تزداد معاناة أهل فلسطين من ارتفاع الأسعار والبطالة والضرائب المجحفة، وتنطلق الاحتجاجات في عدة مدن لتصف سلوك السلطة الاقتصادي "بالتهجيري" وهو وصف يطابق واقع السلطة وسلوكها، يأتي ذلك عقب اجتماع عُقد قبل أسبوع على الأقل في فندق الأمريكان كولوني في القدس بين رئيس الحكومة سلام فياض ومحافظ "بنك إسرائيل ستانلي فيشر". وقد طلب حينها فياض النصيحة من فيشر عن كيفية مواجهة تحديات العجز الحاصل في ميزانية السلطة.
ويذكر أن وزير المالية "الإسرائيلي" يوفال شتاينتش كان قد اجتمع مع فياض قبل نحو أسبوعين بهدف تنسيق السياسات الاقتصادية بين الطرفين، خاصة فيما يتعلق بجباية الضرائب على البضائع الإسرائيلية من جانب السلطة.
وقد سبق ذلك رفض منظمة النقد الدولي "وساطة إسرائيلية" لإقناعها لكي تمنح السلطة الفلسطينية قرضًا بقيمة مليار دولار بهدف منع انهيارها اقتصاديًا.
يبدو جليا لكل متابع ارتباط السلطة الحيوي  بكيان يهود وسياساتها الأمنية والاقتصادية، واهتمام الكيان الغاصب بأمر السلطة وتسلطها على رقاب الناس وتمسكه بها لدرجة التوسط لدى منظمة النقد الدولي لإقراضها، إلا أن ارتماء السلطة في أحضان يهود واتخاذهم "مستشارين" وبطانة لرئيس ما يسمى "الحكومة الفلسطينية" وغيرهم من رجال السلطة فيه تجاوز  للمدى في محاربة أهل فلسطين في أقواتهم وأرزاق عيالهم مما يضعف من صمودهم على أرضهم في وجه الاحتلال .
فهل سيعطي -محافظ "بنك إسرائيل"- ستانلي فيشر لفياض وصفة اقتصادية لتثبيت أهل فلسطين على أرضهم وتكريس وجودهم ؟؟!، وهل ستمكن الإجراءات والحلول  التي يقترحها  اليهود أهل فلسطين من الصمود والتجذر على هذه الأرض المباركة ؟؟!، وهل سيكون هدف التنسيق الاقتصادي بين "الطرفين" رفع مستوى المعيشة لدى أهل فلسطين حتى يتمكنوا من العيش بكرامة ؟؟!، أم أن التنسيق الاقتصادي سيكون رديف التنسيق الأمني الذي يرى أهل فلسطين نتيجته ويلمسون عواقبه الوخيمة عليهم عربدة وتغولا وتوحشا للمستوطنين الذين أمنوا على أرواحهم، ونسوا الخوف والتهديد بعد ملاحقة وقتل واعتقال السلطة لكل من يفكر في المس بهم.
إن الوصفات الاقتصادية والحلول والإجراءات التي يراد بها إحياء سلطة جاء بها المستعمر لتقوم بتنفيذ خططه عبر مشروع الدولتين الذي يعطي جل فلسطين ليهود، إن تلك الإجراءات والحلول تريد أن تجعل أهل فلسطين ممولين للمشروع الغربي في بلادنا، فبعد أن عصفت الأزمات الاقتصادية بالغرب المستعمر الممول للسلطة الفلسطينية كأداة لمشاريعه، يريد الغرب وكيان يهود أن يجعلوا من أهل فلسطين ممولين لسلطة تحمي كيان يهود عبر فرض مزيد من الضرائب والأتاوات وزيادة الأسعار على أهل فلسطين .
وتأتي  تلك الحلول الاقتصادية  على شكل وصفة لتهجير أهل فلسطين من ديارهم وتفريغ ما تبقى من أرض فلسطين من أهلها، والسلطة إذ تشهر سيوفها أمام أهل فلسطين لتحاربهم في اقواتهم وأقوات عيالهم وتجبي الضرائب لتمول الاجهزة الأمنية التي لا تصد يد لامس ولا تقف أمام معتد على شجرة وليس لها عمل إلا  المحافظة على أمن يهود، إنها إذ تقترف تلك الآثام إنما تعلنها حربا على أهل فلسطين لتهجيرهم و تحطيم عزيمتهم للقبول بتنازلاتها الخيانية.
ألا فلتعلم السلطة ورجالها ومستشاريها أن أهل فلسطين ليسوا مجبرين على تمويل المشروع الغربي الأمريكي الذي تحرسه السلطة الفلسطينية وليسوا مجبرين على دفع الأتاوات لقطاع الطرق تحت مسمى "الضابطة الجمركية"، وليسوا أقنانا يعملون بالسخرة  في مزارع رجال السلطة المتخمين مما يجنونه من الاحتكارات ووكالات الشركات العالمية  والماركات التجارية هذا غير الاختلاسات، وليسوا خونة ليدفعوا للأجهزة الأمنية ثمن حراستها لكيان يهود ومستوطنيه .
فأهل فلسطين عندما ضجوا تحت قسوة كيان يهود وقمعه وقتله وتعذيبه، لم يضجوا ولم يتظاهروا ويحتجوا وينتفضوا في وجه كيان يهود من أجل لقمة العيش أو قسوة المعيشة فقط، بل انتفضوا لعز مفقود ولمقدسات انتهكت ولدماء أريقت، وصبروا في ذلك على ضنك العيش والتضييق والاجتياح والاعتقال والهدم والنفي والقتل .
ولكن أهل فلسطين لن يصبروا على سلطة تحاربهم ليل نهار، وتسلمهم  لقمة سائغة  لكيان يهود تحت مسمى "المشروع الوطني"، فقد أن الأوان ليرفع هؤلاء الطغمة أيديهم عن أهل فلسطين وعن قضية الأرض المباركة، لتعود لأحضان الأمة قضية مركزية لا حل لها إلا بالتحرير الكامل من خلال جيوش المسلمين.


(وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا )
4-9-2012