فيما يلي بيان صحفي من الدكتورة نسرين نواز-عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير بخصوص أوضاع المرأة في فلسطين وهو صادر بتاريخ 29-3-2013، نعيد نشره للأهمية.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

بيان صحفي:

الخلافة وحدها من توفر للمرأة كامل حقوقها

 

كانت الحرب وما زالت مستعرة ضد المرأة المسلمة ومجتمعها، واتخذت أشكالا عديدة ووسائل مختلفة ضمن خطوات مدروسة محسوبة وبشكل متسلسل، الهدف منها تغريب المرأة المسلمة وتحطيم السياج الحامي لها، وهتك أمان المجتمع الإسلامي ووأد أية محاولة للنهوض بالأمة الإسلامية للحيلولة دون عودة الإسلام إلى الحياة من جديد. وهذا في كل مكان من العالم الإسلامي والعربي. ومن ضمن هذه الدول كانت فلسطين، خاصة مع قدوم السلطة إليها، التي لم تألُ جهدا في تضليل المرأة وحرفها عن المسار الذي رسمه الله لها، وقد كانت باكورة أعمالها حين قدومها إلى هذه البلاد إنشاء (كازينو) أريحا، ثم انتشرت أماكن اللهو والمجون، وشجعت الاختلاط وإقامة المهرجانات وعروض الأزياء وحفلات الرقص ومسابقة ملكات الجمال، ثم مباريات كرة القدم النسائية في ملاعب مكشوفة!. وتنفيذًا لإملاءات الغرب من الدول المانحة كان تغيير المناهج وإعادة صياغتها لتخريج أجيال تعتنق العلمانية وتطبقها منهجا وطريقة حياة.

والمتأمل لواقع فلسطين يجد أن هناك مؤسسات خبيثة تعمل على تضليل المرأة وإفسادها؛ وذلك بتواطؤ من السلطة، فهم لا يتركون ميدانًا إلا وينزلون فيه، في المدارس والجامعات، في مراكز التدريب والتطوير، وفي المراكز الاجتماعية، في وسائل الإعلام، وغيرها... يُصورون ما أطلقوا عليه الزواج المبكر على أنه جريمة بحق الفتيات، ويطرحون فكرة النوع (الجندر) الذي يرفض التقسيمات البيولوجية ولا يعترف بالفروق الطبيعية بين الذكر والأنثى، فكلٌ منهما يمكن أن يؤدي دور الآخر حسب زعمهم، متجاهلين قوله تعالى: ((وَلاَ تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُواْ اللَّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا)) [النساء: 32]

وفي السنوات الأخيرة بدأوا يطالبون بما سمَوه حق المرأة في الميراث، وجعلوا له يوما عالميا يحتفلون به، ويدعون إلى مساواتها مع الرجل في الميراث متجاهلين الحكم الشرعي الذي جاء به القرآن الكريم.. قال تعالى: ((يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ)) [النساء: 11] وقوله تعالى: ((وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً))؟! [النساء: 122] فحسبنا الله ونعم الوكيل، وشتان بين من يثق بوعد الله ومن يثق بتغرير الشيطان. وهكذا فإن الغرب الكافر وبأيدي أبناء جلدتنا المضبوعين به وبثقافته المنحطة ومعاولهم، تصدَّرَ حملة شرسة لجعل المرأة المسلمة كالمرأة الغربية، فنادى بحقوق المرأة وكأنها في الإسلام بلا حقوق!! مع أن المرأة الغربية هي التي هُضمت حقوقها وتُعامَلُ على أساس المنفعةِ، فإن انتهت هذه المنفعة تلفظ هذه المرأة كما تُلفظ النواة... فماذا دهاكم أيها المسلمون؟ فهل حقاً أن المرأة الغربية محترمة الحقوق حتى تسعى نساؤنا سعيها؟ أم أن المطلوب هو تدمير المجتمع الإسلامي بإفساد نسائه، وبالتالي إفساد الجيل المسلم بأكمله؟

