تعليق صحفي

محور الشر الأمريكي ضد ثورة الشام

 تزامنت تهديدات الإبراهيمي المبطنة التي قال فيها إن الوضع في سوريا يتفاقم بوتيرة متسارعة، محذرا من أن الأمر إن استمر لعام آخر قد يؤدي لسقوط أكثر من مائة ألف (الجزيرة نت 30-12-2012)، مع تصريحات قائد الباسيج الإيراني الجنرال "محمد رجا نقدي" التي قال فيها "إذا دخلت قواتنا إلى سوريا فإنها ستستأصل جذور التمرد في تل أبيب" (وكالة معا 30-12-2012).

إن تصريحات الإبراهيمي وعنتريات النظام الإيراني تنبع من بوتقة المؤامرات الأمريكية ضد ثورة الشام، لتشكل محور الشر الأمريكي؛

إذ كلا الطرفين حريص على عدم خروج الوضع في سوريا عن سياق الهيمنة الأمريكية، لئلا يقلب واقع الخنوع لأمريكا ولمصالحها، ولئلا يغيّر معادلة المواجهة مع كيان الاحتلال اليهودي، وكلاهما حريص على أن لا تصبح الشام نقطة ارتكاز لخلافة على منهاج النبوة، وخصوصا مع تتابع التعاهد بين الكتائب العسكرية في الشام على تلك الغاية، وهي ترفع لواء الخلافة.

لقد ظل الإبراهيمي يطوف من عاصمة لأخرى يطبخ مؤامرات "الحلول السياسية" التي لا تدندن إلا حول عمليات تجميلية في سوريا، بينما تحافظ على النفوذ الأمريكي فيها. ولم يخرج الإبراهيمي أبدا عن المسار الذي فرضته أمريكا على سوريا والقاضي بإعطاء بشار وعصاباته المهلة تلو الأخرى حتى ينضج البديل على مقاسها، وهي تطبخ الائتلاف الوطني لتلك الغاية.

ومع إصرار ثوار الخنادق في الشام على رفض تلك المؤامرات، يتصاعد منطق الترهيب والوعيد الأمريكي (ومعه "الإسرائيلي")، بداية عبر حشد حلف النيتو على الحدود التركية، ومرورا بتهديدات قادة الكيان اليهودي وتآمرهم مع ملك الأردن، واليوم عبر تهديدات الإبراهيمي المبطنة.

أما النظام الإيراني، فهو صاحب التاريخ الأسود من العلاقات المفضوحة مع أمريكا منذ نشأة ذلك الكيان تحت شعار الثورة الإسلامية، مرورا بتقرير بيكر- هاملتو نحول أزمة العراق (2006) الذي شدّد على أهمية الدور الإيراني والسوري في إنقاذ أمريكا من وحل العراق،يضاف لذلك ما كشفته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) في 22/2/2009 من أن مسئولاً عسكرياً إيرانياً "قام ببسطخريطة على طاولة النقاش وحدد عليها الأهداف التي أراد أن تركز عليها الولاياتالمتحدة وخاصة في شمال أفغانستان"، والتي تم اعتمادها ضمن "الإستراتيجية العسكرية للولايات المتحدة في أفغانستان".

إن النظام الإيراني الذي تواطأ مع أمريكا في حربها ضد المسلمين في أفغانستان وفي العراق، يكرر اليوم جرائمه بحق الأمة في الوقوف مع أمريكا في حربها وتآمرها ضد ثورة الشام.

أما التصريح الإيراني حول استئصال "جذور التمرد في تل أبيب" فهو -عدا عمّا يتضمنه من وقاحة اللمز بثورة الشام- ما هو إلا من باب العنتريات الباهتة التي ظل النظام الإيراني يتبجح بها، كأبطال مسلسلات باب الحارة، بينما يدرك العقلاء أن النظام الإيراني لو كان جادا في مواجهة "إسرائيل" لتحرك منذ سنوات طوالوهو يتابع جرائم الاحتلال اليهودي عبر الفضائيات كأنه يتفرج على مسلسل درامي لا علاقة له به، ولو كان جادا في مواجهة عدوان اليهود لتحرك عندما حلقت طائراتهم فوق قصر بشار في دمشق، ولو كان جادا في التحرك لصد عدوان اليهود على لبنان عام 2006.

إن التهديد الحقيقي لكيان اليهود لن يكون إلا على أيدي النظام الذي سيتولّد على أنقاض نظام بشار الذي ظل يحرس الاحتلال اليهودي طيلة العقود السابقة، ولذلك يتخوف محور الشر الأمريكي من انبثاق فجر الخلافة في الشام، مما سيكشف عورات محور الممانعة الكاذبة تحت نور الجهاد الذي يخلع الاحتلال اليهودي من جذوره.

3-1-2013