تعليق صحفي

قائد فريق التفتيش الدولي بليكس يدلل بتصريحاته حول حرب العراق على فساد الرأسمالية والديمقراطية

 (CNN) بعد عشر سنوات على الحرب التي شنتها الولايات المتحدة الأمريكية على العراق، بحجة حيازة نظام صدام حسين أسلحة دمار شامل، اعتبر هانز بليكس، الذي قاد فريق التفتيش الدولي على تلك الأسلحة، التي لم يتم العثور على أي أثر لها، أنّ الحرب "كانت خطأً فظيعاً"، بالمخالفة لميثاق الأمم المتحدة.

وقال أنّ "الحرب كان الهدف منها تدمير أسلحة الدمار الشامل، إلا أنه لم يكن هناك أي منها... وكان الهدف من الحرب القضاء على تنظيم القاعدة في العراق، ولكن الجماعة الإرهابية لم يكن لها أي وجود في البلاد حتى بعد الغزو".

وأضاف أن "الحرب كان الهدف منها إقامة نموذج للديمقراطية في العراق يقوم على سيادة القانون، ولكنها أدت إلى إقامة نظام فوضوي استبدادي، وقادت إلى قيام أمريكا بممارسات تنتهك قوانين الحرب".

وقال أيضاً: "لقد كان الهدف من الحرب تحويل العراق إلى قاعدة صديقة، تسمح للقوات الأمريكية بالتدخل في إيران، وقت الحاجة، ولكنها بدلاً من ذلك منحت إيران حليفاً جديداً في بغداد."

في هذا المقال الذي خص به بليكس ال CNN، وإن كان يكشف فيه حقائق من مثل خلو العراق من أسلحة الدمار الشامل ومن الجماعات "الإرهابية"، وعلم القائمين على الحرب قبل شنها بتلك الحقائق، وأنّ الحرب لم تحقق أيضا أيا من أهدافها الأخرى المعلنة كإقامة نموذج للديمقراطية وتحويل العراق إلى قاعدة صديقة، وغيرها من الأمور التي تعتبر لافتة في المقال، إلا أنّ الأهم من ذلك كله أنّ المقال يكشف عن عوار العقلية التي يتعامل بها الغرب مع القضايا، تلك العقلية الرأسمالية الخبيثة.

فصحيح أنّ المقال يعري قادة الغرب بتجريدهم مما كانوا يتمترسون خلفه من أهداف وقيم، إلا أنّ المتأمل في المقال يرى أنّه يعري حضارة الغرب الرأسمالية ويكشف عن سوءاتها أيضا. فالعراق وبعد أن عاثت فيه القوى الرأسمالية وعلى رأسها أمريكا وبريطانيا، الفساد، فأهلكت الحرث والنسل، وقتلت مئات الألوف، مخلفة جيوشا من الثكالى واليتامى، وهتكت الأعراض وانتهكت المحرمات، ودمرت البلد وجعلته على فوهة بركان يكاد يشتعل في أي لحظة بعود الطائفية المقيتة التي عملت أمريكا على زراعتها وتغذيتها بين أبناء العقيدة الواحدة، وتركت أهل البلد يئنون من الفقر والبطالة والجوع رغم أنّه يسبح على بحر من النفط والثروات التي تكفي لإغناء عشرات الدول، وكل ذلك قامت به أمريكا وأعوانها تحت شعار الديمقراطية والحرية وتحت قوانين الديمقراطية وتشريعاتها.

فيا لها من ديمقراطية وحرية توفر لمعتنقيها الغطاء لفعل أبشع الجرائم وارتكاب أعظم المنكرات دون أن يجد أصحابها غضاضة في ذلك، وفي النهاية بدل أن يلقوا باللوم على المبدأ الذي وفر لهم الغطاء وسمح لهم بهذه الأعمال الوحشية، فيقرروا التخلص منه، بل وشن الحرب عليه للقضاء عليه، هم يتعامون عن أصل الداء ومنبع الشرور، وهو المبدأ الرأسمالي الديمقراطية، ويلقون باللوم على أشخاص أو مؤسسات!!.

فمن الواضح أنّ غزو العراق لم يكن بناء على قيم نبيلة أو غايات إنسانية مشروعة، أو لتحقيق مثل عليا، ولم يحقق أيا من تلك الأشياء، وحال العراق إبان الغزو وبعده وحتى بعد مضي عشر سنوات على الغزو، يغني عن المقال والشرح، وهذا الغزو إنما تم تحت قوانين الديمقراطية وتشريعاتها، بأدواته الديمقراطية ومؤسساته الراسخة كالكونغرس ومجلس الشيوخ الأمريكيين، ومجلس العموم البريطاني، ومجلس الأمن الدولي!!

فالحقيقة أنّ الرأسمالية والديمقراطية هما عدوتا الإنسانية اللدودتان، وهما أعظم شرور هذا العصر، والأصل أن تنصب كل جهود المسلمين والعقلاء في العالم على التخلص منهما وإحلال المبدأ الحق الذي يسعد البشرية مكانهما، ليريح العالم من نار الرأسمالية والديمقراطية وعذابهما.

هي إذا حضارة الإسلام، ومبدؤه العظيم، في دولته القادمة، دولة الخلافة الإسلامية، الأمل الوحيد أمام العالم ليستعيد حياته التي دنسها المبدأ الرأسمالي.

22-3-2013