تعليق صحفي
بيرنز ينصّب نفسه وصيّاً على مصر وثورتها، فيتحدث باسم أهلها ويرسم لهم خارطة الطريق!!


  قال وليام بيرنز، مساعد وزير الخارجية الأمريكية "نريد مصر ديمقراطية". وأضاف بيرنز "ما ستفعله أمريكا هو الوقوف وراء المبادئ وليس الأشخاص، ...ونتمنى التعلم من دروس وأخطاء السنتين الماضيتين".
وقال بيرنز "أمام مصر الفرصة كي تحقق خريطة الطريق ليتم إعداد دستور ومن بعده انتخابات برلمانية ورئاسية ونتمنى أن تتولى زمام الأمور حكومة مدنية، وناقشنا مساعدة أمريكا لمصر لإعداد الدستور الجديد، والمجتمع المدني يقدم الكثير في هذا المجال، والشعب يتوقع أن تكون الانتخابات التي تلي إعداد الدستور نزيهة وديمقراطية". واستطرد بيرنز قائلا "يجب العمل على إشراك الجميع، ونطالب من الجيش أن يتفادى جميع الأعمال التي لها دوافع سياسية".
وقال بيرنز "هناك فرصة لمصر لتجديد اقتصادها بعد فترة من عدم تلبية متطلبات المصريين، ونتمنى من الحكومة الجديدة تطوير الاقتصاد وتشجيع الاستثمار الأجنبي، ونأمل أن يتم في نفس الوقت الكفاح من أجل البرامج الاجتماعية، وهي الفرصة التي تلبي طموحات الثورة المشروعة، وطموحات الشعب المصري..."
وللتعليق على ذلك نذكر الأمور التالية:
إن أمريكا تمارس الوصاية السياسية على الحكم في مصر، وهي تتعامل معها كما لو أنها تدير ولاية من ولاياتها بل مزرعة من مزارعها؛
فهي تطيح بحاكمها بعدما أيّدته ووقفت خلف قراراته، لمّا رأته غير قادر على حفظ الاستقرار لصالح نفوذها في المنطقة، وهي ترسم للمصرين خارطة طريقهم وتتحدث عمّا تريده من مصر شكلاً للحكم فيها (ديمقراطي)، وهي تتحدث باسمهم وباسم ثورتهم، وتوجه تعليماتها للجيش، وتحدد معالم الاقتصاد المستقبلي، وسير العملية السياسية، وتريد "المساعدة!" في إعداد دستور جديد لأهل مصر، وهي "تتطلع!" لتحقيق طموحات الشعب المشروعة وأهداف ثورة يناير!!! فأي وصاية هذه؟! وهل يقبل بها أهل مصر؟

إن في تصريحات بيرنز وتنصيبه لنفسه "ناطقا" باسم الشعب المصري بقوله "والشعب يتوقع أن تكون الانتخابات التي تلي إعداد الدستور نزيهة وديمقراطية"، ومطالبته أهل مصر بالتعلم من دروس وأخطاء السنتين الماضيتين، لهي إهانة لأهل مصر المسلمين، ولجيشها ولساستها وحكامها إن كانوا يعقلون. وهي تستوجب الرد الحازم بقطع أيدي أمريكا من التدخل السافر في شؤون مصر وأهلها.

إن حديث بيرنز عن تحقيق طموحات الشعب المصري، وأهداف ثورة يناير هو استخفاف بالعقول، ومحاولة مفضوحة "للضحك على الذقون"، فأمريكا هي أكبر دولة استعمارية في العالم، وهي لا تقيم وزناً للشعوب ولا لتطلعاتها، بل هي ترتكب المجازر بحق الشعوب لأجل نفوذها ومصالحها وهيمنتها على مقدرات تلك الشعوب، وما فعلته في العراق من قتل مليون مسلم أو يزيد لأجل نهب نفطه والهيمنة عليه، وما فعلته في أفغانستان، ماثل للعيان لم تمح أثاره بعد، فعلى من يكذب بيرنز وبعقول من يستخف؟!

إن حالة المهانة التي وصلت إليها مصر ترجع لتبعية حكامها لأمريكا، وارتهان الطبقة السياسية فيها للغرب المستعمر، وخضوعهم لشروط ومقاييس الكفار، وإن الخروج من هذه المرحلة المظلمة يكون بتخليص مصر من كل تبعية للكفار، فتستقل بقرارها بدل أن يدير دفة الحكم فيها الأمريكان عبر أدواتهم العملاء، وأن تعلن تطبيق الإسلام تطبيقا فعلياً، لتحدث التغيير الجذري وتنهض بمكانتها، فتعود مصر كنانة الله في أرضه، وتمارس دورها المحوري في استعادة الأمة لمجدها وعزها بإقامة خلافتها. ودور أهل مصر في تاريخ الأمة، في قتال الصليبيين مع صلاح الدين، ودورهم في القضاء على المغول، شامة في تاريخهم، وهم مؤهلون لاستعادة هذا الدور، وهم أهل له.

لذا فعلى أهل الكنانة أن يدركوا أن التغيير الجذري لن يكون باستبدال عميل بعميل ولا بمجرد ترقيع الحكم فيها أو الاكتفاء بإجراءات شكلية تجميلية بل بقلع النظام الرأسمالي من جذوره وإقامة نظام الإسلام بإقامة الخلافة بدلاً منه، فالخلافة هي الوحيدة القادرة على إخراج مصر من هذه الدوامة، وهي الوحيدة التي تقطع أيدي الاستعمار من التلاعب والتدخل في شؤون المسلمين، وهي الوحيدة التي تعيد للمسلمين مكانتهم المرموقة بين الأمم.
فهذه هي خارطة طريق التغيير والعزة خلافة راشدة على منهاج النبوة، وتلك خارطة أمريكا الاستعمارية ذل وفقر وتبعية. فأيهما تختارون يا أهل الكنانة؟

16-7-2013