فلسطين كقطعة قماش في سوق المفاوضات!
 
إبراهيم الشريف-عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في فلسطين
 
إنه لمشهد يدعو إلى الغثيان ونحن نرى فلسطين كقطعة قماش يتنازعها طرفان، طرف يجتهد لأخذ أية قطعة ولو كانت لا تصلح لتفصيل أي ملبوس، وطريقه لتحصيل ذلك هو التفنن في إعطاء الطرف الآخر كل يوم مساحة جديدة عسى أن يمن عليه برقعة هنا أو هناك، وطرف يتلاعب لأخذ المزيد في كل جولة فهو يقبض بالفعل على قطعة القماش.
 
هكذا بدت الصورة على ضوء نشر الجزيرة لوثائق تتعلق بمسيرة المفاوضات، فقد بدت كعملية متاجرة بقطعة قماش على طريقة خذ هذه وأعطني تلك، طيب أعطني الأخرى هناك ولك الباقي .. "ماذا يمكنني أن أعطي أكثر من ذلك"؟!
 
صحيح أن الوثائق لم تضف جديدًا لأصحاب البصيرة سوى تأكيد التفاصيل، إلا أنها تؤكد لأصحاب القلوب المريضة وأصحاب النظر الضعيف حقيقة هؤلاء التجار وحقيقة السلطة، وحقيقة ما يسمى "المشروع الوطني الفلسطيني"، ومدى تضليلهم للرأي العام عندما يتحدثون عن الثوابت المزعومة التي أصبحت ككرسي بعجلات ..
 
أما ردة فعل السلطة الأولية فهي جديرة بأن نقف عليها قليلاً حتى لا يلدغ المؤمن من جحر أكثر من مرة، فقد باعت منظمة التحرير تحريرها، باعت فلسطين وهي تدعي البطولة والثبات على الثوابت التي هي عندهم كـ "الأميبيا".
 
فقد أعلن كبير المتنازلين صائب عريقات عن أن السلطة ستنشر وثائقها الخاصة بعملية المفاوضات على أرض الإسراء والمعراج، لعلها تنجح في خداع المستعدين للخديعة أو تخفف من قسوة الفضيحة العلنية فتحفظ ماء وجهها إذا كان عندها حياء ..
 
سبق وأن أعلنت منظمة التحرير الاعتراف بقرارات 242 و338 القاضية بالاعتراف بحق كيان يهود في الوجود على 78% من فلسطين تحت غطاء من البطولة الزائفة عندما رافق ذلك الإعلان الكارثة الإعلان عن "دولة فلسطين" الورقية، فضاعت الخيانات في ثنايا بطولات زائفات، وسبق أن اعترفت المنظمة تفصيلاً وتأكيدًا بحق كيان يهود في 78% من فلسطين حرفيًا حتى تقبل "إسرائيل" بالتفاوض معها، واعتبر المضللون والمضللون (بكسر اللام وفتحها) أن هذا فتح مبين ووضع لقضية فلسطين على سلم الأولويات الدولية بعد أن كانت منسية على زعمهم، والأمثلة كثيرة لأن كل أفعالهم ينطبق عليها ما أسلفنا ..
 
مهما تحاول السلطة إظهار مواقف بالية تدعي فيها الثبات وعدم التنازل، فإن مجرد التنازل عن شبر هو خيانة لله ولرسوله ولعامة المسلمين إلى قيام الساعة، مهما كان هذا الشبر وأينما كان، ومهما كانت المبررات، فإعطاء يهود 78% من فلسطين والتمسك بالباقي جريمة بكل المقاييس، فما بالكم عندما لا يكون للسلطة ثوابت لا لاجئين ولا قدس ولا غير ذلك، اللهم إلا ما يحفظ بقاء السلطة وعدم انتفاض الناس عليها ونفض اليد منها.
 
فليكن شعارنا: خائن ومجرم من يفرق بين القدس وحيفا، أو بين القدس الشرقية والقدس الغربية، أو بين رام الله ويافا، أو بين المستوطنة والمدينة المحتلة، أو بين مستوطنة ومستوطنة ...
 
خائن لن تغسل خيانته وجرمه مياه المحيط إلا أن يعود إلى ربه وأمته ويقلب الطاولة على رؤوس الكافرين والمتآمرين، ومن يفعل ذلك منهم فقد فدى نفسه.
 
إن من الحقائق التي يجب أن يرضعها أبناء فلسطين رضاعة، أن فلسطين أرض خراجية وليست ملكًا للفلسطينيين، وأنها قضية إسلامية وليست وطنية، وأنها قضية عقائدية وليست مجرد قضية قطعة أرض، وأن من لم يستطع أن يحررها الآن فليحافظ عليها ما وسعه ولا خيار ثالث أمامه، وأن من يسكت عن من يتاجرون بفلسطين مشترك معهم في الجريمة والإثم والعار، وأن تحريرها سيكون قريبًا بإذن الله تحت راية الإسلام، والإسلام فقط.
24/1/2011