تعليق صحفي

حذار يا نواب المجلس التشريعي في غزة أن تبارزوا الله في سلطانه؟!

أقر المجلس التشريعي في غزة بعد أكثر من عام قانون نقل الأعضاء البشرية وزراعتها بالقراءة الأولى دون أن يتم نشر القانون بقراءته في الجرائد أو على الموقع الالكتروني للمجلس التشريعي. واللافت للنظر أنّ موضوع القانون احتاج إلى أكثر من عام، فقد عُقد في شهر ديسمبر من العام الماضي 2010م ورشة العمل الثالثة لمناقشة المشروع، وبعد منتصف شهر نوفمبر 2011م الجاري تم إقرار القانون وبقراءته الأولى.

إن للإسلام طريقة ثابتة في معالجة مشاكل الحياة وسن القوانين، ألا وهي فهم المشكلة الواحدة فهما دقيقا، ثم دراسة جميع النصوص الشرعية المتصلة بها، ثم استنباط الحل من تلك النصوص. وحين البحث في استنباط الحكم الشرعي لا يصح أن نفكر في المصلحة، ولا في الضرر، ولا في رأي الناس، ولا في أي شيء غير الاستنباط للحكم الشرعي، وهذا ما يخالف الغرب في طريقتهم لحل المشاكل وسن القوانين، فالغربيون جعلوا السلطة ثلاث سلطات وفصلوها عن بعضها، وجعلوا السلطة التشريعية لمجالس تشرع على أساس رأي الأكثرية من الناس، وصار سن القانون يخضع لعمليات مطولة معقدة ويحتاج إلى صولات وجولات وسنوات من الاجتماعات واللجان وصارت السيادة للناس، فما وافق عليه الناس هو الذي يتم إقراره وما خالف رأيهم لا يتم إقراره.

ولما قلّد حكام المسلمين الغرب في ديمقراطيته ومجالسه التشريعية أقصوا شرع الله وجعلوا له دورًا هامشيًا، فأحسنهم حالا يشرع بأهوائه وعقله ثم يحمل الشرع ما خلص إليه من خلال تأويله، وهو ما يعتبر تشريعا من دون الله وتركًا لكتاب الله وراء ظهورهم، كما هو الحال في الدستور والقانون الذي تحكم به سلطتا رام الله وغزة.

فالأصل عند المسلمين أن ينبذوا فكر الغرب وطريقة حياته المبنية على العلمانية والكفر، فهنا على سبيل المثال في هذه القضية وهي نقل الأعضاء نضع بين أيديكم تشريعا مستنبطا من الإسلام باجتهاد صحيح دون المرور بطريقة الغرب في التشريع أو التأثر بها، وهو جواز أن يتبرع المرء في حياته بأعضاء من جسمه لشخص آخر يكون في حاجة لذلك العضو، بشرط ألا يكون العضو المتبرَع به مما تتوقف عليه حياة المتبرع فيقتل نفسه، أو مما يؤدي إلى العقم أو مما يؤدي إلى اختلاط النسب. وحرمة نقل الأعضاء بعد انتهاء الحياة من إنسان، فالميت لا يملك جسمه بعد موته، ولا يملك التوصية به فهو ليس كالمال يرثه الوارثون، كما لا يجوز التعدي على حرمة الميت معصوم الدم بشق بطنه أو كسر عظمه وما شابه.

بهذه الطريقة، وهي الاجتهاد الشرعي يجب أن يتبنى المسلمون معالجات للقضايا وليس بالآلية والمرجعية التي يسير عليها الغرب، فعلى نواب المجلس التشريعي في غزة أن يحذروا كل الحذر من مبارزة الله في سلطانه، فكفي بهم إثما أن قبلوا أن يكونوا جزءا من سلطة تحت الاحتلال، وتحكم بغير ما أنزل الله، فليتقوا الله في أنفسهم وفيمن ورائهم، فلا يشرعوا لهم ما يغضب الله ويستجلب عقابه.

إن الله تعالى أنزل الكتاب هدى ونور، فمن أخذ به أخذ بنور من الله، يسير به في ظلمات الحياة وخباياها دون أن يضره شيء، ومن أخذ بغيره تاهت به دروب عقله وهواه وأصابه الضنك وأحل قومه دار البوار.

(.... فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى، وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى)

18/11/2011