في سياق محاولة تحوير قضية حرق مسجد ياسوف من عمل ممنهج يرعاه كيان يهود إلى مجرد عمل فردي منعزل، قام كبير حاخامات "إسرائيل" بزيارة قرية ياسوف ليعرب عن "إدانته" للاعتداء الآثم، فقد ذكرت وكالة  معا أن ميتس كيري قام بزيارة موقع الحدث بحراسة أمنية فلسطينية مشددة في الوقت الذي رابطت فيه قوات الاحتلال بناءاً على طلب الأهالي على مداخل القرية ولم ترافق الحاخام، كما أن أهل القرية اعترضوا الحاخام ولم يسمحوا أن تطأ قدماه أرض المسجد، ويذكر أن وفداً من رجالات السلطة وقادة الأجهزة الأمنية كان بصحبة كيري.

إن زيارة هذا الحاخام هي محاولة يائسة لاسترضاء المسلمين وامتصاص نقمتهم وتحوير القضية التي باتت علامة واضحة للتصرفات الهمجية والممنهجة التي يمارسها كيان يهود على يد المستوطنين في الضفة الغربية تحت سمع وبصر السلطة وسكوتها، ولحرف الأنظار عن الدعم الحكومي لهذه التصرفات وللمستوطنين وليس آخره الدعم المالي الذي قدمته حكومة يهود للمستوطنين، وللفت الأنظار عن حقيقة الحقد الدفين الذي يملأ قلوب يهود على المسلمين والذي أبداه مؤخراً المجرم عوفادا يوسف عندما تطاول ووصف الإسلام والمسلمين بالقبح والقبيحين.
 
إن ما قامت به السلطة من تسويق زيارة هذا الحاخام لقرية ياسوف هو تصرف مشين ومحاولة لتزيين صورة الكيان اليهودي الغاصب ولتبرير العلاقات المذلة والتنسيق الأمني واللهث وراء المفاوضات المخزية التي تقوم بها السلطة، فليس كل يهودي -في نظر السلطة- كمن حرق المسجد وإن كان محتلاً!!! بل إن منهم من يستحق أن تبسط له الأيادي والأكف للسلام كبيرس وليفني وباراك وان كانوا مجرمي حرب!!!
إن موقف أهل قرية ياسوف وهم يستنكرون دخول هذا الحاخام إلى المسجد ويستنكرون دخول جيش يهود إلى قريتهم وهم العزل المغلوب على أمرهم، هو موقف مشرف ويحسب لهم في وقت تخاذلت فيه السلطة كما بقية الحكام عن نصرتهم والانتقام لبيت من بيوت الله قد دنس، فهم يعلمون أن هذا المجرم لا يختلف كثيراً عمن قام بجريمة الإحراق وإن تبادلوا الأدوار، وهم يعلمون كذلك أن هذا الغاصب الكافر لا يصح دخوله إلى المسجد بل لا يجوز السكوت عن استمرار بقائه في أرض فلسطين غاصبا مع بقية قومه. إن أهل القرية يدركون حقيقة يهود التي غفلت عنها أو أغفلتها السلطة والحكام المتآمرون، فهم يقرؤون قول الحق سبحانه (ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ)، فهؤلاء من كبيرهم إلى صغيرهم ومن يمينهم إلى يسارهم سواء في بغض وكراهية المسلمين فهم لا يرون في الإساءة للمسلمين أو للإسلام أي غضاضة وما الفتاوى الدينية اليهودية بقتل المدنيين في حرب غزة الأخيرة سوى مثال صارخ على ذلك.
إن اعتداءات المستوطنين المتكررة والآخذة في الازدياد على أهل الضفة الغربية هي مجسات لردّات الأفعال التي تعقبها، وهي تنذر باعتداءات أشد وأخطر في حال استمرت السلطة بالقيام بدورها الوظيفي المقتصر على حماية أمن كيان يهود والبطش بأهل فلسطين، وبقي الحكام يرون تلك الاعتداءات التي شملت المقدسات والدماء والأعراض دون أن يحركوا ساكناً.
إن فلسطين تئن من ظلم يهود وبطشهم، وتئن من تواطؤ السلطة والحكام مع يهود وتآمرهم عليها، فهل آن الأوان لجيوش المسلمين أن تتجاوز هؤلاء الحكام فتتحرك لنصرتها؟! هل آن الأوان أن ينقذوها من براثن يهود؟! وهل من رجل رشيد وقائد مغوار يلبي النداء؟!
(وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ)
 
 15/12/2009