يقول المبشر (زويمر) في مؤتمر القاهرة التبشيري عام 1906م: "ليس التنصير هو فقط الغرض من التبشير، بل أيضا تفريغ قلب المسلم من الإيمان، وأقصر طريق لذلك هو جذب الفتاة المسلمة بكل الوسائل الممكنة، لأنها هي التي تتولى عنا تحويل المجتمع الإسلامي، وسلخه عن مقومات دينه"... ولفرض وجهة نظر الغربي الكافر على ثقافة الأمة الإسلامية وتشريعاتها، اتخذ الغرب أسلوب فرض الاتفاقيات والمؤتمرات الدولية، مثل اتفاقية (سيداو) المشؤومة، التي ما زالت السلطة بين الحين والآخر تعتز بها وتتباهى بالتزامها ببنودها، ولم لا وقد رُبِطت المنح والمساعدات التي تُقدم لها بتنفيذها إياها؟! فهي من أخطر اتفاقيات تغريب المرأة وفقدها لهويتها الإسلامية؛ حيث تقوم على مبدأ المساواة المطلقة بين الرجل والمرأة في التشريع والسياسة والاجتماع والتعليم والعمل والميراث، وفي سائر الحريات العامة والخاصة.

يقول تعالى: ((أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ)) [المائدة: 50]. نعم: إنها الجاهلية، نوع من أنواع التمردِ على الله سبحانه وتعالى والرفضِ لأحكامه، هدفها القضاء على عفة المرأة وشرفها وقيمها الإسلامية والإنسانية، وليست كما يدّعون أنها للقضاء على أشكال التمييز ضد المرأة، فالمادة الثالثة عشرة تضمنت طلب المساواة بين الرجل والمرأة في الاستحقاقات الأسرية المالية كالميراث مثلا، لتتساوى نسبة الميراث للأبناء والبنات من مال آبائهن، ويتماثل نصيب الزوجة من تركة زوجها مع نصيبه في تركتها، ومن أجل تطبيق هذه المادة يقوم الاتحاد الأوروبي وبتمويل يقدر بأكثر من ثلاثين مليون يورو بمشاريع وبرامج تنفذها جمعيات نسائية فلسطينية بالشراكة مع مؤسسات نصرانية تبشيرية، ألا ساء ما يدبرون.

 

فيا أيتها النساء العفيفات في فلسطين:

هل يحرص الاتحاد الأوروبي عليكنَّ، ولأجل هذا يرفع لواء الدفاع عنكنَّ ويطالب بإعطائكنَّ حقوقكنّ؟ هل اهتم الاتحاد الأوروبي أصلا بنسائه وأعطاهن حقوقهن؟! ألم تكشف الدراسة التي نشرتها الكلية الأوروبية لعلوم أدوية الأمراض العصبية والنفسية، أن واحدة من بين كل سبع نساء أوروبيات تصاب بالاكتئاب؛ بسبب فشلها في إيجاد توازن بين أعباء الأسرة والمنزل، وضغط العمل خارجه؟ وفي المقابل، أليست المرأة مصانة الحقوق في الإسلام؟ فهي أم وربة بيت وعرض يجب أن يصان، والعمل مباح لها، والنفقة غير واجبة عليها ولو ملكت المال الكافي وكان زوجها فقيرا.

 

أيها الإخوة والأخوات، يا أهل البلد الطيب، يا من تسكنون بيت المقدس وأكناف بيت المقدس:

إننا ندق ناقوس الخطر، فهذه المرأة المسلمة العفيفة يُكاد لها بالنهار بعد أن دُبِّر لها بليل حالك، ضمن شعاراتٍ سراب، يحسبها الظمآن ماء حتى إذا ذهب إليها ليشرب، لم يجدها إلا ماءً مالحًا يزيد العطشان عطشا. إن الواجب على كل من ألقى السمع وهو شهيد أن يبذل قصارى جهده في التصدي لهذه المؤامرات، فشدوا الرحال واربطوا الأحزمة وأقلِعوا بإسلامكم عقيدةً ومنهاجَ حياة قبل أن يهويَ بكم الغرب إلى أعماق الهاوية في الدنيا، ثم أعماق الهاوية في نار جهنم والعياذ بالله، فانضموا مع العاملين المخلصين لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، الذين يكشفون زيف الدعوات الضالة المضلة؛ وذلك بالصراع الفكري والكفاح السياسي، قَالَ صلى الله عليه وسلم: ((وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ، وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَلَتَأْخُذُنَّ عَلَى يَدِ الظَّالِمِ، وَلَتَأْطرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ أَطْرًا، أَوْ لَيَضْرِبَنَّ اللَّهُ قُلُوبَ بَعْضِكُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَلَيَلْعَنَنَّكُمْ كَمَا لَعَنَهُمْ)).

 

د. نسرين نواز

عضو المكتب المركزي لحزب التحرير