بسم الله الرحمن الرحيم

عظيم من عظماء الإسلام يلقى الأحبة محمداً وصحبه

ولا نزكي على الله أحداً

 

إن الاعتبارات الإدارية عندنا هي أن تنعى الولايات من يتوفاه الله من شبابها، وينعى الأمير من يتوفى من أعضاء المكتب الحاليين والسابقين... ولأن أبا محمد "صبري العاروري" ذو شأن في هذه الدعوة الصافية النقية بإذن الله، فقد رأيت أن يُستثنى هو من هذه الاعتبارات...    

وعليه فإن الأمير ومكتبه ينعون الرجل الكبير الذي كان في هذه الدعوة علماً في رأسه نار، وطوداً شامخاً لا يشق له غبار، وركناً ركيناً في مقارعة الظالمين لا تضعف له عزيمة، ولا تلين له قناة، ولا يخشى إلا الله... وسنوات اعتقاله على أيدي الظالمين تنطق بذلك، وإني لأحسبه ممن قال الله فيهم:

﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا﴾.

 

لقد شاء الله سبحانه وتعالى أن نفترق عدد سنين بعد أن كنا أقرب القريبين منذ أن انتقلت من منطقة الخليل إلى عمان بحكم عملي مهندساً في وزارة الأشغال العامة في عمان، وكان العنوان الذي أرسَلَتني محلية الخليل عليه لاستئناف عملي الدعوي هناك هو عنوان الرجل القوي التقي أبي محمد ولا نزكي على الله أحداً، ومن بعد استمر لقاؤنا على فترات متقاربة... ثم افترقنا كما ذكرت آنفاً عدد سنين لا نلتقي خلالها عياناً ولا حتى على الهواء إلا لماماً...

وفي يوم، وقبل وفاته رحمه الله بنحو أربعة أشهر، وقعت عيني على رسالة بالفيسبوك-الخاص من الأخ الطيب هذا نصها:

(السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، هذه رسالة من الوالد الشيخ صبري العاروري إلى شيخنا أبي ياسين: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أخي وحبيبي أبا ياسين... تقبل الله طاعاتكم وكل عام وأنتم بخير وعافية وأمان واستقرار... أخي أدعو الله لك ليل نهار بالتوفيق والحفظ والأمان والسداد في الأمر والرأي... كان الله معكم أينما حللتم ونزلتم، حفظكم الله وجمعنا بكم قريبا في دار الإسلام... أخوكم أبو محمد صبري... شهر 2016/9، واردة على الخاص) انتهى

 فكانت رسالة كريمة من أخ كريم فأجبته على صفحة الفيس بوك-الخاص:

(إلى ابن الأخ الحبيب الكريم شيخنا "أبو محمد صبري العاروري"...

 

(السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

جزاك الله خيراً يا خالد الخير، فقد وَصلْتنا بالعزيز الغالي شيخنا أبي محمد، فأعدت لنا تلك السيرة العطرة لأحد الرجال العظماء الذي لم ينحن للشدائد التي صادفها، وما أكثرها... ولكنه بقي واقفاً حتى وهو في مرضه فقد كان قوياً، وفي صحته كان أقوى... وكم نحب أن نلقاه في ظلال راية الإسلام، راية رسول اللهr، فنتذاكر معاً تلك الأيام الخوالي التي كان فيها أبو محمد في ذلك "الدكان"، حيث كان فيه منارة للشباب القادمين من أنحاء البلاد، وإني لأذكر عندما قدمت إلى عمَّان ذلك اللقاء الطيب الذي جمعني وإياه، فكان عوناً لي، فبارك الله فيه وبه، وأسأل الله سبحانه أن تكون جهوده الطيبة التي قضاها في حمل الدعوة ولا زال يقضيها حتى وهو يعاني المرض شفاه الله وعافاه، أسأل الله أن تكون تلك الجهود في ميزان حسناته يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليمٍ... وإني لأسأله سبحانه إن لم يكن في كتابه أن نجتمع في الدنيا، فأن يجمعنا سبحانه في الآخرة معاً، حول رسول اللهr وصحبه في مقعد صدق عند مليك مقتدر... اللهم استجب دعاءنا فأنت السميع المجيب.

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

السابع عشر من محرم 1437هـ - 18/10/2016م                                         أخوكم عطاء بن خليل أبو الرشتة) انتهى

 

 

سبحان الله... لقد كنت أحب أن نلتقي في الدنيا وراية الخلافة تظلنا ولكن العلي القدير شاء أمراً آخر، فأسأله سبحانه أن يجيب خاتمة دعائي في رسالتي المذكورة أعلاه (وإني لأسأله سبحانه إن لم يكن في كتابه أن نجتمع في الدنيا، فأن يجمعنا سبحانه في الآخرة معاً، حول رسول اللهr وصحبه في مقعد صدق عند مليك مقتدر... اللهم استجب دعاءنا فأنت السميع المجيب...)

رحم الله أبا محمد وحشره الله مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا... وأسأله سبحانه لبنيه وبناته وأحبائه أن يكونوا ممن قال الله فيهم ﴿الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾.

رحمك الله يا أبا محمد، وإنا لفراقك لمحزونون، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا سبحانه... «لِلَّهِ مَا أَخَذَ وَلَهُ مَا أَعْطَى، وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى»، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

 

 

الثامن من جمادى الأولى 1438هـ

أخوك وصاحبك

2017/2/5م

عطاء بن خليل أبو الرشتة

للمزيد من التفاصيل