تعليق صحفي

ما لم يحرر المسرى فأهل فلسطين كلهم أسرى

يخوض الأسرى الأبطال في سجون كيان يهود صراعا مع سجّانيهم للحصول على أبسط حقوقهم، فالإضراب عن الطعام والتعرض للضرب والاعتداء الوحشي والعزل الانفرادي باتت أحداثا يومية في حياة الأسرى.

ويزداد هذا الصراع المرير قساوة على الأسرى وذويهم وعلى أهل فلسطين عامة وهم يرون فلذات أكبادهم يقاسون العذاب والذل على أيدي يهود الجبناء دون أن يروا تحركاً حقيقاً لفك أسرهم أو العمل على إنهاء مآسيهم.

فتعاطي السلطة مع مأساة  الأسرى اٌلحق بطريقة  التفكير العقيمة التي انتهجتا السلطة مع كيان يهود المغتصب، في تقزيم قضية الأرض المباركة من قضية أمة أحتلت أرضها إلى قضية "شعب يسعى إلى استعادة حقوقه" إلى قضية فصائلية ضيقة إلى قضية تمويل أجنبي لإقامة بلدية كبيرة.

فأصبحت بذلك قضية الأرض المباركة والاحتلال مجموعة من القضايا والمشاكل الإنسانية والحياتية التي لا تحل إلا بالتفاوض مع كيان يهود، وأٌلحقت قضية الأسرى في ظل تفكير السلطة العقيم بقضية المعابر والحواجز والمياه والمستوطنات، ليصبح الأسرى مجرد بند على طاولة المفاوضات التي اعترف أهلها بفشلها وعقمها، وهي بلا شك النتيجة الطبيعية لانسلاخ منظمة التحرير عن الأمة وعن الرؤية الشرعية للحل.

ان التلكؤ في إرجاع قضية الأرض المباركة إلى أحضان الأمة الإسلامية لا يعني إلا الاستمرار في مسارات التسوية والمفاوضات المحرمة وتثبيت أركان كيان يهود، والإبقاء على "مدافن الأحياء" يتناوب على العيش فيها شباب فلسطين وشيوخهم كأسرى تتبادلهم الأجهزة الأمنية في السلطة وكيان يهود، وستبقى تلك حال أهل فلسطين ما دامت قضية الأرض المباركة رهينة بيد زمرة مرتبطة بالمشاريع الاستعمارية ومتورطة في العمل على حفظ أمن كيان يهود واعتقال كل من يفكر بالمساس به.

إن معاناة الأسرى في سجون كيان يهود خاصة وأهل فلسطين عامة لن ترفع إلا باقتلاع هذا الكيان الغاصب، عبر الرؤية الشرعية للحل المتمثل في وجوب العمل على تحرير الأرض المباركة كاملة دون  نقص، ولن يتم ذلك إلا بإرجاع قضية أرض فلسطين المباركة إلى أحضان الأمة الإسلامية والتعاطي معها على ذلك الأساس.

إن مجرد إرجاع الصراع مع كيان يهود إلى سياقه الطبيعي والتعاطي مع قضية الأرض المباركة من منظور الرؤية الشرعية للحل سيجعل الصراع محتدما وعسكريا وسيقزم كيان يهود ويضعه في حجمه الميكروسكوبي أمام الأمة وسيبقى الأسرى في دائرة الضوء، بدل نسيانهم وتواريهم في ظل صراع فصائلي على سلطة وهمية أدخل القضية في نفق مسارات الإثم التفاوضية والحلول السلمية التي لا مكان فيها لكل من أساء لكيان يهود ولا صوت فيها لكل من قارعهم ويبيت الآن على "ابراش" السجون.

وإن الأمة الإسلامية لا بد لها -وهي على طريق استعادة سطانها المسلوب بإقامة  الخلافة الراشدة الثانية- أن تطّلع بمسؤوليتها أمام الله وأن تعمل على تحرير مسرى رسولها الكريم عليه السلام، وتحرر أهل فلسطين عامة والأسرى في سجون يهود خاصة، وبذلك تعود المقدسات ويرفع الظلم والذل عن أهل فلسطين ...وما ذلك على الله بعزيز .

3-4-2012