النص الكامل لحوار موقع رصيف ٢٢ مع الأستاذ علاء أبو صالح

 

أ جرى موقع رصيف ٢٢ حواراً مع الأستاذ علاء أبو صالح، عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في الأرض المباركة فلسطين، واجتزأ الموقع من هذا الحوار النزر اليسير وسطره في تقريره خارج إطار الدقة والشفافية وأمانة النقل.

وإزالة لأي التباس وابرازاً لحقيقة ما يطرحه الحزب ودقته نورد النص الكامل للحوار.

 

س: ما هو موقف حزب التحرير من القضية الفلسطينية؟

 

ج: يرى الحزب أن قضية فلسطين وغيرها من قضايا الأمة المتعددة هي تفريعٌ على قضية الأمة المركزية وهي فقدانها لدولتها المبدئية، الخلافة التي توحد المسلمين وتجمع كلمتهم، فضياع الخلافة أدى إلى ضياع فلسطين وإلى ضياع هيبة الأمة وعزتها وفقدانها لمكانتها المرموقة حيث أصبح المسلمون في ذيل الأمم؛ مقدساتهم محتلة وحواضرهم مدمرة وثرواتهم منهوبة ودماؤهم مسفوكة وحرماتهم مستباحة.

هذا من حيث النظرة العامة، أما من حيث التفصيل، ففلسطين هي أرض إسلامية قد احتلها اليهود، يجب تحريرها والقضاء على كيانهم فيها عبر جيوش الأمة، وهذا واجب الدول المحيطة بفلسطين الأقرب فالأقرب حتى تحرر كاملة فتعود عزيزة لبلاد المسلمين، هذا هو الحل الشرعي الوحيد لقضية فلسطين وهو واجب شرعي وطريق عملي لتحريرها. أما المفاوضات والاتفاقيات والمبادرات والصفقات والقرارات الدولية فهي باطلة شرعا حيث تقر بشرعية احتلال معظم فلسطين (الأراضي المحتلة عام 1948) ولا تلزم المسلمين بشيء، علاوة على أن الواقع أثبت فشلها وتآمر أصحابها على الأرض المباركة.

 

س: ما هو موقف الحزب من الأحداث في سوريا والعراق؟

ج: كثيرا ما حذر الحزب المسلمين في شتى بلدانهم من الارتهان للكافر المستعمر ومشاريعه وأدواته من الأنظمة، حيث أن الدول الاستعمارية تتخذ من بلاد المسلمين ساحة للتنافس والصراع حول المصالح والنفوذ، مع ما يصحب هذا التنافس من استهتار بالأرواح والبلاد، لذلك فإن الحزب يرى أن ما وصلت إليه الأوضاع في سوريا والعراق كان جراء ارتهان الحركات الفاعلة هناك بالمال السياسي الملوث للمستعمرين وأدواتهم من الحكام والأنظمة.

لذلك نؤكد أن الخلاص في سوريا وفي غيرها من بلاد المسلمين يكون من خلال إسقاط الأنظمة العميلة للغرب بكافة أركانها ورموزها،والتحرر من دول الكفر وإنهاء نفوذها، وإقامة دولة الخلافة على منهاج النبوة.وبغير ذلك سيبقى أهل سوريا والعراق وغيرها من بلاد المسلمين في دوامة من الأحداث كلما انتهت مشكلة دخلوا في غيرها.

 

س: كيف ينظر الحزب لإيران، والتعامل مع الشيعة، وكذلك النصارى؟

ج: أولا هناك فارق بين الشعوب وبين الأنظمة، فالحزب يرى الأنظمة سواء في إيران أو السعودية أو غيرها من بلاد المسلمين هي أنظمة تابعة للغرب وتنفذ أجنداته السياسية.

أما الشعوب فينظر الحزب للمسلمين بوصفهم مسلمين (هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ) ولا يفرق بينهم بناء على المذهب أو الطائفة، ويرى الحزب أن الطائفية المقيتة هي صناعة غربية لتمرير أجندات استعمارية، وحصان طروادة يمتطيه الحكام لتنفيذ مخططات القوى الكبرى لا لنصرة مذاهبهم كما يزعمون.

أما غير المسلمين فقد عاشوا في كنف المسلمين كأهل ذمة لا فرق بينهم وبين المسلمين في الحقوق الرعوية، فالخلافة التي نسعى لإقامتها تعطي الناس حقوقهم ولا تفرق بين الرعايا بناء على الدين أو العرق أو المذهب أو المعتقد.

