ولكن الأنظمة في العالم الإسلامي ومنها السلطة الفلسطينية تحارب الإسلام الذي به تقوى القلوب، وتنشر الفساد وتغذيه، وتوفر البيئة الخصبة للمنازعات بين الناس، وإن ذهب الناس إلى القضاء تتعاقب عليهم الشهور والسنون وقضاياهم تؤجل من جلسة إلى أخرى، وإذا حكم القاضي حكم بقانون وضعي بعيد عن الحكم بما أنزل الله، فأنَّى للأمن والعدل أن يسود بين الناس؟!

 

يا أحبتنا في الأرض المباركة: إننا نخاطبكم جميعاً، التقي منكم والعاصي، المسارع في الخيرات والمجترح للسيئات، ونوصيكم بتقوى الله العظيم فهي وصية الله لأنبيائه والناس أجمعين، ونتلو عليكم قول الله تعالى: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾، ونخاطبكم بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلملكم في حجة الوداع فَقَالَ: «أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟» قَالُوا: يَوْمٌ حَرَامٌ، قَالَ: «فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟» قَالُوا: الْبَلَدُ الْحَرَامُ، قَالَ: «فَأَيُّ شَهْرٍ؟» قَالُوا: شَهْرٌ حَرَامٌ، قَالَ: «فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا كَحُرْمَةِ شَهْرِكُمْ هَذَا كَحُرْمَةِ بَلَدِكُمْ هَذَا لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ» رواه الحاكم، ونخاطبكم بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم«لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ» رواه الترمذي بإسناد صحيح، وبقول رسول الله صلى الله عليه وسلم«مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا» رواه البخاري.

 

هذا هو هدي النبوة فالزموه، ولا تتبعوا خطوات الشيطان فتضلوا عن سبيل الله، ونوصيكم بالصبر والثبات وعدم الانجرار خلف المجرمين الذين يبغون الفتنة بين الناس، تلك الفتنة التي لا تبقي قوياً ولا تذر ضعيفاً إلا وأهلكته فلا يأمن أحد على نفسه أو ماله، والنتيجة هي تهجير الناس من بيوتهم وأرضهم وهذا ما يصبو إليه عدوكم، وبتنبهكم ووعيكم والتزامكم بحكم الله تعالى وطاعتكم لرسوله ستفوتون الفرصة على المغضوب عليهم وأوليائهم، لتبقى الأرض المباركة مشعل خير في الأمة الإسلامية تنفث فيها عزة الإسلام وتستنهضها لإقامة الخلافة وتحرير بيت المقدس من رجس الغاصبين والعملاء الخائنين ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾.

وفي الختام: إننا نستصرخ أهل فلسطين جميعاً العشائر والوجهاء والحركات والفصائل إلى المسارعة في إنقاذ البلد مما يدبر له على يد أعدائه، وتحميل السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية مسؤولية هذه الفوضى، فالذي يهدد السلم الأهلي هو من يوفر الغطاء للمجرمين والفاسدين ولا يأخذ على أيديهم.

اللهم احفظ على أهل الأرض المباركة دينهم وأنفسهم وذريتهم وأموالهم واجعل لهم من لدنك سلطاناً نصيرا.

والحمد لله رب العالمين

13 جمادى الآخرة 1442هـ                                                                حزب التحرير

الموافق 26/1/2021م                                                              الأرض المباركة فلسطين