نشرت وكالة معا أن مجموعة من الأكاديميين الفلسطينيين في القدس والضفة الغربية وقطاع غزة دعت رئيس جامعة القدس "للتوقف عن التطبيع الأكاديمي"، بعد ما كُشف النقاب عن مشروع أكاديمي "إسرائيلي-فلسطيني" مشترك بعنوان "تعزيز التفاهم بين الثقافات"، وذلك ضمن وحدة "الأبحاث الفكرية في العالم الإسلامي" بجامعة برلين الحرة في ألمانيا، وهو يتضمن "لقاءات فكرية" بقيادة أكاديميين فلسطينيين وإسرائيليين وأمريكيين. واعتبر الأكاديميون هذا المشروع تطبيعياً يخالف قرار مجلس التعليم العالي، الذي يمنع "التعاون الفني والأكاديمي" بين الجامعات الفلسطينية والإسرائيلية حتى ينتهي الاحتلال، وأنه يخرق معايير المقاطعة الأكاديمية لإسرائيل.

وهذا الخبر يتطلب وقفات فكرية وسياسية لكشف مضمونه، وللمساهمة في توجيه محاربة التطبيع نحو وجهتها الصحيحة، وللتصدي لمحاولات التخريب السياسي والتلويث الثقافي:

o        هنالك خلط في الأعمال السياسية فيما يتعلق بالعلاقة مع الاحتلال، ولا بد من التمييز بين المقاطعة وبين مقاومة التطبيع، إذ إن محاربة التطبيع تقضي رفض أي شكل من أشكال العلاقات مع الاحتلال حتى يتم خلعه من جذوره والقضاء على كيانه الباطل، أما دعاوى "المقاطعة الأكاديمية" فهي مجرد برنامج تكتيكي محدد للضغط على كيان يعتبره المقاطع شرعيا وطبيعيا، وتتم كإجراء مؤقت حتى الانسحاب لحدود 1967 والخضوع للشرعية الدولي.

o        إن القضية مع الاحتلال اليهودي المجرم –في وعي الأمة- ليست مجرد "كنسه" أو "إنهائه" عن الأراضي المحتلة عام 1967، بل هي حرب عسكرية حتى خلعه عن كامل أرض فلسطين والقضاء على وجوده تماما، دون أي علاقة معه. ولذلك يتوجب الحذر من دلالات التصريحات السياسية، ومحاسبة من يطلقها إذا تمحورت حول كنس الاحتلال إلى حدود 1948، لأنها في الحقيقة تصب في خانة الاعتراف بهذا الاحتلال ولو جاءت في سياق "التمرد" عليه.

o        يضاف إلى جريمة التطبيع في هذا المشروع، أنه يسعى إلى التقارب بين الثقافات مما هو مفضوح في أجندات المانحين من محاولة تمييع الإسلام وخلطه بالرأسمالية، وصرف الناس عن حمل الإسلام حملا سياسيا يقود المسلمين نحو التحرر من الهيمنة الغربية ونحو التخلص من الاختراق الثقافي، ونحو استعادة البريق الحضاري للأمة الإسلامية.

خلاصة الموقف أن مقاومة التطبيع تقضي رفض أي شكل من أشكال التعامل مع المحتل ورفض الاعتراف بدولة الاحتلال على أي جزء من أرض فلسطين، إلا أن مجرد "مقاطعة إسرائيل" هي عمل سياسي يقوم على الاعتراف بوجودها مع الاحتجاج على تصرفاتها. ثم إن إنهاء الاحتلال يعني كنسه عن الأراضي المحتلة عام 1967، أما غاية الأمة فهي القضاء على كيان الاحتلال اليهودي تماما.

"وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا"

28/8/2012