تعليق صحفي

الحديث عن جشع التجار تضليل والسلطة هي المسؤولة عن الغلاء

 بحث وزير الاقتصاد الوطني جواد ناجي مع تجار ومستوردي السلع الاساسية أسعار السلع الاساسية. وأكد ناجي أن هناك سلسلة من الاجراءات التي ستنفذها الوزارة قريباً لضبط وتنظيم السوق الداخلي، ومنع الاستغلال والرفع غير المبرر للسلع الأساسية واتخاذ اجراءات صارمة بحق المخالفين.

من يقرأ هذا الخبر للوهلة الأولى يرى في ظاهره الرأفة بالناس والإشفاق عليهم، بينما باطنه من قبله العذاب وسوء العاقبة والخراب الاقتصادي الذي يخيم على أهل فلسطين وسعيٌ لتنصل السلطة من مسؤوليتها.

فالسلطة بسياستها هذه تضع الكرة في ملعب أهل فلسطين وتلقي بمسؤولية رفع الأسعار على كاهل الناس والتجار، في محاولة منها للتنصل من جرائمها وتحميل الناس وحدهم مسؤولية الغلاء، بينما الحقيقة أن السلطة هي أس المصائب التي تخيم على أهل فلسطين، ومنها الكوارث الاقتصادية التي بسياستها التابعة والمرتمية في أحضان المستعمرين والخاضعة لسياسة البنك الدولي، قد ألبست الناس لباس الجوع والفقر.

إن سبب الغلاء يعود إلى أمرين اثنين رئيسين:

الأول: عدم تدخل السلطة في السوق وتركه يتحرك كيفما شاء، وهذه هي الآلية الظالمة الرأسمالية التي تسمى آلية الثمن، وهي الطريقة الوحيدة –وفق المبدأ الرأسمالي- لتوزيع الثروات، وهي المحفز على الانتاج والمنظم له، وهذه الآلية تترك الفقير، من لا يملك هذا الثمن، في مخالب الفقر وسجلات الشؤون الاجتماعية أو يتكفف الناس على الطرقات دون أن تضمن له أدنى حقوقه البشرية.

وهذه الآلية قد زادت الغني غنى وجعلته هو وحده من يستحق التمتع بالحاجات والسلع أساسية كانت أم كمالية، بينما من لا يملك الثمن لا حق له في ذلك.

والسبب الثاني الذي يؤدي لرفع الأسعار بصورة مباشرة هو الاحتكار، وهذا أيضا تقف خلفه السلطة لاستيلائها على الامتيازات والوكالات الحصرية للسلع الضرورية والأكثر مبيعاً في الأسواق كالتبغ وغيره، فالسلطة تحتكر تلك الوكالات والامتيازات لها ولأزلامها كثمن بخس لقاء تفريطهم بالأرض المقدسة و"تشريعهم" احتلال يهود لها، ويعرف التجار احتكارات هؤلاء معرفة حسية. وهي تعطل الكثير من الصناعات بسبب القيود الهائلة التي تفرضها على كل صاحب صناعة أو من يريد الاستيراد، ولو أنها فتحت الباب على مصراعيه لكل من يريد الانتاج أو الاستيراد لأدى ذلك إلى التنافس وعدم رفع الاسعار.

إن من بديهيات التجارة أن التجار يتنافسون في تخفيض الأسعار وليس في رفعها، ولا يكون رفعها إلا في حالة الاحتكار، ومنه هذه الوكالات الحصرية، والتي معظمها في يد السلطة ورجالها.

إن الإسلام قد حث التجار على تخفيض الأسعار والسماحة في البيع والشراء وحرم الغبن الفاحش، لكنه في الوقت ذاته لم يترك علاج المشكلة الاقتصادية وقفاً على تصرفات الأفراد بل هي سياسة تنتهجها الدولة وتسهر على تطبيقها وتسعى ليتمكن كل فرد من أفراد الرعية من اشباع حاجاته الأساسية فرداً فرداً وليشبع حاجاته الكمالية قدر المستطاع.

لكن أنّى لأتباع الغرب والمضبوعين بثقافته التي ترى في الرغيف محل نزاع أكله انا أو أنت أن يرعوا الناس كرعاية من يطبق نظام الخالق الذي في كنفه يؤثر المرؤ غيره ولو كان به خصاصة؟!.

(الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)

17-9-2012م