جاء في خبر نقلته عدة وسائل إعلام ومنها البي بي سي العربية بأنّ العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز أصدر أمراً بإعفاء الشيخ سعد بن ناصر الشثري،عضو هيئة كبار العلماء، من مهامه بعد انتقاده لأسلوب عمل جامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا الجديدة التي افتتحت في مدينة جدة.
وكان الشيخ الشثري قد صرح بأن السماح بالاختلاط بين الجنسين في الجامعات ينطوي على مخاطر جسيمة وانه "شر وإثم عظيم". وطالب الشثري بعرض المناهج التي تدرس فيها على علماء الدين لتجنب ما وصفه بالأيديولوجيات الغريبة مثل نظرية النشوء والارتقاء.
وكان الملك عبد الله قد افتتح مؤخرا وبحضور عدد من الرؤساء والملوك العرب والأجانب شمال مدينة جدة السعودية جامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا والتي بلغت كلفتها عدة مليارات من الدولارات.
وتسمح الجامعة بالاختلاط بين الرجال والنساء في الحرم الجامعي وفي قاعات الدراسة، وقيادة النساء للسيارات داخل الحرم الجامعي ولن يسمح لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالدخول هناك. كما لن تكون الطالبات ملزمات بارتداء الحجاب.
*****
لا شك أنّ الخبر يكاد يكون غنياً عن التعليق لولا ثلة من المؤمنين أودى بهم الجهل إلى الظن خيراً بحكام المسلمين، فنادوا باعتبار حكام المسلمين ولاة أمور تجب طاعتهم! مع أنّ حكام المسلمين غاصبو سلطة ولا شرعية لهم عند الله ولا عند المسلمين، بل يجب قلعهم من جذورهم ومحاسبتهم على تسلطهم على رقاب الأمة بالحديد والنار وغصبهم لسلطان الأمة.
فهذا هو الملك عبد الله يحارب دين الله، ويسعى في بلاد الحجاز، مهبط الوحي، وأحب أرض الله إليه، وأقدس بقعة على وجه الأرض، يسعى فيها فساداً وإفسادا. فلم يكتف بعمالته للغرب وولائه إلى أعداء الله، وسلبه لخيرات الأمة ليملأ بها جيوب حكام الغرب وبنوكهم. ولم يكتف أن حول هو وسلفه من حكام آل سعود، الحجاز مسرحاً ومرتعاً للغرب وقواته، ومركزا لمؤامراته كمبادرة السلام العربية المذلة. وجعل من الحجاز ساحة قتال ضد كل من يزعج أمريكا، فانتشرت الحواجز، وكثر القتل والاعتقال والتشريد لمن يرفض الولاء والطاعة للغرب من أولئك الذين سماهم الغرب بالإرهابيين.
بعد كل هذا، وبعد أن لم يُبق حكام السعودية من أحكام الإسلام إلا النزر اليسير الذي يجّمل صورتهم أمام المسلمين كقليل من العبادات والشكليات، ها هم يريدون أن يفسدوا على الناس ما تبقى من أحكام دينهم فيدخلوا عليهم الفاحشة من كل صوب وحدب. يقلدون الغرب ويحملون رذيلته إلى بلاد المسلمين. فأي مفسدة أعظم من أن يختلط الرجال بالنساء وخاصة طلاب الجامعة- سن الشباب والمراهقة- في جو من الراحة والرفاهية، وفي ظل تبرج المرأة الذي ستسمح به الجامعة؟!.
 هذه هي ثقافة الغرب وحضارته التي أقنع بها حكام المسلمين وأجبرهم على اقتفاء أثرها حتى يحولوا مجتمعات المسلمين إلى حظائر للبهائم كما الغرب والعياذ بالله. ولا غرابة أن يكون الملك عبد الله قد قبض ثمن فعلته مسبقاً من الغرب ولا أقلها شهادة حسن سير وسلوك أو شهادة طاعة وولاء.
وقد وصلت الوقاحة بالملك عبد الله إلى إقالة من ينكر عليه منكره، في رسالة منه إلى الشيخ وإلى غيره من علماء السعودية بأن شخص الملك مصون وله قدسيته، وما دوركم أيها العلماء إلا السمع والطاعة والدعاء له على المنابر!!.
والذي أوصل الملك عبد الله وغيره من حكام المسلمين إلى هذه الدرجة من الوقاحة والجرأة على دين الله هو سكوت الأمة وخاصة علمائها. ففرعون زعم أنه إله بعد أن استخف قومه. {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ }الزخرف54.
فهلا أدرك دعاة "ولاة الأمور" حقيقة الحكام، وأنّهم شركاء للحكام في منكرهم بسكوتهم عنهم بدلاً من أطرهم على الحق أطراً. قال صلى الله عليه وسلم:" إنّ الله لا يعذب العامة بعمل الخاصة حتى تكون العامة تستطيع أن تغيّر على الخاصة، فإذا لم تغيّر العامة على الخاصة، عذّب الله العامة والخاصة" [ رواه أحمد والطبراني في الكبير].
6/10/2009