لقد أصبح الحديث عن تدخل الإدارة الأمريكية في تفاصيل وتوقيت ما يسمى بالمصالحة الفلسطينية أمراً عادياً، وكأنّ الإدارة الأمريكية من خلال مبعوثها جورج ميتشل ورجالاتها في مصر مبارك وسليمان قد باتت صاحبة القضية وصاحبة الأمر والنهي في المصالحة التي تسمى فلسطينية- فلسطينية.
فقد نقلت صحيفة "الشروق" المصرية في عددها الصادر يوم أمس الأحد عن مصادر دبلوماسية أمريكية أن واشنطن طلبت من القاهرة تأجيل إتمام المصالحة الفلسطينية لعدة أسابيع. وحصلت الصحيفة على خطابين قام نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن بإرسالهما للقاهرة للمطالبة "بتأجيل تحريك جهود المصالحة الفلسطينية" حتى أواخر الشهر الجاري أو بداية كانون الثاني (يناير).
من الواضح أن خيوط المصالحة التي تُوصف بالفلسطينية- الفلسطينية ليست بأيد فلسطينية بل بيد أمريكا ورجالاتها، مع أنّ الأصل أنها مصالحة داخلية!
وهذا إن دل على شيء فإنّما يدل على أنّ المصالحة جزء من مخطط أمريكي الغاية منه تصفية قضية فلسطين، فصحيح أنّ المصالحة محاولة لإنهاء حالة الانقسام بين سلطتي غزة ورام الله وإعادة اللحمة إلى شطري السلطة، ولكن الأساس الذي ستجري عليه المصالحة مفصل على مقاس التسوية وشروط اللجنة الرباعية واتفاقيات السلام، وهذا ما تريده أمريكا وتحرص عليه، وما رغبتها في تأجيل المصالحة قليلاً إلا من أجل أن تتم المصالحة على كامل الأساسات التي أرادتها دون إنقاصٍ أو تغيير، هذا فضلاً عن الغاية الأخرى التي أشارت إليها الصحيفة من أن تأجيل المصالحة من شأنه تقوية عباس وفتح على اعتبار أن حماس هي من يقف حجر عثرة أمام المصالحة.
على الشرفاء في الحركتين، فتح وحماس، أن ينبذوا الورقة المصرية للمصالحة، وأن ينبذوا في الوقت نفسه الفرقة والانقسام فيتوحدوا على أساس العقيدة الإسلامية وما انبثق عنها من أحكام شرعية تحتم على المسلمين معاداة يهود وكيانهم، وتحرم على أهل فلسطين وعلى المسلمين كافة مسالمة يهود ما داموا يحتلون بلاد المسلمين.
كما ويجب التوقف عن رجاء الخير من الخطط والمشاريع الدولية التي لا يرقب أهلها في المسلمين إلاً ولا ذمة.
{مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَاللّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ }  
8-12-2009