المكتب الإعــلامي

ولاية مصر

 

التاريخ الهجري 11من ربيع الاول 1435                                                                                                                                  رقم الإصدار: 14/01

التاريخ الميلادي  2014/01/12م

 

بيان صحفي

لا يا دار الإفتاء، بل الديمقراطية نظام كفر لا يجوز للمسلمين المناداة بها والدعوة إليها

 

ما زالت دار الإفتاء المصرية تمارس الدور الذي رسم لها منذ تأسيسها سنة 1895م، إذا ما تعلقت الفتوى بأمر سياسي أو له أثر في الواقع السياسي للنظام الحاكم، فإنها حتما ستكون فتوى يرضى عنها السلطان، أو هي ما يطلبه ليضفي على سلطانه شرعية زائفة، ولو أدى الأمر لتناقض الفتاوى مع بعضها البعض، ومثال ذلك فتوى دار الإفتاء سنة 1956م بعدم جواز الصلح مع يهود المغتصبين لأرض فلسطين ما لم يردوا ما أخذوه واستولوا عليه، وفتوى دار الإفتاء المصرية سنة 1979م في جواز صلح مصر مع يهود، وأن ما يترتب عليها من آثار صحيح.

ففي بيان أصدرته دار الإفتاء يوم الجمعة 2014/1/10م قالت "أنه لا يلزم من الدعوة إلى الديمقراطية اعتبار حكم الشعب بديلاً عن حكم الله؛ إذ لا تناقض بينهما"، وأكدت دار الإفتاء المصرية "أن جوهر الديمقراطية التي تُجسد مبادئ الإسلام السياسية في اختيار الحاكم، وإقرار الشورى والنصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومقاومة الجور؛ هي من صميم الإسلام وليست كفرًا أو منكرًا كما يدعي البعض، حيث سبق الإسلام الديمقراطية في تقرير القواعد التي يقوم عليها جوهر الديمقراطية".

لقد أغفلت الفتوى المعنى الحقيقي للديمقراطية، من حيث أن التشريع فيها للشعب، يحلل ويحرم، يحسن ويقبح. ومن حيث عدم التقيد بالأحكام الشرعية باسم الحريات.

بل أكثر من ذلك رأت أن لا تناقض بين حكم الشعب وحكم الله، في سابقة لم يقل بها أحد ممن تصدوا للفتوى في أشد العصور هبوطا.

 

ولأن دار الفتوى تدرك جيدا أن المسلمين لن يقبلوا الديمقراطية بمعناها الحقيقي هذا؛ فقد لجأت إلى التضليل بادعاء أن الديمقراطية هي آلية انتخاب الحاكم، وإقرار الشورى والنصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومقاومة الجور، فتراها في فتواها تلف وتدور مبتعدة عن المعنى الحقيقي الذي وضعه لها أهلها، من كونها تعني السيادة للشعب يشرع ما يشاء برأي الأغلبية، يحلل ويحرم، يحسن ويقبح، وإلا فليقولوا لنا كيف سيحصل دستورهم الجديد هذا على مشروعيته الزائفة؟ أليس بالتصويت عليه وحصوله على رأي الأغلبية؟ أم أن مشروعيته ستكون من كونه مستنبطا من الكتاب والسنة؟ أليست الديمقراطية تعني أن الفرد (حرّ) في تصرفاته يفعل ما يشاء، يشرب خمراً، يزني، يرتد، يشتم المقدسات ويسبها، تحت مسمى الديمقراطية وحرياتها؟.

 

هذه هي الديمقراطية، وهذا واقعها ومدلولها وحقيقتها، فكيف لمسلم يؤمن بالإسلام أن يتجرأ على القول بأن الديمقراطية تجوز، أو أنها من الإسلام؟!.

 

أما موضوع اختيار الأمة للحاكم، فهو أمر منصوص عليه في الإسلام ولسنا في حاجة لديمقراطيتهم المزعومة تلك.

 فالسيادة في الإسلام للشرع، ولكن البيعة من الناس للخليفة شرط أساس ليصبح خليفةً.

وقد كان انتخاب الخليفة يمارَس في الإسلام في الوقت الذي كان العالم يعيش في ظلام الديكتاتورية وطغيان الملوك.

 والمتتبع لكيفية اختيار الخلفاء الراشدين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، رضي الله عنهم، يرى بكل وضوح كيف كانت تتم لهم بيعة أهل الحل والعقد وممثلي المسلمين؛ حتى يصبح الواحد منهم خليفةً تجب له الطاعة على المسلمين.

 لقد دار عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه الذي وكِّل بمعرفة رأي ممثلي المسلمين (وهم أهل المدينة)، دار عليهم يسأل هذا وذاك، ويمر على هذا البيت وذاك، ويسأل الرجال والنساء ليرى من يختارون من المرشحين للخلافة، إلى أن استقر رأي الناس في نهاية الأمر على عثمان وتمت بيعته.

ومن هنا فنحن في حزب التحرير نقول أن الديمقراطية نظام كفر، ليس لأنها تقول بانتخاب الحاكم، فليس هذا هو الموضوع الأساس، بل لأن الأمر الأساس في الديمقراطية هو جعل التشريع للبشر وليس لله رب العالمين، والله سبحانه يقول: ﴿إنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ﴾ [يوسف:40]، ويقول كذلك سبحانه وتعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النساء:65]، والأدلة متضافرة مشهورة على كون التشريع لله وحده.

 

هذا بالإضافة إلى ما تقرره الديمقراطية من حريات شخصية، يفعل الرجل والمرأة ما يشاءون دونما وازع من حلال أو حرام، وكذلك الحريات الدينية من ردة وتبديل دين دونما قيد، ثم حرية الملكية التي يستغل القوي فيها الضعيف بشتى الوسائل فيزداد الغني غنىً والفقير فقراً، وكذلك حرية الرأي، ليس في قول الحق، بل إنها ضد مقدسات الأمة، حتى إنهم يعتبرون الذين يتطاولون على الإسلام تحت مسمى حرية الرأي، يعتبرونهم من جهابذة الرأي الذين يغدقون عليهم الجوائز.

 

وبرغم أن الفتوى شددت على أن الإسلام منهج واضح يمكن تطبيقه في كل عصر؛ حيث تمكن المسلمون الأوائل من تطبيقه في العصور الأولى للإسلام مع بساطة المجتمعات وقلة وظائف الدولة، كما تمكن المسلمون من تطبيقه مع تعقد المجتمعات وزيادة وظائف الدولة، إلا أنها لم تَدْعُ بشكل واضح لتطبيقه في هذا العصر ونبذ الديمقراطية لأنها من عند غير الله، حتى لو توافقت في بعض جزئياتها مع الإسلام.

 

وفي النهاية لا نقول لكم إلا ما قاله رب العزة في كتابه العزيز: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإسْلامَ دِينًا﴾ [المائدة: 3]، فارضوا بما رضيه لكم ربكم، ولا تتبعوا سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعاً بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب دخلتموه وراءهم.

 

شريف زايد

رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر

 

للمزيد من التفاصيل