 

س: هل للحزب ذراع مسلح للحزب لتطبيق فكره، ولماذا لا يؤمن بالجهاد المسلح؟

ج: حزب التحرير حزب سياسي مبدؤه الإسلام، فهو ينتهج العمل السياسي وليس له أية أجنحة عسكرية، ويمارس الحزب في سعيه لإقامة الخلافة الصراع الفكري والكفاح السياسي متأسيا بسيرة الرسول عليه السلام في إقامته لدولة الإسلام الأولى، حيث أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أقام الدولة الإسلامية عبر بناء القاعدة الشعبية وطلب النصرة، حتى هيأ الله له من نصره فالتحمت قوة القاعدة الشعبية بالقوة المادية فكانت الدولة.

أما الجهاد فهو حكم شرعي وطريقة لنشر الإسلام للأمم والشعوب الأخرى، وللدفاع عن المسلمين وتحرير بلادهم المحتلة، فهو واجب على جيوش مصر والأردن وغيرها لتحرير فلسطين مثلا، وليس الجهاد طريقا لإقامة الخلافة، فالدول والأمم تبنى بالعمل السياسي لا بالقوة المادية.

 

س: ما الفرق بين الخلافة التي يدعو لها الحزب، والخلافة التي يدعو لها داعش، والخلافة التي دعا لها حسن البنا؟

ج: الخلافة التي يدعو لها حزب التحرير هي خلافة على منهاج النبوة، تقيم الدين وتدافع عن المسلمين وتنشر الخير والهداية للعالمين، وما يميز دعوة حزب التحرير هو وضوح تصوره للخلافة وابتعاده عن العموميات والشعارات الفضفاضة، فقد أعد الحزب دستورا لهذه الدولة ونظام حكم واقتصاد واجتماع، وكلها أحكام وقوانين مستمدة من الكتاب والسنة وما أرشدا إليه من أدلة، لذلك إذا أردت أن تعرف حقيقة الخلافة التي يدعو لها الحزب ستجدها مجسدة في فكره ورؤيته. وأوكد هنا أن الخلافة التي نسعى لإيجادها هي دولة رحمة وعدل لا دولة ذبح وظلم ولا دولة ضياع الحقوق ولا دولة الاستئثار بالأموال، وهي دولة خالصة للإسلام لا تتماهى مع الفكر الغربي أو الحلول الوسط.

 

س: هل هناك خليفة معين يدعو إليه الحزب؟

ج: لا، دعوة الحزب ليست متمحورة حول شخص وإنما حول إقامة الخلافة كطريقة لاستئناف الحياة الإسلامية وتطبيق أحكام الإسلام، وليس لدينا شخص مسمى لمنصب الخلافة، حتى أن الحزب بفكره لا يعارض أن يستلم الخلافة أي شخص حتى لو لم يكن عضوا فيه ما دام تتوفر فيه شروط الانعقاد الشرعية، وهو أن يكون رجلا مسلما حرا بالغا عاقلا عدلا من أهل القدرة والكفاية.

 

س: ما موقف الحزب من جماعة الإخوان، داعش، والقاعدة، وما هي أقرب الجماعات الحالية له؟

ج: نحن نتعامل مع المسلمين بوصفهم أمة واحدة، ونرى أفراد تلك الجماعات هم جزء من هذه الأمة وبالتالي هم أخوة لنا رغم ما يمارسه البعض منهم من أخطاء ومخالفات، لذلك نحن ندعوهم لما نحمل من فكر وندعوهم لاتخاذ استئناف الحياة الإسلامية بإقامة الخلافة قضية مصيرية لهم، وندعوهم إلى التقيد بأحكام الإسلام وإلى الوعي السياسي وأن لا ينخرطوا في علاقات مع الأنظمة التي حتما ستجرهم إلى الفشل وإلى مخالفة الإسلام وإلى استغلال أعمالهم.

أما أيها أقرب للحزب فالحزب له آراؤه واجتهاداته المغايرة لتلك الحركات وقد سطر ثقافته في كتبه ونشراته، وهو لا يقوم بالتنسيق مع الحركات والتنظيمات مهما كان اسمها أو شكلها أو فكرها.

 

س: كيف يرى الحزب الأنظمة الحاكمة وهل يكفرها؟

ج: هناك فرق بين النظام وبين الأشخاص، فالأنظمة في بلاد المسلمين جميعها تحكم بغير ما أنزل الله، فهي أنظمة تطبق العلمانية والقوانين الوضعية وتحتكم للشرعة الدولية، لذلك فهي أنظمة كفر ولا تمت إلى الإسلام بصلة، أما تكفير الأشخاص فهو أمر لا يخوض فيه الحزب ولا يفرد له أبوابا مفصلة، لأن غاية الحزب هو تغيير المجتمعات، والمجتمعات تتغير بتغير أنظمتها والعلاقات الدائمة فيها بفكرها ومشاعرها.

