شخصيات من حركتي "فتح" و"حماس" ومسئولين "إسرائيليين" شاركوا
في ورشات عمل نُظمت في قلعة سويسرية ناقشت عملية السلام.
 
نشرت صحيفة القدس خبراً مفاده أن "مؤسسة القرن المقبل" التي تتخذ من لندن مقرا لها بالاشتراك مع "مبادرة التغيير" السويسرية، عقدت ورشات عمل لبحث أفضل السبل لدفع عجلة السلام في منطقة الشرق الأوسط نُظمت في قلعة سويسرية معزولة وبحضور مسئولين من حركة "فتح" وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) ومسئولين "إسرائيليين" إضافة إلى وجوه دبلوماسية وسياسية من المنطقة وأوروبا. وأرسلت تقارير عن نتائج هذه الورشات إلى وزراء الخارجية العرب وعدد من الوزراء الأوروبيين.
واستمرت الورشات ثلاثة أيام توصلت فيها المجموعات التي كانت تناقش قضية الشرق الأوسط بمن فيهم الإسرائيليون، إلى قناعة مفادها بأن مبادرة السلام العربية التي تبنتها قمة بيروت عام 2000، التي لم تحظ بالاهتمام كثيرا في "إسرائيل"، هي أساس للمفاوضات وأن هناك حاجة لإقناع الرأي العام "الإسرائيلي" بأن المبادرة تمثل فرصة لا تهديدا.
 
إن من يتابع حجم الانشغال الدولي بصعده المختلفة بقضية فلسطين وما يتصل بها يدرك أن قضية فلسطين يتم تناولها- لدى القوى الفاعلة والمؤثرة في الموقف الدولي- باعتبارها قضية أمة لا باعتبارها قضية وطنية أو مجرد قضية شعب محتل ومنعزل عن بقية شعوب المنطقة، وهم يدركون ما مثلته وتمثله قضية فلسطين في وجدان الأمة الإسلامية بأسرها وذلك بارتباطها بعقيدة المسلمين كون فلسطين تضم بين جنباتها المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين مسرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم،
 هذه النظرة التي سعى مراراً وتكراراً العاملون في الحقل الفلسطيني- تضليلاً- إلى نفيها وتكريس جزئية و"وطنية" هذه القضية ونفي جذورها الإسلامية بجعلها مقتصرة على أهل فلسطين دون سواهم وما ذلك إلا لغرض تمرير مخططات للمنطقة أحكيت في واشنطن أو لندن، ولولا أن هذه النظرة قائمة لدى القوى الغربية الاستعمارية لما كان الانشغال والاهتمام بهذه القضية بهذا الحجم ولما احتلت موقعاً طلائعياً في قضايا العالم.
إن مؤسسة القرن القادم وشبيهاتها من المؤسسات تضطلع بعبء تكوين قاعدة بيانات عن قضايا العالم المتعددة وتوجهات أطراف تلك القضايا بين الفينة والأخرى وتقوم بتزويد القوى الدولية بتلك البيانات وبالتغذية الراجعة للسياسات المنتهجة لتستخدم في رسم السياسات الأنجع وفق الرؤية الغربية للقضايا العالمية سيما تلك المتصلة بالأمة الإسلامية، وبالتالي فإن المشاركة في هذه الورشات هو فعل مستنكر أيما استنكار ولا يشفع له مشاركة البعض بصفته الشخصية أو الأكاديمية "كما صرح أحد مسئولي حماس في نفس الخبر المذكور" أو عدم التقاء المشاركين بالمسئولين "الإسرائيليين" وجهاً لوجه، فورشات كهذه لا هم لها سوى دراسة الأساليب والوسائل التي تمكن الدول الغربية من تنفيذ مخططاتها للمنطقة،
إن التوصل إلى ضرورة دعم ما يعرف بمبادرة السلام العربية يؤكد غاية هذه الورشات وغرضها السياسي وهو دعم الخط السياسي الغربي والأمريكي منه على وجه الخصوص وهو ما عبرت عنه نتائج هذه الورشات بتوصياتها بتشكيل لجان عمل لتسويق المبادرة الأمريكية والمسماة بالمبادرة العربية للسلام،
ويذكر أن مؤسسة حكماء العالم والمكونة من مجموعة من رؤساء دول سابقين وزعماء عالميين( في مقدمتهم جيمي كارتر) قررت القيام بجولة في بلدات "إسرائيلية" وفلسطينية عدة، للمساهمة ـ كما قالوا ـ في بناء قاعدة شعبية مساندة لعملية السلام في صفوف الشعبين "الإسرائيلي" والفلسطيني. وهذا يأتي في سياق تطلع القائمين على السياسة الغربية بضرورة تغيير نمط التفكير الذي يرفض وجود كيان لليهود في فلسطين عقائديا وضرورة تحول القضية من منطلقاتها الفكرية والعقائدية إلى منطلقات سياسية قابلة للأخذ والرد وذلك لأجل تحقيق إنجازات وتنازلات.
ويذكر أيضاً أن كارتر كان قد قام بجولات سابقة استطلع فيها الآراء سيما آراء قادة حركة حماس حول الحل السلمي وتوجهات الحركة واستطاع كارتر أن يسوق لفكرة حل الدولتين لدى قادة الحركة تحت مسمى إقامة دولة فلسطينية في حدود الأراضي المحتلة عام 67.
إن الحقيقة التي تزداد وضوحاً يوما بعد يوم أن اللعبة السياسية في العالم اليوم هي مستنقع قذر وأن كل من يرضى الانخراط في هذا المستنقع لن يعود يخشى النجاسة علاوة على البلل، لذا كان على كل مخلص في فلسطين وغيرها أن يتبرأ من الطبقات السياسية الحاكمة بشتى أطيافها وأن لا يقبل مجرد وجودها في سدة حكم سقفه الاحتلال ومظلته الأمم المتحدة وقوانينه الشرعة الدولية، وكان واجب كل مسلم غيور على دينه وأمته أن يسعى لتغيير موازين اللعبة السياسية بتغيير موازين القوى عبر إقامة الخلافة الإسلامية التي ستحرر فلسطين كاملة وبقية بلدان المسلمين المحتلة وستقتلع نفوذ القوى الغربية الاستعمارية من بلاد المسلمين بصورة جذرية وتنهي عبث هؤلاء وتحكمهم في مصير المسلمين والبشر.
25-8-2009
4 رمضان 1430 هـ