تعليق صحفي

في الإسلام نظام حكم متكامل ولا يفتقر للديمقراطية يا مشعل!

دعا رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، "الإسلاميين" للاعتراف بأن الحكم أعقد مما كانوا يتصورون.وطالب مشعل القوى السياسية العربية ومن ضمنها حركات "الإسلام السياسي" أن تؤسس لنموذج معاصر للديمقراطية، موضحًا أن هناك فرقاً بين موقع المعارضة والحكم، بين التخيّل والافتراض والمعايشة والمعاناة، وفرق بين الناقد والممارس.وأوصى مشعل الأنظمة الديمقراطية التي تنشأ عن ثورات الربيع العربي بالتوازن بين الهمّ "الوطني" الداخلي وأولويات الهم "العربي والإقليمي".

وللتعليق على هذه التصريحات نذكر الأمور التالية:

1.     الإسلام بنظامه وشريعته ليس بحاجة إلى تجربة من قبل "الإسلاميين" أو غيرهم حتى نتأكد من صحة معالجته أو من كماله ومعالجته للواقع المعاصر ومستجداته، لكي يخلص مشعل إلى نتيجة مفادها الدعوة إلى تأسيس نموذج معاصر من الديمقراطية!! وكأن الإسلام عجز أن يعالج الواقع السياسي الراهن وهو الدين الذي حوى نظاماً متكاملاً للحكم والاقتصاد والاجتماع والعقوبات، وفيه دستور ينظم شؤون الدولة من رأس هرمها إلى أدنى مصالح الناس (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا)، لكن الذين يستمدون أحكامهم من الواقع لا يبصرون تلك الحقيقة أو تزيغ أبصارهم وتنحرف عقولهم عن إدراكها.

2.     إنّ من لا يملك تصوراً متكاملاً للحكم من منظور إسلامي كحركات "الإسلام المعتدل"، لا يمكن أن تحسب تجربته على الإسلام أو حتى "الإسلاميين"، إذ أن هؤلاء وصلوا للحكم دون أن يصل الإسلام لسدته، فالحركات "المعتدلة" التي تسمى إسلامية ووصلت لسدة الحكم طبقت العلمانية الرأسمالية، وإن كان أعضاء حكوماتها من الملتحين أو أصحاب العمائم، ونموذج الحكم في تركيا والنموذج الراهن في تونس ومصر دليل على أن هؤلاء لم يطبقوا الإسلام بل إنهم لم يعلنوا أنهم عازمون على ذلك! وبقي رؤساؤهم يؤكدون تطبيقهم للديمقراطية وحفاظهم على النظام القائم، فحُقَ أن تحسب تجربة هؤلاء على التجربة العلمانية الفاشلة لا على الإسلام والعاملين له.

3.     ومن ثم فإن تلك الحركات "المعتدلة" التي وصلت لسدة الحكم، وصلت ضمن منظومة الحكم العلمانية ولم تغير شيئا من أسسها، وهي قد حققت متطلبات الدول الكبرى الاستعمارية، أو ما يسمى بالمجتمع الدولي، فكانت بذلك نموذجاً ضمن مقاسات معينة لا هامش فيه "للنجاح" من منظور الأمة، يصل إلى نتيجة محسومة محددة مسبقاً ومعروفة لدى من وضع الشروط والمتطلبات الدولية.

4.     إن مطالبة مشعل الحكومات الديمقراطية الجديدة بالموازنة بين الهمّ "الوطني" والهمّ "العربي" و"الإقليمي" هو اعتراف منه بحدود سايكس بيكو، وهو يؤكد أن مشعل يغفل أو "لا يدرك!" نموذج الإسلام في الحكم المتمثل في دولة واحدة وبحاكم واحدوراية واحدة وذات همّ واحد.

5.     إن نموذج الإسلام في الحكم ليس نموذجاً يتفتق عن عقول "الإسلاميين" أو ترسمه مخيلاتهم أو فرضياتهم، بل هو نموذج رباني جسّده لنا الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم في دولته التي أقامها للمسلمين جميعاً في المدينة المنورة وخلفه فيها الخلفاء الراشدون وبقية الخلفاء إلى أن هدمت الخلافة، نموذج دولة شهد لها العدو قبل الصديق، وهو نموذج تشريعي واجب الإتباع وصالح لكل زمان ومكان وإن اختلفت فيه الوسائل والأساليب.

6.     إن الأمة اليوم تتطلع لهذا النموذج الذي تجسده الدولة الإسلامية لا الحكومات الديمقراطية، دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، وإن حركات "الإسلام المعتدل" تجدّف عكس تيار الأمة وتطلعاتها بدعوتها إلى نظام ديمقراطي أو علماني، وقد اقتربت الأمة مع المخلصين العاملين لإقامة الخلافة والذين يحملون مشروع الإسلام النهضوي المتكامل إلى تحقيق غايتهم بإذن الله، فحريّ بتلك الحركات أن تنحاز لمشروع أمتها بدل أن تكون عقبة في طريقه وأبواقاً للديمقراطية!.

 

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (...ثم تكون خلافة على منهاج النبوة)

9-10-2012