 

س: لماذا أعدم عدد من قيادات الحزب في عدد من دول العالم ولماذا تم هذا الأمر؟

ج: إعدام عدد من أعضاء الحزب في بلدان عدة يرجع إلى محاربة الأنظمة العميلة في بلاد المسلمين لدعوة الخلافة بتحريض وتوجيه من الدول الكبرى الاستعمارية، لإدراكها حقيقة المشروع الذي يحمله الحزب والذي سيقود إلى التحرير الحقيقي بالتخلص من التبعية للاستعمار وانهاء نفوذه من بلادنا بل ومن المنطقة بأسرها، وبالتالي قطع شرايين النفط والثروات التي يستولي عليها.

 

س: لماذا يشهد الحزب تضييقا في كل دول العالم؟

ج: الدول الكبرى الاستعمارية تراقب سير الحزب عن كثب وتراقب مدى استجابة الأمة معه ومدى تفاعلها مع دعوته، ولما وصلت إلى قناعة أن الأمة أصبحت تتشوق للخلافة وتحتضن الساعين لها جن جنونها، وأعلنت الحرب على فكرة الخلافة وعلى الحزب، ووجهت الحكام في بلادنا للتضييق على الحزب وملاحقة شبابه، وقامت بالتضييق عليه في بعض البلدان الأوروبية ومحاربته في روسيا وغيرها من البلدان.

 

س: كيف يسعى الحزب إلى تطبيق الخلافة؟

ج: يرى الحزب أن إقامة الخلافة حكم شرعي قبل أي وصف آخر، وبالتالي فإن طريقة إقامتها يجب أن تكون مستمدة من الشرع، وبعد الدراسة والبحث والنظر تبنى الحزب طريقة الرسول عليه السلام المفصلة في السيرة النبوية لإقامة الدولة، من تثقيف للجماهير وصراع فكري وكفاح سياسي وطلب نصرة فاستلام الحكم، أي أن الحزب يرى أن إقامة الخلافة اليوم تكون كما أقام الرسول عليه السلام الدولة الإسلامية الأولى، مع اختلاف الوسائل والأساليب التي تختلف وتتنوع في كل زمان ومكان.

 

س: موقف الحزب من الديمقراطية؟

ج: الديمقراطية ليست مقتصرة على حرية الممارسة السياسية أو الانتخابات كما يروج لها، بل هي فكرة عامة عن الحياة والحكم تجعل الشعب مصدرا للسلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وتعطي الفرد الحرية المطلقة في الاقتصاد والدين والحياة الاجتماعية، وهي بذلك تخالف الإسلام. فالسيادة في الإسلام للشرع والأمة هي صاحب السلطان، والحاكم والمحكوم مقيدون بأحكام الإسلام في كل كبيرة وصغيرة ولا يحق لهم تغيير الأحكام الشرعية أو التلاعب بها (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ).

 

س: ما موقف الحزب من المشاركة السياسية ضمن الأنظمة القائمة؟ ولماذا لم يخض الحزب الانتخابات البرلمانية ولا الرئاسية؟

ج: الاشتراك في الحكم في ظل الأنظمة القائمة هو مشاركة لها في ظلمها وتطبيقها للدساتير الوضعية، وبالتالي فإن الحزب يرفض الانتخابات الرئاسية في بلاد المسلمين رفضا قاطعاً ويرى المشاركة فيها حراماً.

أما الانتخابات النيابية فإن كان هدف الدخول فيها هو محاسبة الحكام وإظهار مخالفتهم للشرع وانكار منكراتهم فلا بأس في ذلك، ولقد دخل الحزب في خمسينات القرن الفائت البرلمان الأردني وكان نائبه الشيخ أحمد الداعور علماً في انكار منكرات النظام وبيان مخالفته للإسلام مما قاد إلى حبسه لاحقا والحكم عليه بالإعدام. أما إن كان الهدف من هذه الانتخابات ترقيع الأنظمة القائمة واضفاء الشرعية على دساتيرها الوضعية واتفاقياتها الباطلة ومحاولة إطالة عمرها وحجب غضب الناس عنها ولو بلعب دور المعارضة، كما هو حاصل في معظم الانتخابات البرلمانية في وقتنا الراهن، فهذا يعد انخراطا في هذه الأنظمة، وكثيرا ما كانت هذه الانتخابات مكائد جُرّت إليها الحركات الإسلامية لإجهاض عملها وإغراقها في مستنقع اللعبة السياسية المحكومة من قبل الدول الاستعمارية، وهو أمر يرفضه الحزب إذ هو يدعو للإطاحة بهذه الأنظمة وإقامة الخلافة على أنقاضها.