تعليق صحفي

شهداء أرقام أم أحياء عند ربهم يرزقون

مع أجواء الفخار والعزة المختلطة بالحزن والتي غمرت اليوم كلا من الضفة وغزة وأهالي الشهداء الذين اختطفت جثامينهم قطعان يهود، وغيبتهم لسنين وعقود، وتم تسليم بعضها اليوم في كل من الضفة والقطاع، وفي خضم ذلك المشهد فإننا نؤكد على الأمور والحقائق التالية:

إن تسليم جثامين الشهداء الذين اختطفهم كيان يهود فيما أسموه مقابر الأرقام إنما يؤكد على حقيقة العلاقة القائمة بين أهل فلسطين والمسلمين جميعا من جهة ومع كيان يهود من جهة أخرى، وعلى طبيعة الصراع بيننا وبينهم بأنه صراع عقدي يتمثل في إجرام كيان يهود مع الأمة الإسلامية، وفي اغتصاب أرض المسلمين فلسطين، و إهانة أحيائهم وأمواتهم، وكيف لا وهم قتلة الأنبياء على مدار التاريخ.

أن ما ترجوه أمريكا وربائبها في كل من السلطة الفلسطينية والنظام المصري الذي ائتمر بأمر أمريكا في إنجاز صفقة تسليم جثامين الشهداء كبادرة حسن نية تجاه عباس وسلطته المتآكلة  ونفخ الحياة في السلطة الفلسطينية ورئيسها الكهل عباس، إنما هو جرعة إنعاش لن تنقذ تلك السلطة من غضبة الأمة لاستمرارها في التفريط بفلسطين وأهلها.

هذه الصفقة التي جاءت لرفع أسهم  سلطة عباس حامية كيان يهود، وكأنها ستحيي الموات من الرميم، لن تنفع قادة تلك السلطة الذين فرطوا في الأحياء والأموات من أهل فلسطين وهم ينسقون مع يهود لحماية أمنهم، بل إن مشهد رفات الشهداء لن يزيد أهل فلسطين إلا إصرار على رفض كل تعامل مع يهود أو أي خدمة أو اتفاق يضيع فلسطين ودماء أبنائها البررة، بل إن أهل فلسطين وهم يرون رفات شهدائهم ستشتعل عندهم جذوة الانتقام ممن أهان شهداءهم وأحياءهم، لتلتقي في ذلك إرادة أهل فلسطين بإرادة الأمة خارج فلسطين في حراك لا زال يغلي ويرمي عملاء الغرب من الحكام الطواغيت بشرر سيزيلهم عاجلا غير آجل لتلتقي الأمة على أمر قد قدر خلافة راشدة على منهاج النبوة.

إن في رفات هؤلاء الشهداء، لعبرة لقادة الحركات الفلسطينية التي تجتمع في دهاليز أجهزة المخابرات المصرية "ذراع أمريكا"، لإنجاز مصالحة تضمن القبول به ككيان غاصب وتقرب تلك الفصائل أكثر وأكثر من الاعتراف بهذا الكيان، فإن كانت تلك الفصائل وقادتها جادة في إنجاز مصالحة فإن في رفات أولئك الشهداء ما يذكرهم بالأساس الذي يجب أن تقوم عليه المصالحة، مصالحة على أساس رفض جميع الاتفاقيات التي عقدتها السلطة ومحاربة الاحتلال بعد استنفار جيوش الأمة لتحرير فلسطين كاملة هذا لو كانوا يتدبرون.

ما كان للنظام المصري ومخابراته التي سعت في إنجاز تلك البادرة تجاه عباس لنفخ الحياة في عظام السلطة وهي رميم، أن يمسكوا بملف قضية فلسطين لا هم ولا غيرهم من المفرطين الخانعين الذين ستلفظهم الأمة عما قريب لولا تواطؤ الفصائل معها.

31-5-2012