تعليق صحفي

إخراج "نصف الثورة السورية" ... مؤامرة تتجدد!

توالت أخبار تشكيل الحكومات المؤقتة في ظل تنافس فصائلي بين أطراف المعارضة السورية خلال الأيام الماضية، إذ أعلن المجلس الوطني أنه يجري مشاوراته لتشكيل حكومة مؤقتة (العرب اليوم 28/7/2012). وبعد أيام، تم في القاهرة الإعلان عن تشكيل مجلس أمناء الثورة كائتلاف معارض جديد، وكلّف هيثم المالح بتشكيل حكومة سورية انتقالية (بي بي سي 31/7/2012)، فيما اعتبر الجيش السوري الحر على لسان القائد رياض الأسعد أن ذلك يهدف "لإرضاء الخارج وضرب الداخل بعضهم ببعض وتفكيك يد الشعب الضاربة والمتمثلة بالجيش السوري الحر" (الجزيرة 1/8/2012(

من الواضح أن نظام بشار يتهاوى، وأن القوى الدولية تتدافع حول تحديد معالم مرحلة ما بعد بشار، وقد فشلت محاولات أمريكا في إعطاء المهل لنظام بشار المجرم للقضاء على الثورة السورية، وتتجه المؤامرة الآن نحو الالتفاف على الثورة من خلال تحديد مرحلة ما بعد بشار عبر مؤامرة تشكيل الحكومة المؤقتة أو الانتقالية، ليضمن الغرب عدم اكتمال الثورة السورية نحو التغيير الجذري وإيصال الإسلام إلى الحكم.

وقد سبق للغرب أن نجح في إيقاف الثورة المصرية (ومن قبلها التونسية واليمنية) عند حالة "نصف ثورة"، وتمكّنت أمريكا في مصر من الحفاظ على نفوذها عبر ترسيخ هيمنة المجلس العسكري. وقد كشف تشكيل الحكومة المصرية الجديدة، أن أمريكا تسمح "للإسلاميين" بتسلّم الشؤون الإدارية، فيما تحفظ النفوذ السياسي في أيدي رجالاتها من خلال الإبقاء على وزراء المجلس العسكري في الوزارات السيادية. وهو نموذج قابل للتكرار كلما أسقطت الأمة مستبدا.

ولذلك حري بأبطال الثورة السورية أن يحبطوا مؤامرة إخراج "نصف الثورة السورية"، وأن يرفضوا كلّ ما يتمخض عن تحالفات وائتلافات تطبخ في العواصم العربية والعالمية، والتي لا تتم إلا ضمن لعبة العلاقات الدولية، لأنها كلها برامج تحفظ للغرب مصالحه وهيمنته، وتمنع من إيصال الإسلام إلى الحكم، ولو سمحت بإسقاط رموز الاستبداد، وتسليم بعض الشؤون الإدارية للمتسلّقين على أكتاف الثوار من اللاهثين للمناصب والمكاسب

إن القضاء على الاستبداد والقبول بلعبة الديمقراطية هو الحل الأمريكي للثورات، أما الحل الإسلامي فيتلازم فيه القضاء على الاستبداد مع إبطال زيف الديمقراطية وتطبيق الإسلام في دولة تجمع الأمة وتوحدها تحت ظل خلافة على منهاج النبوة، تعيد تشكيل وجه الأرض وتغيّر قوانين "لعبة الأمم".

وهذا المشروع الرباني لا يمكن أن يلتقي مع مصالح الغرب ولا مع من يسيرون في ركاب الغرب، لذلك من الواجب على ثوار سوريا أن يلتفوا حول المخلصين من جند الشام الذين يكبّرون ويرفعون رايات الإسلام، ويعلنون أنهم يتحركون لأجل الإسلام، وأن يقفوا بالمرصاد لكل محاولات الأعداء والعملاء للالتفاف على الثورة عبر مجالس سياسية ترتع في أحضان الغرب، وعبر تشكيل حكومات انتقالية تحمل مشروعات الغرب، ثم تلد رجالات يحفظون نفوذه.

إن الإخلاص دون وعي لا يكفي، وإن اكتمال الثورة لا يتحقق بدون ربط الثورة بغاية الأمة من استئناف الحياة الإسلامية، والعمل على تحقيق مصالح الأمة الحيوية من الوحدة والتحرر وتطبيق نظام الإسلام، لتكون ثورة حتى الخلافة.

5/8/2012